استيفن أمين أرنو
توقعات كبيرة من مخرجات المؤتمر الاقتصادي لأصدقاء السودان و التي تستضيفه ألمانيا بمشاركة دول أوروبية و أخرى هذا الأسبوع. آمال عراض يضعها السودانيون علي اكبر حدث ذو أبعاد دولية منذ سقوط النظام السابق و الذي جسد عزلة السودان في محيطه العالمي و غياب سيادة شعبه. هذا المؤتمر الإقتصادي يمثل فرصة لتحقيق تضامن دولي مع شعب السودان الذي يتطلع للتغيير و التنمية والتقدم و الشراكة الدولية الحقيقية التي تبنى على السيادة و الإرادة الوطنية. فإن المؤتمرفرصة لتقديم العون الاقتصادي المطلوب خصوصاً في ظل الأوضاع الإقتصادية الخانقة حيث بلغ التضخم 114٪ بينما العملة الوطنية مستمرة في الهبوط مقابل ارتفاع سعر الصرف في السوق الموازي مما أثر سلباً على قطاعات حيوية بما في ذلك التأثير على استيراد الأدوية الأساسية والوقود والغاز. علاوة على ذلك ، من المرجح أن تؤدي التحديات المناخية المتوقعة هذا العام إلى زعزعة الأمن الغذائي مع ارتفاع نسبة الأمطار والغزو المرتقب للجراد الصحراوي والذي من المتوقع أن يؤثر على ست ولايات زراعية في السودان (النيل الأبيض ، النيل الأزرق، الجزيرة، سنار، القضارف و جنوب كردفان) علي حسب أحدث تقرير من مركز الهيئة الحكومية للتنمية (الإيغاد) للرصد المناخي.
هذه الصورة القاتمة جزءاً من التحدي الماثل اضافة الى حقيقة مفادها أن حسن النية المفترضة في دور المجتمع الدولي لدعم الفترة الانتقالية ربما لا يتعدى المساعدات الفنية لتتيح الفرصة للمنظمات الدولية لدعم الخطة الإستراتيجية للفترة الإنتقالية (2019-2022) اذا وجدت لأن الحلول في يد القادة السودانيين. سؤالنا اليوم هل هناك استراتيجية متكاملة بها كل الأهداف الوطنية للتنمية و بها مؤشرات النجاح (indicators) في كافة المجالات الحيوية من تعليم، صحة، اصلاحات ادارية و بنية تحتية وتحسين معاش الناس. هل للخطة الإستراتيجية المفترضة بنود صرف (budget lines) توضح مصادر تمويلها من الموارد المتاحة بشفافية و توضح أوجه القصور في التمويل و التي من المفترض أن يتبناها شركاء السودان؟ باختصار هل هناك تصميم وطني للعون الدولي (aid architecture). هذه الأسئلة مهمة لأنها ستضع الحوار في اطاره و لتسليط الضوء على الوكالة الوطنية في قيادة النهضة التنموية الشاملة و للخروج من دائرة التبعية.
و من اسواء الافتراضات ان تتعامل الحكومات مع المعونات الخارجية وكأنها دواء لكل القضايا السياسية والإقتصادية المعيقة للتنمية. حيث يعتبر العديد من القادة ، في البلدان النامية والبلدان الأقل نموءاً ، أن الوكالة والقدرات المحلية ليست بنفس القدر مقارنة بالتمويل الخارجي وهذا هو أس الجدل في الخطاب التنموي بين أولئك الذين يتبنون نهج “التخطيط / من أعلى إلى أسفل” و الذي يعتمد على حلول جاهزة و مقاس واحد يناسب الكل وأولئك الذين يناهضون هذا المنهج ليرسموا مساراً يناسبهم . فدولاً مثل أوغندا ورواندا وإثيوبيا أطروا لمفهوم الدولة التنموية (developmental state) بإستلهامهم العبر من تجربة النمور الآسيوية دول كـ(كوريا الجنوبية وتايلاند وسنغافورة وتايوان) وقامت بتخطيط سياساتها التنموية علي حسب متطلباتها و شروطها الخاصة مستخدمين خليطاً من وكالة محلية ودعم فني دولي و وضعوا الدولة في قيادة التنمية دون تدخل المانحين ودون الإستعانة بالمنهج النيوليبرالي (neoliberal) و الذي يعتمد علي اقتصاد السوق بعيداً عن رقابة الدولة و تدخلها لتصحيح الأسعار لتفادي انهيار السوق. و سياسة التنمية النيوليبرالية رُفضت في أثيوبيا و اقنع مليس زيناوي خبير البنك الدولي جوزيف استيجليز بأهمية رقابة الدولة من خلال ما اسماه سياسة “الحارس الليلي” (night watchman).
