بقلم/موسى بشرى محمود على-26/12/2020
يقول المثل الشائع عندنا«من رأى ليس كمن سمع»! أعتقد جازماً بان المثل وجد موقعه من الاعراب فى أدبيات بنت عدنان ولغه الضاد.
ما خطه قلمى بين هذه السطور ليست بقصه من صنع أو نسج الخيال ولكنها تجربه عمليه ذاتيه ضحيتها كاتب هذه السطور.
«01»
-ماذا حدث وأين كانت الواقعة؟»-
فى منتصف ليل الأحد 13/12/2020-معسكر غاو-بعثة الأمم المتحدة فى مالى-الميونسما-«MINUSMA»-شمال مالى.
بعد فراغى من كتابة إحدى المقالات-«لا للخروج المبكر لليوناميد» ونشره وإرساله إلى المواقع الإخبارية الإلكترونية خالجنى احساس ملىء بالارهاق والآلام فى الأطراف مع صداع خفيف بعض الشىء.
تناولنا عشاءنا سويا” مع ثلاثتنا من السودانيين وزميله لنا من تونس.
أستأذنتهم بالمغادرة لأننى أعانى من أعراض بعينها وتوجب على أن أذهب لأصلى العشاء وأخلد بعدها للنوم مباشره.
أوصلنى زملاىء بالسيارة وتركونى وشأنى.
فى منتصف الليل شعرت بارتفاع شديد لى فى درجات الحرارة فقمت باستخدام حبه بنادول 500 ملغم من صندوق الإسعافات الأولية المتواجد لدى فى غرفتى.
لحد الصباح تصاعدت وتيرة الصداع والآلام الأطراف بالإضافة إلى سخانه تحت الأرجل.
فى تقديرى كان الأمر سهلاً بعض الشيء ووضعت احتمال لأعراض الملاريا وتوكلت على الله أن أكمل تلك الليلة وأذهب فى الصباح الباكر الى المستشفى الميدانى بداخل المعسكر.
تأخرت قليلاً إلى أن جاء منتصف نهار الاثنين 14/12 اتصلت بالطبيب لعمل مواعيد أو تحديد ميعاد للذهاب إلى المستشفى وعمل فحص للملاريا وكوفيد-19 بعد أن ساورنى احتمال أخر بأنه ربما يكون كورونا إذا لم يكن ملاريا لأن الملاريا التى تصيبنى فى السابق لاتختلف أعراضها عن التى عشتها تلك الليلة حسب تجربتي مع الملاريا.
جاءت إفادات الطبيب بأن العينات تمت أخذها من المرضى فى الفترة الصباحية ويتوجب على ارسال بعض المعلومات المتعلقة بالأعراض وبعض البيانات الشخصيه المطلوبه إلى ايميله حتى يتسنى لى التأكد للحضور للمستشفى فى صباح اليوم التالى وهو الثلاثاء15/12.
صباح الثلاثاء كنت فى الموعد وأجريت عملية اختبار/تيست للملاريا وكوفيد-19.
ظهرت نتيجه الملاريا«Negative » أى ليس هناك ملاريا No parasite seen
طلبوا منى الذهاب الى غرفتى وسيتصل بى الطبيب بإخطارى بمخرجات النتيجة.
بعد حوالى ساعتين ونصف الساعة تلقيت اتصالا” من الطبيب المعالج بأن النتيجه إيجابية-«Postive» ووجب على الحضور للمستشفى لأخذ الوصفه الطبيه اللازمه.
ذهبت مباشره للطبيب وأخذت البروتوكول الطبى المتبع هنا وهو عبارة عن «أزيزرومايسين-«مضاد حيوى»،فيتامينC،باراساتامول، وكينين حبوب 100 ملغم فرنسى الصنع فيه 60 حبه والاستعمال عباره عن بلع حبتين كل 8 ساعات أى 6 حبات مقابل اليوم الواحد بالإضافة إلى دواء شراب فى حال وجود قحه» وعلى أن أحجر نفسى ولا أخرج حتى للمطعم الذى يبعد حوالى 300 متر من موقع سكنى.
