نيويورك – صوت الهامش
هل يمكن لشخص ما أن يمسي مطلوبا من المحكمة الجنائية الدولية في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية ثم يصبح شخصا آخر صانعًا للسلام؟!
سؤال طرحه تقرير نشرته منظمة (إنترناشونال جاستس مونيتور) قائلا إن الرئيس السوداني عمر البشير، الذي أصدرت الجنائية الدولية بحقه قرارَي اعتقال لارتكابه الجرائم المذكورة أعلاه بحق أبناء شعبه في دافور .
مشيرًا أن البشير يظن أن بتكرار زيارته لأوغندا ثلاث مرات في ثلاث سنوات مرتديًا عباءة وسيط السلام في الصراع الجنوب سوداني – يظن أنه بهذا قد وجد ملاذا آمنا يمكنه من خلاله تغيير حقيقته من متهم مطلوب من الجنائية الدولية إلى صانع سلام!!
ورصد التقرير دفاعا سافرًا من جانب أوغندا عن موقفها من الترحيب بالبشير في تلك الثلاث مرات، ولاسيما أن الدفاع جاء من مصدر غير متوقع هو: رئيسة البرلمان الأوغندي ريبيكا أليتوالا كاداغا، التي اختارت احتفالية مرور عشرين عاما على تدشين نظام روما الأساسي في هولندا، زاعمة في خطابها أن أوغندا لا يمكنها توقيف البشير لأنه يلعب دورًا هامًا في استقرار المنطقة!
ونوه التقرير عن موقف منظمات المجتمع المدني في أوغندا، مشيرا إلى أن تلك المنظمات احتجت خلال الزيارتين الأوليين بل إنها في المرة الثانية زادت على الإدانة بأن تقدمت بطلب لشعبة الجرائم الدولية بالمحكمة العليا في كامبالا تحثها فيه على إلزام الحكومة باعتقال البشير. لكن في كلتا المرتين تجاهلت الحكومة الأوغندية موقف منظمات المجتمع المدني وأكمل البشير زيارته الثانية غير عابئ.
هاتان الزيارتان شجعتا البشير على الزيارة الثالثة فيما تركتا منظمات المجتمع المدني في أوغندا محبطة ومن ثم لم تحرك ساكنا إزاء تلك الزيارة الأخيرة في الـ 7 من يوليو الجاري. فهل يمكن أن يُعتبر ذلك انتصارًا نهائيا للبشير على عدالة المحكمة الجنائية الدولية في أوغندا؟!
ونبه التقرير الذي اطلعت عليه (صوت الهامش) إلى حقيقة أن زيارات البشير هذه إلى أوغندا تأتي بينما تواصل الجنائية الدولية محاكمة دومينيك أونغوين القيادي السابق بجيش الرب في أوغندا والمتهم بجرائم مماثلة لتلك المتهم بها البشير من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
هذه الحقيقة الخاصة بدومينيك أونغوين جعلت أوغندا محط الاهتمام الدولي، لاسيما وأنها كانت أولى الدول في إحالة قضية إلى المحكمة الجنائية الدولية، كما كانت أوغندا مقر المؤتمر الاستعراضي الافتتاحي للمحكمة الجنائية الدولية والذي أقيم عام 2010. وعندما سقط أونغوين عام 2015، سارعت أوغندا إلى التعاون مع المحكمة وسلمته فورا للمحاكمة.
ورأى التقرير، في ظل هذا التاريخ الأوغندي في التعاون مع الجنائية الدولية، أن الفرصة كانت مثالية أمام أوغندا لكي تظهر دعمها للمحكمة بعدم قبول استضافة البشير على الأقل، لا أن ترحب بتلك الاستضافة وتدافع عنها!!
يذكر أن المحكمة الجنائية الدولية استنكرت موقف أوغندا، عدم الامتثال لنظام روما الأساسي، بالإخفاق في اعتقال البشير وتسليمه، وقدمت المحكمة إحالات إلى مجلس الأمن في هذا الصدد لكن الأخير لم يستجب!!