قد نختلف في الرأي حول النتائج التي حققتها الدول التنموية بافريقيا (رواندا وأوغندا وإثيوبيا) ، لكن هذه البلدان تحدّت ما وصفه البعض بأنه مصيري(exogenous/ destiny) و لا يمكن تجاوزه مثل الوضع الجغرافي و الذي يعتبره خبراء التنمية مثل كولير بأنه سلبي لإفتقار هذه البلدان للمنافذ البحرية مما يجعلهم دولاً حبيسة و رهينة لجيرانهم لتصدير و إستيراد بضائعهم. كما أن افتقار دولاً لموارد معدنية مهمة كالذهب والنحاس و الماس و البترول يقلل من فرصهم في التنمية. اذا نظرنا الي رواندا اليوم نجدها واحدة من عشرة أسرع اقتصاديات نامية بإفريقيا ، بينما أصبحت أوغندا مكتفية ذاتيًا في استخدام الطاقة النظيفة وإثيوبيا على وشك تسوية مشاكلها الدائمة المتمثلة في ادارة الموارد المائية متمثلة في الجدال البيئي من فيضانات وجفاف. إثيوبيا و التي يعتبرها الكثيرين شلال إفريقيا الهادر نسبة لما تنتجه من مياه سائبة غير قادرة على التحكم في فائض مياهها الموسمية و التي في الغالب تؤدي إلى فيضانات في الخريف وفي فصل الصيف تواجه مساحات كبيرة من أثيوبيا نقصاً في المياه و التي لها تأثير مباشر في أمنها الغذائي.
بالنظر لتجارب هذه الدول، هل بإمكاننا أن نتوقع ان يشكل السودان نموذجًا جديدًا لسياسات التنمية الناجعة و التي بدورها ستلهم العلماء والممارسين في المدى القصير و الطويل خصوصاً أن من في هرم السلطة التنفيذية شخصية ذو قدرات عالية؟.
هذا السؤال متروك لمنظمي مؤتمر أصدقاء السودان و لقيادته السياسية و مدي دقة ترتيبهم لجعل المؤتمر منصة لبلورة حل سوداني قادراً لمعالجة قضايا التنمية و الحوكمة بوكالة سودانية مدعومة من اصدقائها الدوليين. لأنه بدون التأثير علي الدور الوطني سيصبح هذا المؤتمر أوسلو 2 على غرار مؤتمر أوسلو الأول و الذي لم يقدم الكثير وإنما اقتصر دوره في إعادة السودان الي حظيرة المجتمع الدولي كواحد من اهم انجازته. فلا بد من أخذ المبادرة لأن المسائل التنموية ، في جوهرها ، تتعلق بالسياسة (policy-oriented) أكثر من وفرة الموارد وهذا هو السبب في أن بلدان مثل بوتسوانا تمكنت بالنهضة بالرغم من محدودية مواردها الاقتصادية مقارنة بدولة مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية و التي تمتاز بوفرة المواردا الطبيعية.
لقد أثبت جلياً بأن ليس كل المعونات المقدمة من المجتمع الدولي لها نتائج مشجعة، هناك اخفاقات حيث ألحقت هذه المساعدات ضرراً في الكثير من البلدان مما دفع دكتورة ديمبيسا مويو (Dambisa Moyo) و التي شغلت منصباً مرموقاً بصندوق النقد الدولي بتوثيق احباطها في كتاب “العون الميت” و من قبلها سبقها الاقتصادي الشهير ويليام إيسترلي في كتابه “عبء الإنسان الأبيض: لماذا فشلت جهود الغرب لمساعدة الباقين بخلقها الكثير من الأمراض السيئة والقليل من الخير” و ذلك بعد سبعين عاماً من استحداث نظام التنمية اللدولية. هذه الإنتقادات اتاحت الفرصة للدفع باصوات من الدول النامية تشمل طرح رئيس إثيوبيا الراحل مليس زيناوي و الذي وضع بصمته في تأطيره لدور الدولة التنموية من خلال أطروحته غير المكتملة “الطرق المسدودة والبدايات الجديدة” التي يجادل فيها بأن في إمكان الدولة الأفريقية تحقيق التنمية تحت قيادتها دون التأثير على مبادئ الديمقراطية.
