عثمان نواي
منذ ليلة أمس يبيت المئات من طلاب دارفور في العراء في منطقة الشيخ الياقوت خارج الخرطوم بعد أن منعتهم السلطات الأمنية من دخول الخرطوم، هذا الحق الطبيعي في التنقل الذي يكفله القانون والعرف وحتى الدين يتم منع أبناء دارفور من الدخول إلى عاصمة ما يفترض بها أن تكون بلادهم ووطنهم. لكن هذا المنع هو ختم نهائي على حقيقة أن هذا الوطن لم يعد وطنا للجميع ولا يسع الجميع في مركزه وعاصمته.
أن هؤلاء الطلاب القادمين من الدويم بعد تقديم استقالات جماعية هربا من العنصرية الممنهجة في الجامعة وجدوا أنفسهم أمام عنصرية الدولة التعسفية. وفي ظل الصمت المدوي للمعارضة التي لم تقوم إلا بعادتها السيئة في نشر بعض البيانات دون اتخاذ أي مواقف حقيقية لدعم موقف الطلاب، فإن الوضع يتجاوز ما يمكن احتواء نتائجه على المستوي القريب أو للبعيد. فكل يوم تثبت الدولة السودانية أن عنصريتها متجذرة بشكل عميق في داخلها بشكل يهدد بقاء هذه الدولة.
أن هذه الأزمة الحالية التي يقف فيها طلاب دارفور لوحدهم تماما تفجر بشكل عملي مسألة العنصرية الممنهجة في البلاد في مواجهة واقعية الان وامتحان مفتوح لكل السودانيين خاصة المعارضة. بقدر صعوبة الموقف حتى اللحظة إلا أن الفرصة لا زالت سانحة لأن يكون التضامن مع أبناء دارفور الممنوعين بشكل عملي من خلال إجبار السلطات الأمنية للخضوع عبر خطوات عملية وليس مجرد الكلام. الساعات القادمة ستكون مصيرية في تاريخ هذه البلاد.
التحية لأبناء دارفور الذين فضحوا بشجاعتهم عنصرية الدولة السودانية.