تناولنا في الجزء الأول من القراءة بوادر صراع الرؤي والمصير وبعض اشكاليات قضايا الحركة الشعبية لتحرير السودان، وذكرنا ان الاشكاليات بدأت تطفح على السطح حينما اودعت ورقة سرية قدمها رئيس الوفد المفاوض الامين العام المقال ياسر سعيد عرمان تتعلق بالترتيبات الامنية ووضع الجيش الشعبي في مضمونها دمج قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان في مليشيات المؤتمر الوطني وتجريده من السلاح في خطوة وصفناها بالجريمة والمؤامرة وتعتبر خيانة عظمى تستوجب المحاسبة والمحاكمة الثورية لان الورقة التي اودعت سراً للوساطة ووفد الحكومة المفاوض في ظاهرها هو دمج الجيش الشعبي، لكن في حقيقة الامر الموضوع عبارة عن مشروع استيعاب وتذويب للجيش الشعبي في مليشيات المؤتمر الوطني، وهذا الاخير إستحالة وذكرنا اسباب لذلك.
نعود إلى كبير مهندسي هذه اللعبة المنافق العظيم أمام الانصار الصادق المهدي الذي لعب دوراً في هذه المؤامرة لاتمام الصفقة، خاصة وانه ظل يتبجح في تصريحاته ومقابلاته الصحفية منذ توقيع مايسمي بإعلان باريس وميثاق نداء السودان الجديد بانه قد نجح في تحقيق اختراقات مبدئية ووطنية وذلك بنجاحه في اقناع فصائل الجبهة الثورية بالتخلي عن انتهاج العنف كوسيلة لتحقيق الاهداف السياسية والتخلي عن مطلب حق تقرير المصير، ولان هذا الرجل ظل يتلون منذ ان دخل عام السياسة دون ان ينجز اي شيئ يذكر للشعب السوداني وكان عالا على مسيرة التحرير الوطني، ظل منشغلاً دائمآ بنفسه ويحب ان يكون في دائرة الضوء ومحط انظار الناس واهتمامات اجهزة الاعلام به وباخباره وخطبه وتصريحاته وان يكون الشخصية اللامعة الأولي في المجتمع السوداني والا ينافسه احدآ في اي مجال سياسي او ديني او اجتماعي او اقتصادي بالرغم من اكاذيبه وتصريحاته التي اصبحت اسطوانة مشروخة معتقداً انه رب السياسة السودانية واضعاً لنفسه اعتباراً رغم انه لم يخرج من طوره التقليدي وظل يتبجح ويفتخر بالإختراق الذي نجح فيه بنسبة كبيرة حسب اعتقاده لتأثيره في الامين العام المقال ياسر عرمان الذي تلاقت افكاره بعض الشئ معه لاتمام صفقة الجيش الشعبي الامر الذي اعطاه حافز اكبر للتصريح بأريحية لوسائل الاعلام خاصة بعد التطورات الأخيرة داخل الحركة الشعبية لتحرير السودان ويقول ان هناك إتفاق مكتوب تم توقيعه مع قيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان منذ اغسطس 2016 يتم بموجبه التنازل عن مبدأ اسقاط النظام بالقوة في اشارة واضحة للورقة التي اودعت سراً بإتفاقه مع الامين العام المقال عرمان والرئيس عقار على اكبر مؤامرة وصفقة رابحة للنظام وهي تذويب الجيش الشعبي في مليشيات النظام ليتضح الأمر لاحقاً بانه هو مهندس صفقة “الهبوط الناعم” هذه، وليس من المسغرب ان يكون المهدي هو مهندس هذه اللعبة لان تاريخ هذا الرجل خرب وملطخ بدماء الابرياء والكل يعرف ما الت اليه الاحزاب في السودان من تردي وتدهور للعمل السياسي بسببه بعد ان نجح في تدمير اغلب الأحزاب السياسية السودانية بتحالفاته الوهمية وساهم مساهمة كبيرة في تحويل معظمها إلى أحزاب تتسابق على السلطة على اكتاف اخرون واصبحت عبارة عن احزاب اكسسوارية واحزاب فكة بعد ان نجح في تدجينها ليساهم في تأزيم الوضع الذي يعيشه الاحزاب اليوم فهو رجل يجيد مثل هذه الادوار الخبيثة فهو يعتبر من أخطر الآفات التي تنخر في أوصال الاحزاب السياسية ومعولا هداما يعمل على القضاء على ما تبقى من احزاب وحركات مسلحة فهو شخص مجرد من أي مبدأ سياسي أو عقيدة أخلاقية أو فكرة أو مذهب معين عدا المبدأ النفعي الخاص به لذا تجده ينقلب سريعاً على ادعاءاته ولا يمانع من الخروج عن الجماعة التي يدعي الانتماء إليها فهو لاعب ماهر يجيد كل الأدوار وان جار لنا وصفه يمكن ان نصفه بافضل مستشاري السوء والكذب والنفاق لا الصدق والعون، وهذا ربما يكون الوصف الانسب لهذا الرجل المتلون والا كيف يمكننا ان نصدقه ونؤمن بانه يعارض النظام وابنه الكبير عبدالرحمن هو مساعد للرئيس المطلوب لدي المحكمة الجنائية الدولية لإرتكابه جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب في القصر الجمهوري وابنه الاخر البشرى ضابطا في جهاز الامن؟!!! ومع ذلك يحمل هو مساعي لإسقاط ذات الحكومة التي يعمل فيها ابناءه؟!!! هل يعقل هذا الكلام؟ لا اعتقد ذلك لكنه يؤكد حقيقة واحدة اثبتها الكاتب الأمريكي أريك ريفز بعد ان تحصل على الوثيقة السرية التي كشف من خلالها الكثير والمثير من خطط نظام المؤتمر الوطنى للتعامل مع الجبهة الثورية وأحزاب المعارضة خاصة بإسغلال الصادق المهدي وقيادات بارزة في حزب الامة للعب دور الاختراق لإضعاف أحزاب المعارضة السودانية مما يؤكد ان المهدي عميلاً لنظام الخرطوم بعد ان استغل نسبة لتقاربه مع قوى الاجماع الوطني، لأن الهدف الرئيسي للمؤتمر الوطني هو عدم وحدة المعارضة السودانية، فكلما كانت المعارضة منقسمة الى كيانات مختلفة فان ذلك يسهل اختراقها ويصعب من عملية توحيد قرارها لاسقاط النظام. مما يؤكد ذلك خطورة تحركات هذا الرجل في شق صفوف المعارضة والحركات ومع ذلك يريد المقال عرمان وعقار السماح له بإتمام صفقة الجيش الشعبي بطريقة سرية بعيداً عن الحزب والمؤسسة العسكرية وحينما انكشفت لعبتهم بدلاً من الإعتذار لجماهير شعبنا عن هذه الفضيحة الكبرى استمروا في تماديهم في الأخطاء ولم يتوقف الامر الى هذا الحد فقط بل يريدون تلفيح التهم والدفاع عن افكارهم الخبيثه هذه بإعلانهم البيان الهزيل الاخير ويحاولون تزييف الواقع وتشويه صورة الحركة الشعبية لتحرير السودان ويصفون الواقع وما ذهب اليه الثوار بعد ان حددوا موقفهم عبر قرارات مجلس التحرير بالمشوشين في محاولة يائسة منهم لتغطية اخطاءهم ويبررون مايحدث بانه ماهو الا غطاء لتمزيق الحركة الشعبية ولم يكتفوا بهذا القدر من الاكاذيب بل يريدون تحدي قرارات مجلس التحرير ويعتبرون المطالبة بالمحاسبة والاصلاح التنظيمي بانه انقلاب سياسي وعسكري ويضيفون في بيانهم ان ما يقومون به الثوار اخطر من تنفيذ اجندة الحكومة!! الم تكن هذه فوضى عارمة؟، لم يكتفوا انصار الثنائي عرمان وعقار من العبث واللعب بسبلهم الوهمية التي خرجوا بها عبر تنكيل التهم بل يحاولون تجريم الرفاق دون خجل متناسين افعالهم من أجل السلطة التي عمت اعينهم وجعلتهم كالاسماك خارج الماء بعد ان وقعوا في شر اعمالهم وانكشفت المؤامرة واللعبة الخبيثة التي قادها وهندسها الهربوية ود المهدي عبر تحركاته الماكوكية السابقة بين صفوف المعارضة التي انتهت معها قصتهم وقصة حلم المناصب والاشياء الفارهة الموعودة على حساب ارواح الشهداء ونضالات الثوار لكن ضاع الطريق في الماء الامر الذي اغضبهم واغضب معهم معاونيهم “الكمبارس” حاملي الحقائب الدبلوماسية و”كساري التلج” واصطدمت احلامهم بالواقع بعد الموقف الثوري الشجاع الذي اتخذه مجلس التحرير ليصبحوا في خبر كان والكل منهم فقد بوصلته واصبح مهندس اللعبة بلاشك اكثر المهتمين الان بالتطورات الجارية حالياً داخل الحركة الشعبية ويتابع بقلق مالات الأوضاع خاصة مصير حليفيه عرمان وعقار وهو بلاشك احرص مايكون علي بقاءهما علي سدة القيادة لضمان انجاز المهمة المشتركة المتمثلة في هزيمة القوى الثورية بتجريدها من اهم اليات النضال واكثرها فاعلية، وذلك باتمام الصفقة السرية مع النظام بمساومة الجيش الشعبي من أجل اهداف تخصهم، لكن تبقي الحقيقة ان مصممي ومهندسي هذه الصفقة السرية ماهم الا وكلاء المركز الذين ظلوا يتدثرون بثياب الثوار لكن فليذهبوا الي مذبلة التاريخ غير مأسوف عليهم بعد ان انكشف زيفهم واخطأوا في شراء الدهان الذي ارادوا ان يطلوا به الثوار لانه من النوع الردي، فثوار الجيش الشعبي الذين يحملون على عاتقهم هموم وقضايا شعب مظلوم ومضطهد لا يمكن طلائهم بهذا الدهان الغير صالح للاستخدام لانهم ادركوا حجم البطش والتنكيل الذي بلغ حد الابادة الجماعية والدمار الشامل لذا جاءت هذه العزيمة لتغيير هذا النظام وبناء دولة المؤسسات المبنية على التعدد الديني والثقافي لشعوب السودان ومساوة النوع وعلى كل من يحاول اللعب على وتر المصالح الذاتية فليذهب غير مأسوف عليه ويترك من شق طريقه واختار درب النضال وحتماً النصر حليفنا.