هذا يعطي دافعاً بأن نجاح المساعدات و العون محدود و يرتبط بخصوصيات الدول بعيداً عن التعميم . فى سبيل المثال ، نجحت الإعانات بأوربا عندما تبنت مؤسسة بريتون وود (Bretton Woods) ، سلف البنك الدولي ، خطة مارشال (Marshal) لدعم إعادة الإعمار والدعم الاقتصادي للدول الأوروبية الخارجة من الحرب العالمية الثانية. في غضون خمس سنوات كانت أوروبا تقف على قدميها واستطاعت أن تسدد قروضها للولايات المتحدة. كما يمكننا التعلم من اليابان والصين وبوتسوانا الذين يعتبرون خريجي مدرسة المعونة .
فسوألنا هل يساعد المؤتمر القادم السودان على ترك تجربة الاعتماد على المعونات الدولية؟. ام سيدخل السودان مرحلة جديدة من الإعتماد علي المانحين دون تحقيق أي نمو اقتصادي يذكر خصوصاً أن للسودان تجارب كونه من أكبر الدول المستفيدة من المعونات والقروض الثنائية لموقفه الاستراتيجي الجيوسياسي وتحالفاته القديمة. فبالرغم من حديث رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك و تعليقه الإيجابي بأن مؤتمر اصدقاء السودان يسعي الي خلق شراكة دولية ولا يهدف الي تعبئة المجتمع الدولي لتأسيس صندوقا للمنح و الهبات فالوضع الراهن يثبت عكس ذلك. و للسودان تجارب في تعبئة الأموال و الهبات لدعم الميزانية السياسية (political budget) كما يشير اليها صديقنا اليكس دي وال. في الفترة من منتصف السبعينيات إلى الثمانينيات ، تلقى السودان منح و إعانات كبيرة لدعم التنمية الاقتصادية والمؤسسية لتبلغ قرابة الملياري دولار سنوياً كما وثق لها مارك دوفيلد (Mark Duffield). وبالنظر إلى آثار المنح و الإعانات في مجال التنمية بالسودان نجد إستنتاجات مختلطة. اذا استعنا بدراسات بعض السودانيون مثل محمد الحاج مصطفى ومنال محجوب الشيخ وعبيد الله محجوب عبيدة الله و الذين قدموا ورقة حديثة (2018) تحت عنوان “هل عززت المساعدات الخارجية النمو الاقتصادي في السودان؟ نجدهم يؤكدون حدوث نمو اقتصادي مشهود.
أما الباحث أديل هارمر(Adele Harmer) و الذي اجري دراسة في العام (2004) بتكليف من معهد التنمية الخارجي (Overseas Development Institute) تحت عنوان “مساعدة الدول ضعيفة الأداء: دراسة حالة السودان” خلص بأن السودان لم يستفد كثيرًا من سنوات عديدة من المساعدات الخارجية. الفرق في الدراستين بأن هارمر ركز في الإعانات الرسمية من الغرب (Official Development Assistance) بينما ضمنت دراسة محمد و منال و عبيدالله فترة التعاون الصيني – السوداني خصوصاً الإستثمار الأجنبي الذي ساهم من خلال استغلال مكاسب النفط لبناء البنية التحتية الرئيسية مثل المصافي والطرق الرئيسية والصناعات المحدودة. هناك الكثير من الدراسات تعمق دور الصين في دفع عجلة الإقتصاد السوداني من بينها دراسة قامت به د. سامية ساتي عثمان التي كتبت تقريرا شاملاً تحت عنوان “أثر علاقات العون المالي بين الصين وأفريقيا: حالة السودان” وأخرى قام بها كل من كباشي سليمان وأحمد بدوي تحت عنوان “تقييم تأثير الاستثمارات الصينية في السودان” حيث ثمن هؤلا الباحثين الدور الصيني في دفع عجلة التنمية. من المبكر ان نضع تقييماً للدور الصيني خصوصاً مع تردي الوضع الفني للكثير من المنشآت النفطية و التي بنيت بقروض ومنح صينية.
