حسن اسحق
بدأ ايام بدأ توافد عدد من رؤساء دول منظمة الإيغاد الى جيبوتي، واختتم المؤتمر يوم الأحد جلساته، بحضور عدد من رؤساء ابرزهم الرئيس الكيني اوهورو كينياتا والصومالي محمد عبدالله فرماجو ورئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك ورئيس الوزراء الاثيوبي ابي احمد، في ظل التوتر الداخلي الإثيوبي والصراع بين الحكومة المركزية في أديس أبابا وجبهة تحرير تيغراي في الشمال، والمواجهات بين الجيش الإثيوبي وجبهة تحرير تيغراي جعلت أكثر من 50 ألف يفرون الي الاراضي السوداني في ولايتي كسلا والقضارف، هذا الأمر لم يتوقف هناك فقط، ظهر الخلاف الحدودي بين الجارتين أثيوبيا والسودان، بعد اعتداء مليشيات اثيوبيا مسنودة من الحكومة المركزية على دورية عسكرية في الحدودية الشرقية للبلاد، في شهر مايو الماضي اعتدت المليشيات الاثيوبية في منطقة الفشقة التابعة لولاية القضارف، وايضا اعتداءتها ايضا في هذا الشهر، ما أثار غضب المؤسسة العسكرية، قامت بالرد الحاسم عليها اعتداءات المليشيات الاثيوبية واسترداد بعض الاراضي الزراعية من عصابات الشفتة الاثيوبية.
شهدت الحدود الشرقية بين البلدين توترات بين الجيش السوداني والجيش الفيدرالي الأثيوبي ومليشياته، أن قمة الإيغاد بدولة جيبوتي سوف تلعب دورا رئيسيا في تخفيف حدة التوتر بين الجارتين، كان لهجة رئيس الوزراء الاثيوبي أبي أحمد فيها نوع من الدبلوماسية والمرونة، موضحا أن هناك جهات تريد الايقاع بين السودان وإثيوبيا، واستبعد ان تحدث حرب بين الجارتين، اعتقد ان اللقاء بين رئيس الوزراء الأثيوبي-السوداني يوم الاحد الماضي في جيبوتي، ربما يناقش الاشكال الحدودي بين البلدين، وتكرار اعتداء المليشيات الأثيوبية علي المزارعين السودانيين سنويا في منطقة الفشقة الصغرى والكبري بولاية القضارف المتاخمة الجارة اثيوبيا، وكيفية إيجاد حلول، الأمر الجيد أن الجارة إثيوبيا تعترف ان منطقة الفشقة سودانية، رغم ان مليشيات اثيوبية تقوم بزراعتها سنويا منذ أكثر من عشرين عاما.
أما الجارتين الصومال وكينيا، العلاقات بينهما تتسارع نحو الهاوية، عندما طلبت مقديشو من قوات الدفاع الكينية خروج قواتها من اراضيها، وهي ضمن قوات أميسوم المكلفة بمرسوم من الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي لحفظ السلام في الصومال، لمساعدة الحكومة الصومالية الفيدرالية في مواجهة حركة الشباب المتعنتة، بدأ التوتر الدبلوماسي بينهما، عندما زعمت الصومال إن كينيا بدأت في التدخل في شؤونها الداخلية، واتهمت كينيا صراحة ان لها يد في إقليم جوبالاند، وأنها تمارس ضغوط على رئيسها للتراجع عن قانون الانتخابات الذي اتفق عليه في العاصمة مقديشو منذ اشهر، عندما كينيا اجبرت رئيس جوبالاند احمد إسلام مادوبي على التراجع عن اتفاق انتخابي.
لذا اتخذت الحكومة الفيدرالية الصومالية قرارا بطرد السفير الكيني لدى الصومال لوكاس تومبو، واستعدت مبعوثها في نيروبي احمد نور لمزيد المشاورات، الأمر لم يقف عند هذا الحد وحده، مقديشو قالتها صراحة ان كينيا تستضيف معارضة صومالية تعمل علي زعزعة الاستقرار وربما تحاول اسقاط حكومة محمد عبد الله فرماجو، الذي يسعى إلى خوض انتخابات برلمانية ورئاسية العام القادم، رغم نفي الحكومة الكينية مرارا وتكرارا، انها تحترم سيادة دول الجوار، تؤمن بالتدخل في شؤون الآخرين، يوم 15 ديسمبر الجاري، أشار المتحدث باسم الحكومة سايروس اوغونا إلى أن هناك الكثير من القواسم المشتركة بين الصومال وكينيا وان كينيا تحترم الدولة المجاورة.
اعتقد اللقاء الأحد بين الرئيس الكيني اوهورو كينياتا والصومالي محمد عبد الله فرماجو، انه تطرق فعليا إلى مناقشة المخاوف والمزاعم الصومالية، وحتي كينيا تعلم جيدا ان التصعيد بين الجارتين لا فائدة ترجى من ورائه، و اوهورو نفسه يريد ان يختم الفترة الاخيرة، من دون أن يتورط في نزاع دبلوماسي، يكون وصمة عار بالنسبة له، ويبدو لي، أن مناقشة تدخل كينيا وجدت حظها في لقاء الأحد بينهما، ومناقشة مزاعم استضافة كينيا لمعارضة صومالية تخطط للقيام بالهجوم على الحكومة الفيدرالية وجيشها الوطني، وايضا رئيس قمة الإيغاد، رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، حاول تقريب وجهة النظر بين الدولتين، مع وجود رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي محمد، هذه القمة تهدف إلى إنهاء التوتر بين دول المنطقة بالطرق السلمية والدبلوماسية، دون التورط في نزاعات واحتكاكات تزيد من معاناة سكان هذه الدول.
كينيا يبدو لي، لا تريد التصعيد، وتسعي الي الحلول الدبلوماسية، والصومال تصر من جارتها ان تبعد نفسها من التدخل في شؤونها المحلية، هي وحدها قادرة على ادارة ذلك، الوضع الداخلي الكيني ابتداء من فيروس كورونا والاقتصاد الذي يعاني والوظائف التي فقدت بسبب جائحة فيروس كوفيد، مبادرة مشروع بناء الجسور الاستفتاء حول التعديل الدستوري المرتقب، كلها ملفات تقلق الرئيس اوهورو كينياتا، عليه فقط التركيز في جبهة قتالية واحدة، بدل من الدخول في جبهات متعددة، عودة الأزمة إلى السطح بين الصومال وكينيا، والصومال تريد من نيروبي اتخاذ موقف جاد، ان تبعد نفسها عن الشأن الصومالي، باعتباره شأن داخلي يخص الصوماليين وحدهم، قمة ايغاد ربما بحثت عن الدواء الذي ربما يعيد التهدئة بين نيروبي ومقديشو، وأديس أبابا والخرطوم، قمة جيبوتي التي اختتمت يوم الأحد، شارك فيها معظم أعضائها، علينا فقط الانتظار، لنرى ثمار هذه القمة، وهل قاداتها لهم من الحكمة والحنكة على إيجاد حلول سياسية ومخاطبة قضاياهم بنوع من المسؤولية، والاعتراف المتبادل لسيادة الدول على حدودها المتعارف عليها اقليميا ودوليا.