قمت فى الحال بإخطار اخوتى السودانيين وزميله لنا من الجمهورية التونسية نعمل سويا”.
بدأت باستخدام الوصفه الطبيه حسب البروتوكول مع وضع فارق زمنى بين كل دواء وأخر.
أخطرت أسرتى بالخرطوم وطلبت من الجميع عدم مشاركه الخبر مع أى شخص أخر نسبه لدواعى هول الصدمة على بعض الناس ولأننا تعلمنا فى الأمم المتحدة أن لانعطى الأمور أكبر من حجمها أو نضخمها عملا” بالقاعدة «show very low profile» بالتأكيد هناك أفراد من الأسرة والمعارف وحتى زملائى السودانيين المتواجدين فى قطاعات شتى من مكاتب البعثه المتفرقه فى«كيدال،تساليت،موبتى،ميناكا،تمبكتو،أوسونقو والمكاتب الفرعية الصغيرة أو ال« team sites» لم يكونوا على علم بما جرى لى.
قام هؤلاء الجنود السودانيين المتواجدين معى فى غاو وأختنا وزميلتنا التونسية أستاذة/عائشه كورتAicha KORT بكل ما هو واجب وأكثر منه.
رغم هول المرض وشدته لكن وقفتهم معى بجانبى وتنفيذ كل طلباتى من الأكل والشرب وإحضار أشياء ومقتنيات ضرورية فى الحال من دون من ولا أذى.
خففت لى وقفتهم البطولية والصلبه كثيرا” من عناء المرض فلهم منى جزيل الشكر والتقدير والامتنان والعرفان بالجميل.
«02»
-جنود أخرون مجهولون-
لابد من رد الجميل لهم وهؤلاء الجنود منهم من سمع الخبر مباشره منى ومنهم من سمع عبر مصدر أخر داخل ولاية الخرطوم وولايات ومدن دارفور«الفاشر،نيالا،زالنجى» ومن خارج السودان كل من المدن والدول الأتية:«المملكه المتحده,بلفورت-«فرنسا»،لونى بيرغ-مقاطعه هامبورغ-«المانيا»،كيجالى-«رواندا»،كمبالا-«يوغندا».
كانوا على اتصال معى طيله فتره الإصابة وكذلك بالدعاء والاطمئنان على صحتى كل صباح ومساء نسأل الله أن يتقبل عملهم بالجزاء الحسن من غير حساب.
«03»
-رساله مهمه لكل من ينكر وجود كورونا ويستهين به-
أريد أن أسترعى انتباهكم بعدم التقليل من شأن هذا الفيروس اللعين وأتمنى أن يصغ الجميع إلى التوجيهات الصحية والطبية الصادره من جهات الاختصاص وحذارى وحذارى ثم حذارى والمجامله.
بالنسبة للذين لم يصدقوا بعد فهذه شهادة منى بأننى قمت بإجراء فحص كوفيد 5 مرات من قبل كلها ظهرت سلبية وظهرت عندى بوستف أى ايجابيه فى الفحص السادس واليكم تفاصيل الفحوصات الطبية الخمس التى أجريتها من قبل كالأتى:
يوم13/08/2020 قمت بإجراء فحص كوفيد فى باماكو واستلمت النتيجة-نيجاتف يوم 14 وسافرت الخرطوم يوم 15 ووصلت يوم 16 بعد أوفرنايت فى أديس أبابا نسبة لإجراءات كوفيد وتقييد حركه المسافرين فى تلك الأيام.
2- الاختبار الثاني-مركز علياء التخصصى-السلاح الطبى أمدرمان-29/10-استلمت النتيجه يوم 30/12-نيجاتف-سافرت يوم 31/10 إلى كمبالا.
3-يوم 5/11 عملت فحص فى Ham Tower-مستشفى جامعة ماكريرى.استلمت النتيجة مساء 06/11 بغرض العوده للخرطوم يوم 07/11.