اما اذا ذهبنا بعيداً لبعض المختصين في الشأن السوداني نجد طرح أليكس دي وال (Alex de Waal) في سفره “السياسة الحقيقية للقرن الأفريقي: المال والحرب وأعمال السلطة” بأن السودان لم يستفد كثيرًا من هذه “المنح السهلة” التي تم استخدامها كجزء من الميزانية السياسية (political budget). ومن المثير للاهتمام أن دي وال يربط الفترات التي شهدت ازدهاراً اقتصادياً و معونات ضخمة بفترات سلام تحت مسمى “سلام دفع المرتبات” (payroll peace). و استفاد الرئيس النميري من هذه المنح خصوصاُ القروض الثنائية الميسرة و التي وصلت لـ8 مليارات دولارفي تلك الفترة من تحقيق سلام أديس أبابا عام 1972م.
شهدت الفترة الطويلة منذ أن ُحرم السودان من برنامج المعونة الإنمائية الرسمية (1991-2005) دعماً كبيراً للغوث الإنساني حيث ذهبت جل المساعدات الإنسانية للمناطق المتأثرة بالحرب في جنوب السودان ولاحقاً دارفور. وتجدر الإشارة إلى أن حزب المؤتمر الوطني رفض إدراج جنوب كردفان والنيل الأزرق كجزء من عمليات شريان الحياة (Operation Life Line Sudan – OLS) و هو اتفاق ثلاثي بين الحكومة و الحركة الشعبية لتحرير السودان و المم المتحدة و اقتصرت الغوث الإنساني لجنوب السودان .
وكان مؤتمر المانحين في أوسلو لتقديم المساعدة المالية لدعم تنفيذ السلام أحد أهم مرتكزات اتفاق السلام الشامل حيث اصبح السودان مجدداً جزءاً من برنامج المعونات الإنمائية الرسمية (ODA). والجدير بالذكر أنه و بالرغم من أن معظم الأموال الملتزم بها لم يتم تحويلها ، لكن المساعدات التي وصلت إلى السودان أسيئت إدارتها وأثارت فسادًا كبيرًا في جنوب السودان. اما بالنسبة إلى حزب المؤتمر الوطني الحاكم آنذاك فإن مؤتمر أوسلو ساهم في خلق منبر دول كسر عزلة السودان لقرابة الخمسة عشر عاماً.
فلذا ان هذا المؤتمر الاقتصادي القادم هو أكبر فرصة للحكومة الانتقالية للتفاعل والانخراط مع المجتمع الدولي في منتدى جامع يخاطب حزمة من الأجندة السياسية والاقتصادية. فالأمر متعلق بتحديد الأولويات بشكل صحيح ووضع الأفكار والسياسات المناسبة على الطاولة. فهل ستقدم الحكومة الانتقالية استراتيجية اقتصادية وسياسية متماسكة للفترة الانتقالية بها مؤشرات واضحة وخطوط للميزانية تغطي مصادر التمويل المحلي و الفجوات في التمويل و طلب مساعدة المانحين بسد الفجوات التمويلية. أم سيذهب ممثلونا للشحدة. من وجهة نظري ، هناك حاجة إلى أن تغتنم الحكومة الفرصة لعرض حال و مقدرة الوكالة السودانية في قيادة التحول في شراكة مع الأصدقاء. و نتمني ان يتمعن مسؤلونا في تقرير المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية حول الفرص الضائعة و المهدرة في دعم الفترة الإنتقالية بالسودان. لأن هذا التقرير خلص بأن الوضع الإقتصادي الحالي ليس بسبب نقص في الموارد و الميزانية و التي قدرته بستة مليار دولار ولكن نسبة لاختلال الموازنة لافتقارها موارد خارج الميزانية الوطنية. هذه المشكلة تتعلق بالحكم أكثر من كونها ذات طبيعة اقتصادية. فبينما يستمر السودان في تلقي 3 ملايين دولار يوميًا كجزء من المساعدات المالية الإنتقالية