تمر الذكرى الحادية عشر لمذبحة ميدان مصطفى بالقاهرة في 2005ف. حيث هاجمت قوات الشرطة المركزية المصرية بالهراوات والعصى المكهربة واسلحة نارية صغيرة ثلاث الالف لاجئ سوداني كان يعتصم امام مبنى المفوضية السامية للاجئين. لم تقم السلطات المصرية طوال هذه الفترة باي محاولة تهدف الى التحقيق في الحادث المؤسف محاسبة للجناة وانصافا للضحايا. وكذالك صمتت مفوضية الامم المتحدة لشئون اللاجئين التي كانت جزء من الحادث.
تمر الذكري المؤلمة لمذبحة 302 لاجئ سوداني بوسط العاصمة القاهرة في وقت تتدفق اعداد اضافية من اللاجئيين السودانيين الفارين من جحيم العنصرية والحرب في بلادهم الى القاهرة؛ ويتحول بعضهم في مصر الى ضحايا مجددا لاعمال التهريب او القتل او الحبس او الاعتداء ونزع الاعضاء دون حماية من اي جهة.
وقد شهد العام 2016 حادثتي غرق بالبحر المتوسط قبالة شواطئ الاسكندرية؛ ضحاياها مهاجريون غير شرعيين الى اوربا؛ لقى فوق الف شخص مصرعه. اغلب الضحايا سودانيون. وعمليات التهريب هذه انطلقت منذ عامين فيما عرف ب”التهريب الامن”؛ ويتهم ان الذي يشرف عليها هم اشخاص نافذون في الاجهزة الامنية والعسكرية المصرية وذلك ايضا بحسب الروايات والقرائن من مصادر موثوقة. وبكونها تدر دخلا ماديا ضخما لاقتصاد البلاد فان الدولة في مصر تغض الطرف عن هذه الجرائم؛ ولم تحقق ايضا في موت هذا الكم الكبير من الضحايا. وبذا تشارك مصر قانونيا واخلاقيا في هذه الجريمة.
بجانب ذلك فان الاوضاع الانسانية والامنية لالاف اللاجئين في مصر لم تتحسن؛ وتصل الى مراحل مخيفة في اوقات الاضطرابات السياسية الداخلية في مصر. الا ان الحالات الاكثر تعقيدا ان افرادا و عائلات سودانية لاجئة بعينها وهم من ضحايا مذبحة مصطفى محمود علقت المفوضية السامية لشئون اللاجئين ملفاتهم استنادا على تقارير او تنسبق مع الاجهزة الامنية المصرية وظل ذوي الملفات المعلقة يعيشون اوضاعا بالغ الصعوبة لاكثر من عشر اعوام.
كما ان السودانيين القادمين الى مصر بهدف العلاج يتعرضون لابتزاز وسؤ معاملة في مصر وخاصة ابان اختلاف موازين مصالح اعضاء نظامي الحاكم في الخرطوم والقاهرة.
ان استمرار قتل وموت السودانيين في مصر او اي دولة مجاورة تاتي في سياق تكملة لجرائم الابادة التي يطبقها نظام الابرتهايد بالسودان.
تتعلل مصادر القرار في مصر حيال الانتهاكات التي تجري في ارضها بانها في الاصل تجري و هي مستمرة في حق ذات الضحايا في وطنهم الام.
لم تتغير اوضاع انتهاكات حقوق الانسان في السودان؛ مشكلة اسبابا موضوعية تدفع ملايين الضحايا للفرار دول مجاورة ضمنها مصر. بل وسع نظام الديكتاتور البشير بوحشية جرائمه في اقاليم امم الزنوج في جبال النوبة ودارفور واقليم البجا والكنابو والاحزمة السوداء حول الخرطوم وحيث ان اغلب اللاجئين الى مصر هم من تلك الاقاليم.
وجود اسباب موضوعية دافعة لهروب ضحايا بلد ما الى اي بلد اخر؛ اخلاقيا لا تؤسس حجة لارتكاب جريمة مجددة. فان قتل اي سوداني في مصر هي مسئولية مصر الدولة والشعب؛ و ينبغي عدم حدوثه. ومصر لها قدرة اكثر من السودان بوضعه الحالي – في اقامة العدالة وتطبيق نظم احترام حقوق الانسان لمن يدخل اراضيها.
مركز السودان المعاصر يجدد دعوته السلطات المصرية الى ضرورة وقف الانتهاكات المستمرة بحق السودانيين بارضها؛ ومكرر دعوته القضاء المصري بضرورة فتح تحقيق جنائي في حادثة مصطفى محمود والانتهاكات الاخرى بحق اللاجئين السودانيين بمصر. تلبية هذه الدعوات يمهد بلا شك الطريق الى علاقات سلام واحترام مصالح في المستقبل.
مركز دراسات السودان المعاصر
قسم رصد انتهاكات حقوق الانسان.
31. ديسمبر 2016ف