بسم الله الرحمن الرحميم
عبدالغني بريش فيوف
على أبواب العام السادس لاندلاع الحرب في جبال النوبة/جنوب كردفان، ومع كل المآسي والكوارث الحاصلة، والتضحيات والبطولات، وادعاء هزيمة الحركة الشعبية، بخاصة بعد المعارك الصغيرة التي كسبها النظام، رأى مجلس تحرير اقليم جبال النوبة أن الوقت قد آن أن يراجع مسيرة الحركة، بطريقة نقدية ومسؤولة باعتبار ذلك من ضرورات العملية النضالية، وأبجديات العمل السياسي. فالثورات التي لا تنتقد ذاتها، وتصحّح مساراتها، تنحرف أو تضيع وتتبدّد طاقاتها وإنجازاتها.
لقد اندلعت الحرب في المنطقتين قبل ستة أعوام من قبل العصابة الحاكمة في الخرطوم ورد عليها الجيش الشعبي بثورة مسلحة لإنهاء نظام الاستبداد والفساد، ومن أجل الحرية والكرامة والمواطنة والديمقراطية والعدالة والمساواة، ومن أجل استعادة وهيكلة الدولة، واستمرت هذه الثورة طيلة السنوات الماضية رغم الصعوبات والتعقيدات، ورغم وحشية النظام، وفتحه البلاد للمرتزقة والمليشيات الإرهابية، لوأد الثورة أو التلاعب بها وحرفها عن مسارها، وتحويلها إلى قضية مجموعة متمردة خارجة على القانون.
وخلال الأعوام الماضية، تعرض شعبنا لأهوال غير مسبوقة، ووجد نفسه إزاء كارثة، المتسبّب الرئيسي فيها هو النظام الإسلامعروبي، الذي يصرّ على اعتبار السودان خاصّة له وفقاً لشعاره، مع مصرع مئات الألوف جرّاء القصف العشوائي، ومحاصرة مناطق كثيرة، الأمر الذي أدى إلى تحطيم مجتمع المنطقتين ، وتشريد الملايين منه.
الجيش الشعبي في كل المعارك التي خاضها ضد قوى البغي والطغيان سجل اروع البطولات ولم ينهزم في أي من المعارك التي خاضها ضد مليشيات البشير ومرتزقته خلال الست سنوات، إلآ أن تلك الإنتصارات لم تترجم إلى عمل سياسي ودبلوماسي وجماهيري كبير ذلك أن الملف “السياسي” بأكمله وضع في يد الأمين العام للحركة الشعبية وهو شخص غير مؤهل وكفئاً للوظيفة المعطاة …ولما طفح الكيل، وبلغ السيل الزبى، ولم يبق فى قوس الصبر منزع، وخربت البيوت، وبلغت القلوب الحناجر من من تصرفات وسلوك وأفعال ياسر عرمان لم يبقى أمام الرفاق في المناطق المحررة سوى دعوة مجلس التحرير (إقليم جبال النوبة) للتدخل المستعجل.
وبدعوة من رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال بالإقليم، إنعقدتدورة الإنعقاد الأولى لمجلس تحرير الإقليم، وكانت الجلسة الإفتتاحية فييوم الأثنين الموافق السادس من مارس 2017م بقاعدة الشهيد يوسف كوة مكيبالمناطق المحررة. وقد شرف إفتتاح المجلس كل من رئيس هيئة الأركانالعامة للجيش الشعبي لتحرير السودان – شمال وعضو المجلس القيادي القومياللواء/ جقود مكوار مرادة، نائب رئيس هيئة الأركان إدارة وعضو المجلسالقيادي القومي اللواء/ عزت كوكو أنجلو، قادة الفرق والألوية، رئيسالحركة الشعبية وحاكم الإقليم بالإنابة العميد/ سليمان جبونا محمد،الامين العام للحركة الشعبية بالإقليم العميد/ تجاني تما الجمريومساعدوه، أعضاء المجلس القيادي بالإقليم، سكرتيري الجهاز التنفيذيبالإقليم، ممثلي منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية العاملةبالإقليم بالإضافة الى رجال الإدارة الأهلية.