و المرتبطة بمعاهدة التعاون المشترك و خصوصاً بند صناعة النفط في جنوب السودان لا ندري اين يذهب تسعين مليون دولاراً شهرياً. وينطبق الشيء نفسه على الذهب المنتج والمحتكر من قبل جهات معينة والتي تحرم وزارة المالية من هذا المورد الهام و الذي يمكن أن يحسن الميزانية. يجب أن ندرك بأن أصدقائنا الأوروبيين يدركون هذه القضايا و التعقيدات الاقتصادية ويعرفون أن السودان قادر على الوفاء ببعض الإلتزامات المالية من خلال ترشيد استغلال الموارد الداخلية. و يمكنهم ان يستنتجوا أن الفجوة المالية ليست كبيرة وبإمكان تعبئة الموارد محلياً بينما يقدم المانحون دعمهم الفني و السياسي لمساعدة السودان في معالجة ديونه الخارجية كجزء من برنامج البلدان الفقيرة المثقلة بالديون (Highly Indebted Poor Countries -HIPC) و المساهمة في رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وإلغاء العقوبات الاقتصادية الأخرى و كل هذا يعتمد على تحسين نظام الحكم في إرشاد الصرف، تقصير الظل الإداري وتجفيف منابع الفساد و وقف اهدار الموارد لتشجيع الاستثمارات وإنعاش القطاع الخاص.
وأخيرًا ، فإن المؤتمر القادم على الرغم من كونه اقتصاديًا بطبيعته ولكنه يوفر فرصة لتحسين جوانب الحوكمة عن طريق إزالة أوجه القصور من خلال تعزيز قدرات الوكالات الحكومية في أداء وظيفتها في تحصيل الإيرادات بفعالية. بينما تمثل إنشاء مفوضية مكافحة الفساد أولوية قصوى وتساهم في رفع مصداقية الحكومة و لها كعب معلي لأنها جزء اساسي من مكتب رئيس مجلس الوزراء حسب الوثيقة الدستورية. وبإمكان المفوضية الإستعانة من خدمة برنامج استرداد الأموال المسروقة التابعة للأمم المتحدة (stolen asset recovery program-STAR) و التي بإمكانها استرداد أموال نهبت بواسطة عناصر النظام البائد و استرجاعها من البنوك الأجنبية.
ومن أهم القضايا الفنية تخفيض فاتورة الأجور(cutting the wage bill) عن طريق إصلاح القطاع العام وجعله رشيقاً وفعالاً ومتجاوباً وتفكيك الشركات والإمبراطوريات المالية و توسيع رقعة عمل القطاع الخاص و الذي بدوره سيوفر فرص عمل لقطاعات كبيرة. فتنمية القطاع الخاص سيعزز من فرص التوظيف وقد يستوعب العديد من القوى العاملة الماهرة والغير مدربة (skilled and unskilled) في ظل المعطيات الديموغرافية الحالية من قطاع شبابي واسع و عاطل و قطاع عمل محدود. وأخيرًا ، يساعد برنامج اصلاح الخدمة المدنية لترسيخ مبدأ تقييم أداء القطاعات العامة (performance based management) بما في ذلك المناصب الوزارية لتحسين الكفاءة والمساءلة وسرعة استجابة الحكومة. كل هذه الأمور سيتطرق إليها اصدقائنا الدوليين خصوصاً الأوربيين لأنهم مروا بنفس التجربة مع منحة مارشال في العام 1948 و اغتنام الفرصة و عملهم الدؤوب لتحسين الحكم من خلال جعل الدولة مستجيبة ولها تمثيل واسع ودون الاستعانة بادوات قمعية (responsive, representative and non-repressive). فبدون استراتيجية تقدم أهدافًا ومؤشرات واضحة لقياس فعالية الحكم الراشد بالسودان ستستمر الفترة الانتقالية في التحرك في دوائر مثل سفينة فقدت السيطرة والاتجاه.