شرق تشاد _ صوت الهامش
اندلاع الحرب في إقليم دارفور وما عاناه سكان هذا الإقليم من اهوال دفعتهم قسرا الى اللجوء الى دولة تشاد المجاورة ضمتهم العشرات من المعسكرات من بينهم معسكر ” بريجن ” للاجئين في شرق تشاد والذي يحوي في جوفه اكثر من 48 الف لاجئ أغلبهم من النساء والأطفال ومعاقي الحرب العبثية التي تركوها خلفهم في ديارهم ، حيث باتوا يفضلون معاناة معسكرات اللجوء ومآسيها على الحرب التي افقرتهم وأفقدتهم ديارهم ،قاطني معسكر ” بريجن” المكتظ بضحايا الحرب يعيشون في وضع مأساوي إلا أنهم كيفوا حياتهم مع الحياة في المعسكر.
استمرار معاناة
معسكر اللاجئين عبارة عن دائرة كبيرة من البؤس والشقاء والمعاناة المتطاولة ، النساء تقومن بمعظم الأعمال في هذا المعسكر تتولي مسؤولية تربية الصغار، كما إنهن تعملن في مهن هامشية، كالعمل في كمائن للطوب، وجلب الحطب والقش للوفاء بإحتياجاتهم اليومية، والتغلب على ظروف الحياة القاسية،قطعة الخبزة تباع في معسكر “بريجن” بما قيمته عشرين جنيهاََ سودانياََ،غير ان ما يبقي الأمور في حالة أفضل هو ان الثقافة الغذائية للنازحين لاتعتمد الخبز غذاءََ رئيسياََ لهم ويستعاض عنه بالأكلات المحلية المكونة من عصيدة الدخن والذرة التي يتم تناولها بملاح “الكول” الشهير في إقليم دارفور .
خدمة التعليم توفرها منظمات دولية تشرف على وضع مدارس معسكرات اللاجئين،المشافي التي ليس من مقومات المستشفى الا اسمها ،الأطفال يعانون من الأمراض الأولية تاتي على رأسها الانيمياء وسؤ التغذية ، فيما يعاني كبار السن من أمراض القلب التي تفقتد الى أي نوع من الرعاية الضرورية لمثل هذه الامراض الخطيرة ، فيما يتجول أصحاب العاهات النفسية ومن فقدوا عقولهم بسبب اهوال الحرب بين قاطني المعسكر لايلون على شيء.
زيارة تفقدية
وبالرغم من الإهمال المتطاول الذي وجده اللاجئين في هذه المعسكرات الا ان زيارة رئيس حركة تحرير السودان مني اركو مناوي الأسبوع الماضي حظيت بقبول كبير وارتياح بالغ بين اللاجئين اللذين طالبوا مناوي بضرورة الإسراع في في جلب السلام الى الإقليم الكبير ، وضروة ضمان الاستقرار والأمان حتى يتمكن اللاجئن من العودة الى ديارهم ومحاولة تعميرها من جديد ، وأصروا على ضمان عودة حواكيرهم واراضيهم لهم ، والتميز الإيجابي لقراهم في عملية التنمية والمشاريع التنموية الكبرى والإسراع في قيام المدارس والمستشفيات والمراكز الصحية ومعينات كبار السر والنساء والأطفال والمساعدة في محاولة دمجهم في الحياة الطبيعية ، وانعاش العادات الحميدة والقيم الفاضلة التي وسمت سكان هذا الإقليم قبل ان تغشاهم غاشية الحرب وافرازاتها.
من داخل المعسكر
في تجوالنا داخل معسكر ” بريجين ” الذي يقطنه ما يقارب الــ 48 الف لاجئ ، معظمهم من سكان غرب دارفور ،حيث حكى العم عبدالمجيد الدومة ل”صوت الهامش ” عن حال التعليم داخل المعسكر الذي وصفه بالخطير ،منوهاً إلى أن تغيير المنهج التعليمي لأبنائهم من المنهج الدراسي السوداني الى المنهج التشادي ، مشيرا الى ان أبنائهم يدرسون الان جغرافيا تشاد وتاريخ دولة تشاد بدلا من السودان ،واصفا ما يجري في محور التعليم بالخطير على مستقبل أبنائهم ويساهم في تغريب هويتهم وانتمائهم .
