واشنطن – صوت الهامش
نشرت مجلة فورين بوليسي تقريرا حول العوامل الجيوسياسية المؤثرة على القرار الأمريكي بخصوص السودان، قائلة إن شركاء واشنطن في الشرق الأوسط يمكن أن يساعدوا في الحيلولة دون تحوّل السودان إلى ليبيا أخرى في المنطقة.
واستهلت المجلة الأمريكية تقريرها، الذي اطلعت عليه صوت الهامش، بالقول إن واشنطن عندما اندلع الصراع على السلطة في السودان قبل شهر، أعربت عن قلقها من أن يقوض ذلك جهودا كانت تُبذل لإعادة السودان إلى طريق الانتقال للديمقراطية.
وقالت فورين بوليسي إن وساطة السعودية بين طرفَي الصراع السوداني لن تتطرق لقلق واشنطن بشأن الديمقراطية؛ وذلك لأن السعودية لديها الكثير من الأولويات، بما فيها منْع وقوع حرب أهلية سودانية، وبشكل أعمّ الحفاظ على الاستقرار في منطقة البحر الأحمر.
ورأت المجلة أن واشنطن تحلّت بالحكمة في قرارها إرجاء دعم الديمقراطية في الوقت الراهن، والعمل بدلا من ذلك على دعم جهود الرياض للحيلولة دون انزلاق جارتها على الجانب الآخر من البحر الأحمر [السودان] إلى مستنقع الفوضى.
وقالت فورين بوليسي إن الحقيقة المؤسفة هي أنه لا يوجد ديمقراطيون ولا دعاة سلام في السودان.
ولم يزل السودان، منذ استقلاله في عام 1956، يعاني ويلات أنظمة استبدادية وحروب الأهلية.
ولفتت المجلة إلى أن الصراع في السودان الآن هو بين جنرالَين عربيين، وأن القوى الإقليمية الرئيسية ذات التأثير في السودان -مثل مصر والسعودية والإمارات- هي دول عربية.
وقالت فورين بوليسي إنه لأمرٌ حيويّ أن ننظر إلى الأمور في سياقها السياسي الإقليمي، وأن نضع في الاعتبار أن تبعات عدم الاستقرار في السودان قد يصل إلى مناطق أخرى في الشرق الأوسط المضطرب بالأساس.
ونوهت المجلة الأمريكية إلى أن المصريين قريبون من الجنرال البرهان على رأس الجيش النظامي السوداني، والذي يسيطر على شمال البلاد.
ويساعد البرهان القاهرة في صراعها مع إثيوبيا على مياه النيل، كما يسيطر البرهان على ميناء بورتسودان، الذي يعد موقعا استراتيجيا في الصراع.
وفي الجهة المقابلة، تميل الإمارات إلى جانب الجنرال حميدتي على رأس قوات الدعم السريع شبه العسكرية.
وينحدر حميدتي من إقليم دارفور غربي السودان، ويسيطر على مناجم الذهب في البلاد، ويكدّس أرباحه من ذلك في بنوك إماراتية.
وفي الكابيتول هيل بواشنطن، حيث تجري صناعة القرار الأمريكي، يميل الرأي إلى فرْض عقوبات على السودان على أمل فرْض الانتقال الديمقراطي في البلاد.
وتعالت أصوات في واشنطن بفرض عقوبات على الجنرالَين البرهان وحميدتي وبتقييد نفوذ الأطراف الخارجية التي تساعد هؤلاء الجنرالين المتصارعين على السلطة في السودان.
لكن علاقات واشنطن مع مصر والسعودية والإمارات هي متوترة أصلاً؛ ومن شأن التلويح لتلك الدول بعقوبات أن يزيد من إبعاد حلفاء في وقت تُعدّ الحاجة إلى تدخّلهم لنزع فتيل التوتر ماسّة.
وحذّرت فورين بوليسي من أن المخاطر كبيرة؛ وأن السودان يوشك أن يصبح ليبيا أخرى في المنطقة – حيث حرب أهلية بين فُرقاء مدعومين من أطراف خارجية.
وتابعت المجلة الأمريكية بأن الحرب الأهلية في السودان لن تضير الاقتصاد الإقليمي فحسب، ولكنها تنذر بإعادة السودان ملاذاً للإرهابيين.
ومن هناك يمكن لهؤلاء الإرهابيين أن يقوضوا أي جهود لتعزيز الاستقرار في منطقة الساحل، فضلا عن التهديد بتقويض الاستقرار في مناطق أبعد من ذلك.
وأعادت فورين بوليسي إلى الأذهان كيف أنّ زعيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن كان قد قضى خمس سنوات في السودان عمل فيها على تطوير قدرات القاعدة الإرهابية قبل تنفيذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة.
ولفتت المجلة إلى وجود الروس في ليبيا، على الحدود مع السودان، في وضْعية استعداد للاستفادة من الصراع السوداني وتوظيفه جيوسياسياً لمصلحة روسيا، لا سيما في وقت تتعارض فيه مصالح أمريكا مع حلفائها في المنطقة.
وقالت فورين بوليسي إن هدفا استراتيجيا رئيسيا للولايات المتحدة الآن يتمثل في تقليص، إنْ لم يكن القضاء على، النفوذ الروسي في السودان والمنطقة.