واشنطن: صوت الهامش
نشرت مجلة (فورين بوليسي) تقريرا للكاتب مارتن دي بورمونت، قال فيه إنه ومع اقتراب موعد الـ 12 من أكتوبر المضروب للبت في قرار رفع العقوبات الأمريكية بشكل دائم عن حكومة السودان – وصل وزير خارجية الأخيرة إبراهيم غندور إلى واشنطن يوم الخميس الماضي، في محاولة لإبرام الصفقة مع السلطات الأمريكية.
ونوه التقرير الذي اطلعت عليه (صوت الهامش)، عن أن محاولة الـ غندور ليست الوحيدة في بابها؛ ذلك أن 50 من أعضاء الجالية السودانية تجمعوا من كافة أرجاء الولايات المتحدة خارج مبنى الكابيتول في واشنطن لحثّ إدارة الرئيس ترامب على إبقاء العقوبات مفروضة على نظام الخرطوم.
ونظم نشطاء سودانيون أمس الأول (الخميس) وقفة احتجاجية أمام البيت الأبيض مطالبين بعدم رفع العقوبات عن السودان وضرورة ملاحقة مجرمي الحرب والقبض عليهم، وإيقاف نزيف الدم والحرب في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق والانتهاكات التي تقوم بها الحكومة السودانية في مناطق متفرقة بالسودان.
وناشد حقوقيون سودانيون أمريكيون، أعضاء الكونغرس الأمريكي، في خطاب اطلعت عليه (صوت الهامش) ، قائلين “نكتب إليكم نلتمس مساعدتكم الناجزة في معارضة رفع العقوبات الأمريكية عن السودان. إن أرواح أهالينا وأصدقائنا تتوقف على ذلك. إننا نناشد الولايات المتحدة بدلا من ذلك بفرض عقوبات إضافية على نظام السودان واستهداف الداعمين للفكر الإرهابي وشبكاته والذين ارتكبوا عملية إبادة جماعية، وفظائع بحق الجموع، واقترفوا جرائم ضد الشعب السوداني، وانتهكوا حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وقوّضوا عمليات السلام”.
وأضافوا في الخطاب: “إننا نعرف هذا النظام على مدى 28 عاما، شاهدناه يقوض دولتنا ويؤذي أهالينا وأصدقاءنا لا لشيء إلا للبقاء في السلطة والاستئثار بموارد السودان الغنية على حساب الشعب السوداني مرة بعد أخرى، يقطع هذا النظام عهودا على نفسه ويبرم اتفاقيات لتخفيف الضغط الدولي، وفي كل مرة لا شيء يتحسن. في الواقع، تزداد الأزمات في البلاد سوءًا بل وتتكاثر، لسبب بسيط هو أن غريزة البقاء هي التي تحرك النظام وليس الاهتمام بمصالح الشعب السوداني وتنمية البلاد”.
وأكدوا أن: “الأمر لا يختلف هذه المرة. إننا نعرف هذا لأنه ليس من الضروري أن ترفع الولايات المتحدة العقوبات عن النظام للسماح للمساعدات الإنسانية بالوصول على السودانيين في جبال النوبة التي يتضور أهلها جوعا بالمعنى الحرفي للكلمة. إن العقوبات الأمريكية لا يجب أن ترفع لكي يشعر الطلاب من منطقة دارفور بالأمان والدعم في جهودهم لتأمين تعليمهم الجامعي، بدلا من اضطهادهم واعتقالهم وتعذيبهم وقتلهم.
وأضاف الخطاب أن الولايات المتحدة ليست في حاجة لرفع العقوبات لكي يخصص النظام في الخرطوم ميزانية لتحسين الرعاية الصحية لمكافحة تفشّي وباء الكوليرا القاتل بدلا من شراء المزيد من الطائرات الحربية لمهاجمة الشعب السوداني على غرار ما فعل غداة رفع العقوبات مؤقتا في يناير الماضي”.
وشددوا على أن: “رفع العقوبات عن كاهل النظام السوداني هو أمر غير أخلاقي ولن يفضي إلا إلى إطلاق أيدي هذا النظام على الموارد التي سيستغلها في إلحاق الأذى والضرر بالشعب السوداني وتضخيم ثرواته هو”.
وتعوق العقوبات المفروضة السودان منذ التسعينيات، حركة التداول التجاري بين السودان والولايات المتحدة وتضع بعض القيود الاقتصادية على القادة السودانيين.
