يقوم صلاح قوش منذ عودته إلى منصبه على رأس جهاز الأمن بعمليات تجريد وإزاحة وإحلال في كل هياكل حهازالامن والحزب الحاكم فيما سماه هو ورئيسه البشير انها حملة ضد الفساد والمفسدين. ولكن كما يبدو جليا فإن نظام الإنقاذ الذي يجيد كثيرا لعبة الوقت يقوم بعملية تجديد الجلد وهي عملية أشبه فعليا بنزع الافعي لجلدها القديم. ففي الوقت الذي يتغير فيه هذا الجلد يبقى رأس الافعي في مكانه. ورأس الافعي هنا ليس البشير فقط، بل هو وكل المؤسسات والأفراد والتنظيمات الخفية والمعلنة والتحالفات الخفية والمعلنة التي من مصلحتها بقاء البشير إلى مابعد 2020.
حين النظر إلى عودة قوش مرة أخرى لتوطيد بقاء البشير حتى ما بعد 2020، يجب الوضع في الحسابات أن قوش كان شريكا للبشير في صناعة الأحداث التي قادت البشير للمحكمة الجنائية. فجرائم الابادة الجماعية وجرائم الجنجويد وابوطيرة وغيرهم في دافور لم يكن قوش بعيدا ابدا عن التخطيط لها من خلال منصبه وقتها على رأس حهازالامن الوطني. وكذلك عمليات القمع والاعتقالات التي شنها النظام بعد كشف جرائم البشير وحكومته في دارفور. إذن فإن تحالف قوش والبشير هو تحالف القمع المعتاد الذي يثق فيه البشير لكي يحقق له الاستمرار على دماء السودانيين وأرواحهم. ولا يمكن قراءة إقالة رجال مقربين من البشير من أمثال عبد الغفار الشريف ومن يسمون بمجموعة نافع الا من خلال إدراك أن البشير الان يشتري الزمن بآخر أوراق اللعب التي بقيت بحيث انه اصبح مستعدا تماما لحماية نفسه عبر التضحية بأقرب المقربين. وبالتالي فإن الذي يقوم به قوش الأن من تصفيات، هو عملية إمساك بخيوط اللعب من أيدي اللاعبين القدامى عبر طردهم تماما من الساحة وتدمير اي مقدرات لديهم لإحداث إثر ما على أرض الواقع أو حتى محاولة التمرد.
السيطرة على مفاتيح السوق والدولار والعلاقات الخارجية جمعيها الان في يد رجل واحد. والبشير يعلم تماما انه مع صلاح قوش يلعب بالنار التي قد تحرقه هو شخصيا. فقوش رجل له طموح لا ينتهي ولن يقف البشير نفسه امام طموحه الشخصي. ولذلك الان صلاح قوش لا يجهز فقط الملعب للبشير بل يجهز الملعب لما بعد البشير أيضا، بحيث انه هو شخصيا قد يكون وجه آخر للنظام الكيزاني، خاصة إذا تمكن من تحييد الجيش والتخلص من عقبة بكرى حسن صالح. ولا يبدو أن البشير الان ينام قرير العين بينما يمسك قوش بخيوط اللعبة ولكنه لم يكن لدي البشير اي خيارات أخرى للتخلص من مهددات المقربين إليه إلا عبر التقارب وعقد صفقة مع عدوه. وما اتهامات الفريق طه لتحركات قوش بأنها تصفية قبلية لأبناء قبيلة الجعلييين في النظام الا صورة أخرى تثبت أن البشير الان ظهره مكشوف تماما في محاولات يائسة للبقاء في السلطة بأي ثمن. على كل حال فإن الإسلاميين الان هم المستفيدين والمخططين الرئيسين لعودة قوش حتى يبقوا على البشير في حالة خوف دائم وحتى يضمنوا استقرار مؤقت حتى يتم إعداد الملعب لبديل البشير. ومع هذا فان مصالح الشعب السوداني جميعا لا ترتبط بأي من هذه الصراعات داخل النظام. وكما قال بعض المقاومين الإلمان لحكم هتلر في بياناتهم الجماهيرية، فإن الشعوب تستحق الحكومات ألتي تتحمل استمرارَها في حكمها. وطالما أن الشعب السوداني قادر على تحمل حكم البشير إلى الان ربما هو يستحقه، اما اذا فاض بهذا الشعب احتمال هذا النظام فلا بد من إسقاطه الان وليس غدا ؟!
[email protected]