ردا علي الذين يراسلونني طالبين مني مناصرة والوقوف مع الجيش والترويج لما يسمي بحرب الكرامة ودعم قادة الجيش إعلاميا باعتبار أن ذلك هو الموقف الوطني المطلوب من الجميع، أقول لهم أن يكفوا عن ذلك العبث القائم علي الخواء الفكري وقصر النظر.
وظللت اكرر دائما في مقالاتي منذ العام ٢٠٠٧م بأن أس مشكلة الحكم في السودان منذ الاستقلال في العام ١٩٥٦ الي اليوم هي المؤسسة العسكرية والجيش السوداني الذي يجب تفكيكه وإعادة بناء عقيدته العسكرية بشكل جديد مختلف بحيث يصبح مهنيا محترفا بعيدا عن احلام التعلق بالسلطة وإدارة الدولة.
وعليه فأنا لم ولن أقف مع الجيش ولاقادته في هذة الحرب التي يخوضها ضد أحد مليشياته الان او التي خاضها بحق الشعوب السودانية أو تلك التي سيخوضها في المستقبل أن كتب له البقاء. لن ندافع عنه حتي وإن أصبح كل قادته وجنوده من جبال النوبة ناهيك عن قائد ثاني الجيش، فنحن حريصين علي مشروع قومي لكل السودانيين يعترف بقضايا المطلبية العادلة، ويستجيب لها، ونضمن تحقيقيها وليس الاصطفاف علي اساس إثني قبلي في مؤسسات الدولة السودانية لإعادة إنتاج دولة كسيحه من جديد.
ولا ادري كيف خيل لهولاء الأشخاص السطحيين في أن نكون في صف واحد مع شلة من الكيزان والقونات الداعرات والسواقط أخلاقيا نهتف لحرب عبثية وقادة بلا مسؤولية ولا وطنية ولا مهنية لا نشبههم ولا يشبهونا في شئ، ولا تربطنا بهم اي جينات فكرية أو عقائدية أو حتي إثنيا.
هذه الحرب التي يروج لها بعض أبواق الجيش والمؤتمر الوطني والحركة الاسلامية من الإعلاميين هي حرب دولة الجلابة العنصرية، وهي سقوط وهزيمة اخلاقية وسياسية وفضيحة لقادة الجيش السوداني ومليشيا قوات الدعم السريع قبل كل شئ، ومحصلة نهائية متوقعة لدولة يسودها نظام حكم إستبدادي يحميه العسكر بشهوة السلطة ليس الإ.
قادة الجيش السوداني الحالي يجب أن يحاكموا بالخيانة العظمي وليس الهرولة خلفهم بدعوي استعادة الدولة السودانية والمدنية والتحول المدني وغيره من الأكاذيب التي يروج إليها قادة الجيش الانقلابي الحالي في حربهم ضد مليشيا قوات الدعم السريع التي كان هم المشرفين علي صناعتها وتعليفها وتقنين وجودها بالجيش ودافعوا عن ذلك باستماتة في الوقت الذي كان الشعب رافض لذلك.
نفس هذة الجوغة من الجنرالات التي تقود الحرب حاليا مع مليشيا الدعم السريع والتي تسميها جزافا حرب الكرامة كانت حريصة علي تقوية الدعم السريع علي حساب الجيش الذي انهك من القتال الان مع مليشيا صنعها نفس الجنرالات وكان لا خبرة ولا دارية لهم بتوقع واستنتاج مألات ما يقومون به والذي يشترط فيهم ذلك كجزء من المهام المهنية لهم كقادة عسكريين.
نفس قادة الجيش هولاء هم من إختزلوا كل إمكانياته في تقوية وتمكين وحماية نظام المؤتمر الوطني طوال ثلاثين عام وقادته هم نفس الأشخاص الذين كانوا حريصين علي تقوية الإسلاميين للجثوم علي صدر الشعب السوداني عن طريق قمعهم بالة الجيش نفسها.
هم نفس الأشخاص من يريدون الان من الشعب الذي قتلوه واغتصبوه وشردوهو وفضوا اعتصامهم وانقلبوا علي خيار ثورته السلمية للوقوف الي جانبهم لإعادة إنتاج نفس النظام السابق فهل يعقل ذلك؟!.