وصلت صباح 07/11 إلى مطار عنتبى وأضطررت لتغيير وتعديل تاريخ سفرى نسبه لاتصال طارىء وصلنى من كمبالا يختص بالغرض الذى ذهبت من أجله.أجلت الرحله وعاودت أدراجى لكمبالا.
04- بعد أن أكملت كل أغراضى عملت فحص أخر يوم 09/11 بنفس المقر-مستشفى جامعة ماكريرى باعتبار الفحص الأول مضى عليه أكثر من 72 ساعة لايصلح للسفر به.
استلمت النتيجه مساء يوم 10/11-نيجاتف.سافرت الخرطوم يوم 11 ليلا” ووصلنا صباح 12/11 نسبه لطول أمد الكونيكشن فى مطار أديس أبابا.
05-يوم 29/11 عملت فحص أخر بمركز علياء التخصصى-السلاح الطبى-تم استلام النتيجه يوم 30/11 الساعة 10 ص-نيجاتف.سافرت منتصف نهار 01/12 وصلت باماكو بعد الساعة02:20 PM .
مكثت عشره أيام فى باماكو وذلك لارتباطى بقضايا متعلقه باداره البعثه فى باماكو ومن ثم عملت تذكره سفر أخرى الى حيث مقر عملى.
خلال هذه الأيام العشر لاشىء يذكر ولا عرض ولا يحزنون.
وصلت مساء يوم 11/12 إلى غاو أقصى شمالى مالى بعد رحله طويله بالطيران اقتضت الساعتين ونصف الساعة من الزمن.يومى 11 و12 لاشىء يذكر بالرغم من أننى دخلت الحجر الصحى حسب البروتوكول المتبع.
منتصف ليل 13/12 بدأت الأعراض.
6-الاختبار رقم 06 كان يوم 15/12 وظهرت النتيجه فى نفس اليوم فى غضون سويعات قليله! هذا يعنى أنك قد تكون عرضة للإصابة بهذا الفايروس فى أى وقت وزمان بالتالى أنصح الكل بعدم الاعتماد وحده على النتائج السلبية التى قام بها الأشخاص المسافرين/الوافدين ويرجى عدم الاختلاط والحذر والحرص الشديدين بدون مجاملة لأحد.
«04»
– الشكوك التى ساورتنى فى الاصابه-
بعد الإصابة مباشره قمت بمراجعة ذاتية وعملت جرد حساب ذاتى وسألت نفسى مع من جلست أو تحدثت؟ ومع من/أى الناس تم/كان الاختلاط؟. مخرجات مراجعاتى كلها كانت دون ملاحظات تذكر ما عدا شىء واحد وأتوقع أن يكون هو مصدر الإصابة.
بالرغم من أننى مستخدم الكمامه وكعادتى شديد الحرص والانتباه والحضور فى المطارات والأماكن العامة ولكن قبل سفرنا من باماكو ونحن فى صاله المغادره نظرت إلى الطائرة التى تقلنا لمعرفة نوعها ورقمها فإذا بالطياره لم تأت بعد وكانت فى طريقها قادمه من إحدى محطات البعثه على متنها ركاب فى طريقهم إلى باماكو.
هبطت الطائرة بسلام ونزل الركاب وبعدها من غير عمل تعقيم صعدنا نحن نحو الطائرة وهنا الاحتمال اما أحد الذين نزلوا كان مصاباً وربما جلست أنا فى نفس المقعد الذى استخدمه/كان يجلس فيه ذلك المصاب أم من بيننا من المغادرين من هو مصاب ولكن لايوجد احتمال ثالث.
عموماً أرجو من الجميع عدم التهاون وترك الأمور على عواهنها ولكن يجب الأخذ بالأسباب«فَأَتْبَعَ سَبَبًا»,«ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا»-الكهف-الأيتين-85&89 ومن ثم إذا حدث أى أمر بعد ذلك فذاك يقع فى باب ما أصطلح عليه الحذر لايمنع من القدر.
الله نسأله العافيه والسلامه لكم ولنا ولكل المرضى حول العالم وأن لايريكم مكروهاً فى أنفسكم أو ذويكم أو من تعرفون.
حفظكم الله ورعاكم بعونه