وأضاف ان 8 طلاب سودانين واصلوا في هذا المنهج التعليمي حتى وصلوا الى الجامعات التشادية والتخرج منها ، فيما نوهت الأستاذه ثريا وهي متطوعة تعمل في سلك التعليم وتدرس التلاميذ بالمعسكر ان منظمة دولية تقوم بدفع مرتبات متواضعة لهم تنفقها كلها على أسرتها ، واسترسلت متذكرة اهوال الحرب بانها فقدت شقيقها وعمها في العام 2004 جراء الحرب الدائرة في الإقليم آنذاك ،بعد ان تم حرق قريتها ، وقد نجت باعجوبة حيث كانت خارج القرية في ذلك اليوم .
وكشفت المواطنة فاطمة هارون ان المدرسة وضعها مزري للغاية حيث يضم الفصل الواحد ما بين 150 الى 170 طالب ،فيما تحتوي المدرسة على ستة فصول يسيرها 15 مدرس ، معظمهم من المدرسات والمتطوعات ، ونوهت الى ان أكثرية التلاميذ من الأيتام ومنهم من لم يكمل تعليمة .
وزادت بأن العودة الى الوطن والاستقرار فيه هي الضامن الوحيد الى عودة هؤلاء التلاميذ الى الحياة الطبيعية ،وأشار الطفل النور الضو ذو الــ 13 ربيعاوهو طالب بالصف الرباع بمدرسة المعسكر كان قد احرز المرتبة الأولى في الصف الثالث ،الى انه يرغب ان يصير معلما في المستقبل لينشر التعليم بين أبناء جلدته ،فيما يتمنى شقيقه ابكر ان يكون طبيبا في المستقبل ،ليقوم بعلاج اهله وحبوبته على وجة الخصوص التي تعاني من عدة امراض بالمعسكر ، وخاله الذي أصيب في الحرب .
فيما تروي فاطمة خميس التي فقدت شقيقها في العام 2004 في قرية بيضة غرب دارفور اثناء هروبهم من المليشيات التي كانت تطاردهم ، قائلة إنها تتمنى العودة الى وطنها لجهة ان الحياة في المعسكر لاتطاق وان تكاليف البقاء على قيد الحياة هنا باهظة للغاية وحكت عن كيف يخرجن يوميا الى جلب الحطب والقش من الخلاء في محاولة البقاء على قيد الحياة بعد ان أوقفت بعض الإمدادات التي كانت توفرها لهم ، حيث بات عليهن ان يقطعن يوميا اكثر من 30 كيلو لجلب الحطب وبيعه في السوق لجلب ما يسد رمقهن ويعينهن على تعليم ابنائهن .
وشددت فاطمة على انهن يحاولن ان ينقلن الحياة الطبيعية لابنائهن برواية القصص لهم في أوقات فراغهن ، والعمل على ربطهم بالسودان وباراضيهم وزراعتهم خوفا عليهم من الاستلاب الكلي الذي يشوه شخصيتهم ويجعل التعايش لهم في بلادهم مستقبلا امرا عسيرا.
حمدوك رئيسنا
رغم حالة البؤس والشقاء إلا أن اللاجئين خاصةً الأطفال منهم، على صلة وتواصل ما يجري في السودان، خاصة متابعتهم اللصيقة لمجريات الثورة حتى سقوط نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، الأطفال يحفظون كل الأهازيج والهتافات التي كانت تردد أيام الثورة، وقال الطفل مصطفى أبكر ل”صوت الهامش ” “قاعدين نتابع الثورة وشفنا المظاهرات في الفيس بوك والواتساب، وكنا دائماً نردد اهازيج دسيس مان”، لهؤلاء الأطفال آمال عراض فهم يمنون أنفسهم أن يصبح لهم شأن في المستقبل القريب، وتناسي ويلات الحرب، فهم جيل نشأ بعد الحرب الا أنه يعلم جيداً ما تعرض له أهلهم بسبب .
ويقول داؤد يعقوب” نعرف من حرق قريتنا في بيضة بولاية غرب دارفور، ابوي حكي لي كيف اتيت الي هنا بعد معاناة سير إستمرت أيام” وعن طموحاتهم المستقبلية أجاب قائلاً “أتمنى أن أري البشير مشنوقاََ بسبب قتله لأهلي في غرب دارفور”.