تقرير: حسن اسحق
اصدار رئيسة القضاء مرسوم يحمي الشهود من ابتزاز الاجهزة الامنية وتهديدهم، لقي استجابة من الشارع السياسي والحقوقي، بعد تعرض بعض الشهود لمضايقات وتهديدات من بعض هذه الأجهزة المعروفة بقمعها وعنفها منذ عهد النظام البائد، حتى بعد سقوط النظام السابق، آخرون يشككون أن مثل هذا المرسوم سوف يحقق الأهداف المنشودة، ببساطة أن بعض الأحزاب التي تحكم في الفترة الانتقالية، ليس لها رغبة في تحقق عدالة حقيقية، لمشاركتها العسكر في هذه الفترة الحرجة.
الشك في قدرة الدولة
يرى الناشط المتهم بقضايا لجان المقاومة يوسف عبدالقادر أن المرسوم الأخير لرئيسة القضاء، جاء في وقت يطالب فيه الشارع بمحاكمة مرتكبي الجرائم ضد الثوار، إلا أنه يشكك ان الدولة سوف تكون جادة في تحقيق أهداف العدالة، على أرض الواقع، وليس على مستوى المنشور الصادر من القضاء السوداني، أن تأخير تقديم مرتكبي الانتهاكات الي المحاكمات، دليل واضح ان حكومة الفترة الانتقالية غير جادة في تحقيق العدالة، ولا تريد أن شركاءها من القوات النظامية، ان الاحزاب السياسية في حكومة الفترة الانتقالية لا تعطي أولوية لقضية تحقيق العدالة على الإطلاق، هي تريد تتنصل عن أهداف الثورة الحرية والسلام والعدالة التي ناشدها السودانيين، ،’’ لم ارى او اسمع حزبا طالب بتحقيق عادل حول الجرائم التي ارتكبتها القوات النظامية أثناء الثورة او بعدها، هذا أوضح دليل علي ان العدالة ليست اولوية بالنسبة لهم‘‘.
يضيف يوسف ان كثير من اسر واهالي ضحايا عنف الأجهزة الأمنية، ينتظرون العدالة، يحلمون في رؤية المجرمين في أقفاص الاتهام، من أعطى التعليمات بإطلاق الرصاص علي المتظاهرين السلميين، أو اولئك ضحايا مجزرة فض الاعتصام، رغم أن قرار الجهاز القضائي جاء في وقت تنتظر فيه أسر الضحايا معرفة من قتل ابناءهم، لكن الحقيقة المرة ان القوى السياسية التي تتقاسم المشاركة في الفترة الانتقالية ليس لهم رغبة في تحقيق العدالة، بل يريدون حصد مزيد من المكاسب السياسية وحدها، لذا لا ارى جديد، سوف يأتي من مرسوم رئيسة القضاء الذي طالب بحماية الشهود ضد عنف الاجهزة الامنية.
مصالح على حساب على العدالة
يضيف الناشط في حقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني ابراهيم موسي شمو ان قرار الحكومة بحماية الشهود، انها خطوة سوف تشجع الأفراد على تدوين بلاغات ضد جرائم النظام البائد، ويؤكد وجود عدد كبير من شهود العيان على جرائم القتل خارج نطاق القانون، أن جرائم جهاز الأمن، هي واضحة للمواطنين ابان فترة النظام السابق، وهناك جرائم قوات الدعم السريع في دارفور التي يشهد عليها كثير من الناس، يشرح الا ان بعض الشهود يتخوفون أن تلاحقهم هذه الاجهزة.
يضيف شمو ان تنفيذ هذا المرسوم سوف يعترضه بعض السياسيين الذين تربطهم مصالح مشتركة مع تلك القوات التي ارتكبت الجرائم، خاصة دعاة الهبوط الناعم، لذا سوف يكون هذا المرسوم خارج الادراج، أن محاولة تنفيذه سوف تتعرض لمساومات سياسية، يشير إلى بعض النقاط، ان القضاء السوداني ليس مستقل، ما يزال يتأثر بتقاطعات السلطة السياسية في البلاد، ما زالت الكثير من مؤسسات السلطة التنفيذية والقضائية والعسكرية بها أشخاص نافذين، لهم مصالح مع النظام البائد، لذا سوف يقفون ضد مشروع القرار يوفر الحماية للشهود ضد الاجهزة القمعية، يعتقد أن الوقت مازال مبكرا في السودان لتحقيق العدالة بالوجه الذي يريده الشعب السوداني على مستوى الشارع العام.
قدرة الأجهزة على اعاقة العدالة
يشير اخر ايضا، ان تحقيق العدالة في البلاد لا يتحقق إلا بوجود مؤسسات قانونية ذات مصداقية، ان قرار رئيسة القضاء الأخير، جاء في الوقت المناسب، لكن تنقصه مصداقية القوى السياسية المشاركة في حكومة الفترة الانتقالية، يبدو أنها تراجعت عن شعارات الثورة التي هتف بها الملايين في كل ارجاء السودان، يقول علي احمد، ان هذه الفترة بعد سقوط البشير، أظهرت الطبيعية الحقيقية للأحزاب السياسية التي كانت تعارض نظام المؤتمر الوطني السابق، ما كانوا ينادون به ويطالبون به في اوقات المعارضة، لقد نسوه عندما صعدوا علي كراسي الحكم، نسوا الحرية، اصبحوا يجنون من يعارضهم من دون قيام أي محاكمات عادلة، اما العدالة، كل من يشاهد المشهد السياسي بعد السيطرة على الحكم، انهم فقط يريدون عادلة على مستوى الحصص الوزارية وغيرها، اما عدالة الثوار، لا حد يعطي الاهتمام، على الأقل في الوقت الراهن.
يضيف علي، هذه الفترة كشفت لنا علي حقيقة هذه الأحزاب التي لا وزن على مستوى الشارع، أن الثوار وحدهم الذين لهم القدرة علي تحقيق العدالة ومحاسبة المجرمين في هذا الوقت الراهن، هذا المرسوم من دون أي تعديلات قانونية جذرية، سوف يكون حبر علي ورق فقط، لن يحقق الحماية الفعلية والحقيقية للشهود، ببساطة لان الاجهزة الامنية في البلاد، لها من الوسائل والقدرات على اعاقة العدالة، وارسال رسائل التهديد لكل من يريد أن يورطهم او يحاكمهم..