الجيش السوداني لم يكون في يوم من الايام مؤسسة محايدة ككل جيوش الشعوب المتحضرة يدافع عن الوطن والبلاد لكنه تسبب في فصل نصف الوطن وترك الدول تستقطع ما تشاء منه شرقا وشمالا وهو مكتوفي الأيدي يدافع عن البلد بالنظر.
الجيش لم يكن مهنيا في يوم من الايام ولم يكن مؤسسة قومية تستحق الإحترام ولا قادتها الذين يدعون السودانيين للوقوف في صفهم. وكل ما يقوله قادة الجيش المواطنيين انه لا داعي أن يرهق أحدكم ذهنه في التفكير في اسباب هذه الحرب ومسبباتها ومآلاتها فقط يطلبون الاستطفاف مع وقاعدين بعزيمة الاشرار من الدعم السريع ليعودوا من جديد انتاج نموذجهم السابق الفاشل بقوة الحديد والنار.
نفس هولاء القادة من جنرالات الجيش الحاليين هم من قادوا جيش البلاد لقتال الشعب بواسطة المليشيات التي يصنعها “حرس الحدود، الشرطة الظاعنة، تونق تونق، فاولينو مايب، فيتر قديت، بافن متويل، الدفاع الشعبي، الشرطة الشعبية، كتائب الظل، كتائب المجاهدين ، كافي طيارة … والقائمة تطول، وكل هذى الحروب التي قادها متحالفا مع هذة المليشيات لم تكن ولا واحدة منها ضد عدو خارجي وكلها حروب صراع على السلطة والحفاظ علي الامتيازات التاريخية والامتيازات الوظيفية.
نفس قادة الجيش الفاشلين الان يحرصون وبكل سزاجة علي تصوير هذة الحرب بأنها من أجل الوطن وسيادته وكرامته وغيرها من الفرمالات والكوبليهات المحفوظة عن ظهر قلب للشعب السوداني.
وتناسوا أن هذة المرة لن تنجح نفس الخدعة كما كانت تقال عندما حارب الجيش السودانيين الجنوبيين حتي فصلوه، وقاتلوا حركات الكفاح المسلح في دارفور والنيل الأزرق وجبال النوبة حتي قسموها، وطاردوا النشطاء المدنيين حتي فروا من البلاد، والمئات من القبائل التي هجروا أهلها وحرقوا مناطقها وحواضنهم الاجتماعية.
هذه الحرب وفرت الفرصة الكافية للسودانيين جميعا للغوص عميقاً والتنقيب في تاريخ الجيش السوداني لفهم طبيعية تكوين الجيش السوداني ومدي مهنيته؟!، والمصالح الاقتصادية والاجتماعية التي ظلت تحافظ وتعبر عنها هذة القيادة العسكرية ؟!، ومن أين يأتي هولاء القادة؟! وكيف يترقي هولاء الجنرالات لقيادة الجيش؟!.
الحرب كشفت نوعية وطبيعة وحدود تلك المصالح بين هولاء القادة العسكريين وهي التي تحرك وطموحاتها للاستيلاء علي السلطة وكيفية إشعال مثل هذة الحرب الحالية لحسم صراعاتهم الداخلية وفرض ارادتهم على الشعوب السودانية.
السودان لن ينصلح حاله لطالما هذا الجيش موجود ومتحكم في البلاد وهو العائق الحقيقي للتحول الديمقراطي والمدني والديمقراطي لطالما ظل هذا الجيش الكلب الوفي للحفاظ علي دولة الجلابة العنصرية القائمة علي الامتيازات التاريخية.
والحرب التي يجب أن يخوضها السودانيين هي التي تقود وتؤسس للدولة المدنية الديمقراطية العلمانية الكاملة الدسم والتي توفر فيها السلام والامان والكرامة والحرية والتعايش. علي السودانيين القتال لاستعادة الدولة المختطفة من الاسلاميين ونظام الجبهة القومية الإسلامية وجنرالات الحركة الإسلامية وبناء دولة مدنية تبني علي أسس جديدة تتوافق فيها كل مكوناتها وشعوبها علي مبادئ لحكم رشيد للبلاد غير قابل للردة من جديد عن مشروع الدولة المدنية الديمقراطية المحمية بجيش مهني قومي يحافظ علي البلاد والديمقراطية، وهذا الجيش الذي يحمي تلك الدولة المدنية المنشودة بلا شك ليس هو الجيش السوداني الحالي وليس هو مليشيا قوات الدعم السريع.
الفاضل سنهوري
٢٦ ابريل ٢٠٢٤م.