وفي يناير الماضي، أصدر الرئيس الأمريكي آنذاك، باراك أوباما قرارا تنفيذيا يقضي برفع مؤقت لعناصر مهمة من عناصر الضغط الاقتصادي الأمريكي على السودان، شمل ذلك: السماح لشركات أمريكية بالقيام بأعمال تجارية في السودان. وجاء ذلك القرار جزاءً لتحسّن في سلوك نظامٍ كان ذات يوم مارقا.
ونوه أوباما عن تحسنات “تتعلق بتعاون ثنائي، وبإنهاء لعداوات داخلية، وبتعاون إقليمي، وبتحسنات على صعيد وصول المساعدات الإنسانية”. لكنه اشترط الرفع النهائي للعقوبات باستمرار الخرطوم في الالتزام بذات النهج على مدى استعراض مدته ستة أشهر.
وشهد الصيف الجاري، تمديد إدارة ترامب فترة الاستعراض إلى الـ 12 من أكتوبر، مستندة إلى الحاجة لمزيد من الوقت، فيما قال محللون إن غياب مسئولين رئيسيين معنيين بالشئون الأفريقية في الإدارة الأمريكية كان هو السبب.
ومن المتوقع أن يسعى غندور ، خلال اجتماعات الجمعية العامة بالأمم المتحدة، إلى الترويج لفكرة أن حكومة بلاده متعاونة بحيث يساعد ذلك في رفع العقوبات.
ونوه التقرير عن ترحيب جماعات حقوقية بقرار ترامب تأجيل البت في مسألة رفع العقوبات بشكل نهائي إلى الـ 12 من أكتوبر المقبل. وأشارت تلك الجماعات إلى استمرار الانتهاكات لحقوق الإنسان من جانب الحكومة السودانية – لا سيما تكتيكات الأرض المحروقة التي تنتهجها تلك الحكومة في إقليم دارفور، والقيود المفروضة على تحركات جماعات المساعدات الإنسانية والمعنيين بحفظ السلام، واعتقال النشطاء في مجال حقوق الإنسان.
ودعا عمر إسماعيل، الخبير لدى منظمة كفاية الأمريكية المعنية بمناطق الصراع في أفريقيا – دعا إلى فرض “عقوبات ذكية” على المسئولين عن انتهاكات حقوق الإنسان في السودان.
ويؤكد إسماعيل أن هجمات الحكومة السودانية على منتقدي النظام، كاعتقال الناشط الحقوقي مضوي إبراهيم آدم الذي يواجه اتهامات تصل عقوبتها لحد الإعدام – هذه الهجمات من جانب حكومة الخرطوم تظهر مدى هشاشة التحسن المتحدَّث عنه في السودان.
ويشدد إسماعيل على أنه “إذا كانت حكومة الخرطوم تتصرف على هذا النحو بينما العقوبات لا تزال مفروضة، فماذا لو تم رفعها؟ إن السودانيين يخشون أن تعتبر حكومة الخرطوم ذلك بمثابة ضوء أخضر من جانب الإدارة الأمريكية بأن الأخيرة لا تهتم بشأن الشعب السوداني”.
والتقى غندور أمس الأول الخميس، نائب وزير الخارجية الأمريكي، جون سوليفين بحضور كلا من مارك غرين مدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ودونالد ياماموتو، مساعد الوزير للشئون الأفريقية بول ستيفن مدير مكتب المبعوث الخاص للسودان وجنوب السودان.
وخلال اللقاء، أكد السيد نائب الوزير علي أهمية السودان في الإقليم، وعبّر عن تطلعه لعلاقات جيدة وطبيعية مع السودان، وأنه ينظر لما وراء رفع العقوبات. وأكد سوليفين على أهمية تحقيق نتائج في التزامات السودان بالقرارات الأممية حول كوريا الشمالية وقضايا حقوق الإنسان والحريات الدينية.
كما التقي غندور في ذات اليوم مساعد وزير الخزانة مارشال بليقنسلي بحضور عدد من المسئولين بالوزارة وناقش معه سبل تعزيز العلاقات بين البلدين خاصة فيما يتعلق بمسائل التحويلات المالية وفتح آفاق الاستثمار والتجارة بين البلدين. كما التقي سيادته بعدد من اعضاء الكونغرس والفاعلين والمهتمين بالشأن السوداني في الولايات المتحدة.