مناظير الهامش
يعقوب سليمان
بالرغم من أن الحديث عن الانتخابات الرئاسية المرتقية في العام 2020م المعروفة نتيجتها مسبقاً غير مجدي في هذا التوقيت، لان الأمر يعتبر محسوماً ولا يتطلب منا كثير من الجدال، الا اننا قررنا ان ندلي برأينا بعد ان بدأت تعلوا اصوات بعض النشطاء والأحزاب السياسية في مواقع التواصل الاجتماعي حول المشاركة في الإنتخابات او مقاطعتها، بعض الاحزاب توضح موقفها واخرى قررت المشاركة لإحداث تغيير من الداخل حسب زعمها وهذه كلها تعتبر تقديرات للمشهد السياسي من تلك الأحزاب، لكن ماشداني لكتابة هذا المقال مطالبة بعض النشطاء باستعادة مهنية الجيش بعد أحاديث لقادته تدعم ترشيح البشير لولاية رئاسية اخرى لا يقرها الدستور في 2020 بعد ان سلم وزير الدفاع، عوض بن عوف البشير وثيقة (بيعة) نيابة عن القوات المسلحة تدعمه في الانتخابات المقبلة في خطوة لم تكن مستبعدة من وزير الدفاع حتى تثير الدهشة لدي النشطاء الذين ثاروا في مواقع التواصل الإجتماعي كأنما الأمر جديداً عليهم.
في اعتقادي ان الحديث عن هذه الإنتخابات يعتبر مضيعة للوقت لان كل الأدلة تشير إلى أن الحكومة قد اعدة خطة تزوير الإنتخابات مبكراً واجمعت القوى والأحزاب السياسية التي شاركت في الحوار الوطني على تأييد وموافقة ترشيح البشير وان كان الأمر غير معلن هذا من ناحية من ناحية اخرى اعد المؤتمر الوطني وضمن كشوفات كل المليشيات الموالية له والتي تفوق عددها مئات الالاف والتي بدورها ستصوت له الأمر الذي دعاه ان يعلن ويؤكد بنفسه بانهم باقون في السلطة سوا بالإنتخابات او غيرها لذا كان مؤشر أعلان بيعة الجيش للبشير في الانتخابات الرئاسية المقبلة امر متوقع ليكون بذلك قد اكدت القوات المسلحة بنفسها بانها عبارة عن مليشيات تحرس عصابة المؤتمر الوطني وتكون قد جردت نفسها من صفة الجيش القومي، لان مؤسسة الجيش تعتبر مؤسسة ملك للشعب يتساوى فيها الجميع ودورها هو الدفاع عن المواطن والوطن وليس الدفاع عن حزب ولا دخل لمؤسسة الجيش في الحياة المدنية، لكن لان الجيش السوداني تم ادلجته وفُصل على مقاس المؤتمر الوطني وبُرمج على قتل الأطفال بالرصاص وإغتصاب النساء ونهب القرى وحرقها وتشريد الملايين من المدنيين كان هذا الموقف غير مستبعد لان الجيش لا يعطي للشعب أي وزن غير ترويعه وتخويفه ويبقى مسلما فقط في حماية نظام البشير الدكتاتوري وهذا هو حال مليشيات المؤتمر الوطني التي تسمي نفسها بالجيش السوداني، فإذا نظرنا حالياً الى اغلب الجيوش في الدول نجدها تحترم نفسها لا تتدخل في الحياة السياسية ولا تتدخل في تحركات المدنيين المطالبين بحقوقهم بيد ان وظيفتها تنحصر في حماية البلد من اي عدو خارجي محتمل، لكن لان عصابة المؤتمر الوطني جردت الجيش من مهنيته قررت ان تضمنه في الإنتخابات المقبلة الفاقدة للشرعية كما يفعلون في كل مرة في المقام الأول قبل شراء اصوات الناخبين والتزوير في عمليات تسجيل الناخبين التي ستتضمن كشوفات الاموات والاحياء معاً كما حدث في انتخابات العام 2015م حينما حدثت خروقات في السجل الإنتخابي منها وجود اسماء لموتى من بينهم إمراة توفيت سنة 1979م.
فالإنتخابات المرتقبة يعد لها المؤتمر الوطني ويدرب لها كوادر لتزويرها من الأن لضمان فوز البشير الذي اصبح غير مرغوب فيه من اغلب الشعب السوداني والمجتمع الدولي لانه ملاحق دولياً وصدرت ضده مذكرة إعتقال من المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
فان الاحزاب التي حسمت موقفها للمشاركة في انتخابات 2020م لاحداث تغير من الداخل او عبر التداول السلمي للسلطة ربما الفشل سيلاحقها لان هذا الأمر شبه مستحيل في ظل عدم توازن القوى واستخدام النظام كل اجهزة الدولة للبقاء على عرش السلطة وبذلك سيظل الفقير فقيراً والغني غنيا يتمتع بموار الدولة وستظل السلطة كما هي لا جديد ولا تغيير يذكر وسيبقى الحال كما هو عليه وربما سيزداد سوءاً فما الداعي للمشاركة في الانتخابات الغير شرعية؟.