في هذا النداء، أو المراجعة، تناول الحضور الكثير من القضايا الخاصة بالتنظيم بدون مكابرة أو إنكار، وتحدث الكل بشجاعة أخلاقية وبمسؤولية تنظيمية، ومن دون مواربة، بالمآلات الخطيرة التي وصلت إليها الحركة الشعبية، ليعقب تلك النقاشات المستفيضة اصدارالمجلس حزمة قرارات تتعلق بالقضايا والمشاكل التنظيمية وعدد منالملفات ذات الصلة بالقضايا المصيرية، وقد أتخذت قرارات المجلس في إطارالمؤسسية بعد تقييم الأداء وقد إستند المجلس في مناقشته للقضايا القوميةوالمصيرية وإتخاذ القرارات بشأنها على المبررات والحيثيات التالية:
أ. غياب المؤسسات والهياكل القومية المتمثلة في المؤتمر العام ومجلس التحرير القومي.
ب. الخلافات داخل المكتب القيادي حول القضايا المصيرية والتي قادت إلىإستقالة نائب رئيس الحركة الشعبية – شمال.
ت. عدم إستشارة المؤسسات القاعدية ذات الصلة في القضايا المصيرية خاصةفيما يتعلق بمطلب حق تقرير المصير، الحكم الذاتي ومصير الجيش الشعبي الخ.
إن الخطوات التي اتخذها مجلس التحرير في اجتماعه المنصرم تعتبر بكل المقاييس تأريخية وشجاعة كونها أجابت على معظم الأسئلة التي كانت تنتظر الإجابة عليها طويلا من الرفاق وجماهير الحركة، ونحن إذ نشيد بهذه الخطوات الضرورية لأنها بمثابة دعوة للمراجعة ولاستنتاج العبر، وإنتشال الثورة من مأزقها، ووضعها على مسارها الصحيح، ولاستعادة مقاصدها النبيلة، وإعادة بناء كياناتها، وتصويب خطاباتها، وترشيد أشكال عملها وطرق كفاحها.
في مقالات عدة لي على المواقع الإلكترونية السودانية اشرت إلى أن (الجيش الشعبي) خط أحمروأن سلاحه لا يمكن الاقتراب منه بأي حال من الأحوال وهو غير قابل للنقاش،وهو من هذا المنطلق خارج المعادلة لأن الخرطوم لا تفهم إلآ قانون الطلقة والبندقية ، ونحن نشيد بمجلس التحرير الإقليمي “جبال النوبة” الذي أكد في بيانه الختامي أن الجيش الشعبي لتحرير السودان – شمال سيظل خط أحمرفي أي تسوية سياسية مع حكومة الأمر الواقع في الخرطوم بإعتباره الحارسوالضامن الوحيد لإنتزاع حقوق الشعوب السودانية المهمشة.
نعم لقرارات مجلس التحرير الإقليمي ، لأنها تعمل على إستعادة الثورة لخطابها ومقاصدها الأساسية التي انطلقت من أجلها، بتأكيد طابعها كثورة للضعفاء والمساكين، ثورة تهمّ شعبنا بمختلف مكوناته الدينية والمذهبية والأثنية ، ثورة تقوم من أجل التحرر من نظام الاستبداد والفساد، وإقامة دولة مؤسسات وقانون والمواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات.
المهم هو ان قرارات مجلس التحرير تضمن استمرار حيوية ووهج وزخم الثورة المسلحة فهي التي تحترم دماء الشهداء وتحقق مطامح شعبنا الأبي .. كيف ستحقق هذه المطامح في سياق المسار الثوري السليم؟ تلك هي مهام مجلس التحرر الإقليمي في هذه المرحلة.
وشكرا..