بكاه:حسين سعد
مساء الجمعة الموافق 18 نوفمبر الحالي،اجريت مكالمة هاتفية مع القيادي بتحالف المزارعين حسبو ابراهيم لتذكيره بفعالية تكريم وزير الري الاسبق المهندس يحي عبد المجيد المقرر لها صباح ومساء السبت 19 نوفمبر الجاري،وقبل ان أكمل السلام والتحايا أفجعني عمو حسبو بقوله لي يا حسين (ابراهيم محي الدين مات) حينها صمت الحديث بيننا عبر الهاتف لقرابة الدقيقة قبل ان نردد معا وبصوت حزين (لاحول ولا قوة الا بالله) وبكلمات قوية من عمي حسبو ذلك الرجل المصادم والذي خبرته السجون لجسارته والساحات والليالي السياسية متحدثا ومدافعا قويا عن تحالف المزارعين، ولتخفيف هول الصدمة والرحيل المر لشخصي جراء فاجعة رحيل ابراهيم محي الدين ظل حسبو يعدد لي ماثر المناضل الجسور ابراهيم محي الدين ويذكرني في ذات اللحظة عن المسيرة التي تنتظرنا،حسبو كان يعرف بأنني وابراهيم محي الدين تجمعنا المعيلق المدينة العريقة مسكنا وموطنا وتاريخا مشتركا ويجمعنا تحالف المزارعين بالقسم الشمالي،عرفت (عمي ابراهيم) طوال مسيرته الناصعة من النضال المشرف في اوقات الخزلان والانكسار لكنه كان كالجبل الاشم،مناضلا لايهاب الطغاة وعندما كنت أتحدث معه في أخر زيارة لي في منزله في المعيلق في الاسبوع الاولي من نوفمبر الماضي قبل سفره الي قاهرة المعز للعلاج،كان صوته خافضا لكنه كان حاضرا ومرتباً كما عهدته،وفي تأبين القيادي بتحالف المزارعين بابكر نصر كان (عمي ابراهيم) شعلة من النشاط وكنت معه وقيادات التحالف نقف علي كل كبيرة وصغيرة خاصة استقبال الضيوف واعداد معرض التحالف وتقديم المتحدثين (عمي ابراهيم) كان مزارعا ومناضلا من الطراز العنيد،أسست معه وجاد كريم حمد الرضي ورفاق آخرين تحالف المزارعين بالقسم الشمالي بالجزيرة وعندما تكون لدينا فعالية في الخرطوم كان (عمي ابراهيم) يهاتفني ليلا لانتظاره في الميناء البري بالخرطوم حتي نذهب مع بعض وعندما تكون الفعالية في الحصاحيصا او مدني او المناقل وحال اعتذاري بسبب ارتباطي بالعاصمة أوعملي الصحفي كان يقول لي (عاين ليه اعمامك وابواتك ديل شايلين الشيلة دي كيفن في ظروف لئيمة وتخاذل الاخرين معددا لي مسيرة الابطال من شيخ الامين ويوسف احمد المصطفي ومحمد حمدنا الله والهميج وبابكر نصر) ساعتها اترك كل شي معتذرا عن اي التزام بالخرطوم،ومن الصباح الباكر اقطع التذكرة حتي اكون مع قيادات التحالف من المزارعين ونحن داخل (البرينسات المعروشة) التي تطوف بنا ترع وكنارات المشروع (عمي ابراهيم) ذلك الاتحادي العريق كان لا يساوم في ما يراه حق وعدالة، وفي انتخابات 2010م وعندما دفع الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل بعمي ابراهيم مرشحا له للمجلس الوطني دفعت الحركة الشعبية بشخصي مرشحا لها في الدائرة (2) المعيلق وفي تدشين حملتي الانتخابية بالمعيلق قدمت (عمي ابراهيم) متحدثا في الندوة الجماهيرية الحاشدة التي حضرتها جماهير منطقة المعيلق (قرية قرية وكنمبو كنمبو) وعندما كانت الجماهير تهتف عاليا (الدائرة اثنين ولدنا حسين ) كان يردد معهم ذات الهاتف وبالرغم من حساسية الفوز