بقلم :عبدالعزيز محمد
استلهمتني للكتابة في هذا الوقت العصيب تلك الاخبار الراجة عن ما يشاع بوضع السودان تحت الوصايا الدولية علي اعقاب الطلب الذي تقدمت به حكومة السودان باستجلاب قوات دولية تحت البند السادس ويترتب علي ذلك انهاء مهمة قوات اليونميد بدارفور والمعلوم ان السودان ظل خلال فترة تقارب 15 عام تحت الوصاية الدولية بامر النظام البائد والتي اجبرت الاسرة الدولية باصدار قرار 1769 في 31-7-2007م الصادر من مجلس الامن والقاضي بنشر قوات اليوناميد في دارفور اعتباراً من 2008م بحيث يسمح لتلك القوات التي اعتبرت اول قوة مشتركة بين الامم المتحدة والاتحاد الافريقي حيث خولت لها استخدام القوة لحماية المدنيين والعمليات الانسانية وشهدت تمديد لفترة عمل هذه القوات لفترات مستمرة و في 2017م قرر تخفيض حجم هذه القوات لمرحلتين بغية انهاء عملها بضغوطات مارستها حكومة الابادة الجماعية متواطئةً مع شركائها الاقليمين والدوليين علي الرغم من فشلها الذريع في تنفيذ مهمتها الاساسية المتمثلة في حماية المدنيين في المعسكرات النزوح بدليل عمليات القتل والتشريد واحراق المعسكرات التي حدثت في وجودهم دون ان تتخذ اي من التدابير الممنوحة لها في التفويض وظلت مكتوفة الايدي طوال فترة عملها بل وصل الامر لنهب ممتلكاتها وعجزت عن الدفاع عنها وعن نفسها حتي حيث فقدت العشرات من جنودها نتيجة ضعفها في حماية نفسها ناهيك عن الفساد الاداري التي صاحبت مسيرتها وتواطؤها مع النظام البائد كعادة الاتحاد الافريقي مع قادتها ويكفي التقارير التي سربتها الدكتورة / عائشة البصري الناطقة الرسمية باسم تلك القوات والتي تقدمت باستقالتها اعتراضاً علي اداءها وسلوكيتها السالبة وفشلها في اداء واجباتها المنوط عليها .
في ظل الحكومة الانتقالية الحالية التي ورثت ازمات متراكمة وانهيار كامل لمؤسسات الدولة فرضت عليها الاستعانة ببعثة اممية تساعد الوطن من انتشالها من هذا المستنقع للنهوض بها نحو الاستقرار والتنمية لا سيما حماية المدنيين في دارفور وان كان تفويضها يحتاج لاعادة نظر وذلك لانتشار السلاح في دارفور في ايدي المليشيات مما يتوجب استخدام تدابير عسكرية لنزع الاسلحة من تلك المليشيات وهذا ما نادت به حركة / جيش تحرير السودان قيادة عبد الواحد النور منذو 2006م بضرورة ارسال قوات دولية لدارفور تحت البند السابع وعارضته في ذلك حكومة النظام البائد بشراسة وبذريعة تعريض الوطن للاستعمار الاجنبي معللةً ًبان الوضع في دارفور مستقر واَمن في تكذيب واضح للواقع وقتئذ فحاول النظام السابق مقاومة مطلب نشر قوات دولية حتي الحافل الدولية وقامت بسحب مندوبه من الجلسة التي عقدت في مجلس الامن بصدد استصدار قرار يفضي بذلك وصدر القرار في غياب ممثل السودان بابتعاث قوة مشتركة , وبالعودة الي الدلالات الايجابية بقدوم بعثة اممية التي تختلف عن سابقتها فان ثمارها ستنعكس علي السودان اجمع في بناء السلام ووضع اسس متينة للديمقراطية بالاستفادة من الخبرات المتراكمة لهذه القوات في تعاملها مع الصراعات والحروب التي نشبت في دول عديدة واستطاعت انتشالها من بؤورة الازمات والاحتراب الي قمة الاستقرار والرقي والازدهار في شتي مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والقانونية والخدمات المدنية والنماذج علي سبيل المثال لا الحصرمنها ليبريا ورواندا ويوغسلافيا وجنوب افريقيا –الخ حيث استطاعت من اخماد الحروب بايصال الاطراف المتنازعة لتسويات وجدت القبول من جميع الاطراف وشملت تلك التسويات احقاق عدالة انتقالية للانتهاكات الجسيمة التي صاحبت ارتكابها ابان فترة الحرب . كما اشرت مسبقاً ان تفويض اليونميد كان تحت البند السابع والاشد خطورة لمسالة السيادة وان القوات المزمع نشره في 31-5-2020م لا تملك تفويضاً يخول لها استخدام القوة اي ان اختصاصتها تنطوي تحت البند السادس والتي تحوي المواد الاتية المندرجة فيه :
المادة (33 ) تشجع اطراف النزاع باللجؤ للحلول السلمية عبر الوكالات والتنظيمات الاقليمية
المادة (34 ) تخول لمجلس الامن الفحص في اي نزاع قد يعرض السلم والامن الدوليين للخطر
المادة ( 35 ) تخول لاي دولة عضو في الامم المتحدة حق تنبيه مجلس الامن والامم المتحدة ازاء اي نزاع او موقف من النوع المشار اليه في المادة ( 34 )
المادة ( 36 ) يحق لجلس الامن ان توصي للاجراءات الواجبة اتباعها في مراحل التسوية المشار اليه المادة 33
المادة ( 37 ) اذا اخفقت اطراف النزاع في الحيلولة من فض النزاع ان يقوموا بابلاغ مجلس الامن بذلك واذا راي مجلس الامن ان استمرار النزاع يعرض السلم والامن الدوليين للخطر يحق لها ان توصي بما تراه ملائماَ من الشروط لوقف النزاع
المادة (38 )علي مجلس الامن تقديم توصيات للاطراف المتنازعة بقصد الرضوخ للحلول السلمية
اذا تمعنا في المواد المشار اليه اعلاه نجد انها لا تتضمن نصاً يفضي لاستخام القوة بل جل موادها تحث علي التسوية
السلمية وتقديم توصيات من قبل مجلس الامن لاطراف النزاع . وتخلو من نص يفضي بوضع دولة ما تحت الوصايا ما لم يصدر قرار لاحق مستقبلاَ اذا ما استوجبه حدة الصراع ذلك . الا ان الوضع الاَني تستوجب استجلاب هذا القوات الدولية لتساههم في حماية الحكومة الانتقالية المالفة من شقين و لم ترضي طموح الثوار بعد بلاضافة الي ان هذه القوات ستلعب دوراً محورياَ في تاهيل مؤسسات الدولة بالاستفادة من خبرات الخبراء المصاحبين للبعثة وبناء اسس الديمقراطية والعمل علي استقرار الوطن .