بالمنصب الا ان روح التنافس كانت غائبة بيننا فكان الهم العام والقضية الواحدة حاضرا بيينا وهو ما يدفعنا لتنسيق المواقف لاجل(انسان المنطقة اي كان شكله ولونه وعرقه ووظيفته وقريته اوالكنبمو الذي يقيم فيه) دخل (عمي ابراهيم) مسيرة النضال والعمل الثوري مع الراحل الشريف حسين الهندي،وطوي مراحله المختلفة،وكان وفياً وشجاعاً تذوق مرارة الحياة أشكالا، لكنه لم يهدء من نضاله ثانية واحدة وعانى مضايقات الاعداء بكافة ألوانها لكنه صمد صمودا مشرفاً مقدماً نموزجاً باهراً وكان رمزا في النضال والصمود.فاليوم لا أبكي(عمي ابراهيم)بل اقول له كما قال شاعر الشعب محجوب شريف(تبكيك الحروف كيف والبيوت مفجوعه–كان دخري الغلابه ولقمتن في الجوعه)فاجعة رحيل (عمي ابراهيم) ذكرتني بمناضلين مروا ذات يوم بهذه الفانية، ولعبوا أدوارهم في الدفاع عن قضايا المزارعين ، ثم رحلوا، واليوم نحن في تحالف المزارعين وابناء المزارعين اصبحنا ايتام برحيل (عمي ابراهيم)وفقدنا واحداً من انشط القيادات حيث كانت له ادوار اجتماعية كبيرة كان يقوم بها بمحبة عالية وتكتم وسرية متينة (عمي ابراهيم) كان صوت لمن لا صوت لهم، وكان الصديق الناصح والمدافع عن المحرومين،وكان الاب الحنون والبوصلة أمام التائهين. (عمي ابراهيم) للمرة الاخيرة دعني اطلب منك وانت ترقد هناك بالسماح لي بالبكاء الصادق لرحيلك من خلال القلم والدموع فحياتك الشجاعة يجب ان تحكي لاجيال واجيال بذات الجسارة والانبهار ولوعة الفراق.(عمي ابراهيم) لم تعد لدي كلمات للتعبير عن ألمي ولم تعد لدي دموع لامحو بها هذا الاسي،ولم يعد لدي صوت للتعبير عن ثورة الحزن بداخلي،(عمي ابراهيم)لقد رحلت لكنك لم تمت بل تركت فينا (هوة) يصعب ردمها. فحياتك كانت تاريخ ناصع من الكفاح، وموتك كان بطوليا، وتضحياتك مقدسة، وكذلك ذكراك ستظل بيينا أبدية.(عمي ابراهيم)لن تكون معنا في الموعد الكبير مع أحلامنا في تحالف المزارعين،لكنك ستكون حاضرا في ذاكرتنا،فأمثالك لايموت أبدا ستبقي الي الابد محفورا في القلوب،شامخا مثل جبل مرة وإهرامات البجراواية وجبل البركل وجبال توتيل وجبال النوبة وخيران وغابات النيل الازرق ومثل مقرن النيلين،ومشروع الجزيرة والمناقل؟واليوم ونحن داخل (صيوان العزاء) بالمعيلق لا نعرف لمن نقدم التعازي لاسرتك أم لاهلنا في المعيلق وقري الحلاويين والكاملين والخرطوم ام للمزارعين والعمال الزراعيين الذين احبوك؟لمن ياتري؟ (عمي ابراهيم) يا والداً أحبنا–يا من وهبت قلبنا–ثباتك الأصيلا–إليك رغم أنف كل بندقية–إليك الحب والسلام والتحية. يابا مع السلامة،(عمي ابراهيم) أرقد بسلام ومطمئناً فنحن نقول لك وبالصوت العالي (ماشين في السكة نمد من سيرتك للجايين)(عمي ابراهيم) وانت ترقد رقدتك الابدية نقول لك وبالصوت العالي (نقسم بأننا سنسعى من أجل مواصلة كفاحك من أجل تحالف قوي للمزارعين نم إذن، في هدوء، فنحن لن ننساك أبدا) أخيرا (عمي ابراهيم)دعني أقول لك كما قالت حبوبتك رقية بنت محمد امام اخت البطل عبد القادر محمد امام (ودحبوبة) (بتريد اللطام-أسد الكداد الزام-هزيت البلد من اليمن للشام)