بقلم / عبدالعزيز محمد عبدالله
من بعد المفاصلة الشهيرة التي اجتاحت الجبهة الاسلامية والتي افضت الي انشطارها الي المؤتمر الشعبي والوطني الحاكم لم تشهد المنظومة الحاكمة صراعًا داخلياً محتدماً طفح في السطح كالذي تعيشه الان خلافاً لمجموعة غازي عتباني ذات النفوذ الخجول , حيث من المرجح ان يؤدي الصراع الدائر الاَن الي انفجار براثينها رويداً رويداً بعد ان اشتعلت شرارتها باقالة وزير خارجتها الشخص الذي دافع عن النظام الحاكم بكل جسارة وتصدي لوابل من الضغوطات الخارجية المناهضة لسياسات نظام الخرطوم بل ازرفت دموعه لحظة محاولة القبض عل البشير تنفيذاً لمذكرة الاعتقال بان مشاركته في القمة الافريقية بجنوب افريقيا وحالة الاحتقان الذي عاشها البشير ساعتها و لم تتحمل دموع ابراهيم غندور الاحتباس وانسكبت كالسيل المنهمر تعبيراً عن حالة الكاَبة بعد ان كانت كل الطرق تؤدي الي قضبان المحكمة الجنائية الدولية لولا استجابة رئيس جنوب افريقيا المستقيل انياَ جاكوب زوما لنداء الاستغاثة وكان براداً وسلاماً علي اَل غندور وزمرته وتنفس البشير السعداء بتهريبه بالمطار العسكري .
اذا ما تمحصنا فترة غندور وقارنها مع رصافئه الذين تعاقبوا علي مقاليد الوزارة نجد بانها افضل فترة شهدت فيه العلاقات السودانية توسعاً بعض الشئ بفضل هذا الرجل الذي استطاع ان يسخر علاقاته الشخصية ومؤهلاته الاكاديمية في بناء العلاقات مع دول الجوار رغم الحصار والعزلي الدولية لحكومة الخرطوم لجنوحها بارتكاب فظائع بشعة في دارفور اضافة الي الجهود التي بذلها غندور واودت برفع العقوبات الاقتصادية بل فتح مسارات لاستئناف العلاقات مع امريكا مما يعني ان الرجل لديه ميول نوعاً ما للوطن وهذا ما اصطدم برغبة التيارين الاخرين داخل اورقة المؤتمر الوطني وخاصة التيار الاول المتعصب المتحجروالمتخندق في راية ( جهاد نصر شهادة والارهاب ) والذين يسعون لعودة الحزب وشكل الدولة للمربع الاول عند استيلائهم للسلطة بفوهة البندقية واغتصبوا حق الشعب وان دعي الامر لتشظي الوطن الي عدة دويلات فلا يعيرون اية انتباه لذلك وهؤلاء هم داعمي البشير من اجل الترشيح لولاية جديدة 2020م وتعديل الدستور من اجل ان يضمن لهم دمج نصوص قانونية مقيدة للحريات الدينية بفرض الديانة الاسلامية والهوية العربية واشباع غريزتهم بسفك الدماء ونهب ممتلكات الوطن كل ذلك باسم الدين اما التيار الثاني هؤلاء متمسكون بالنهج الاسلامي والعروبي اِلانهما يرون مسالة ترشيح البشير في 2020م قد يهد من توسيع دائرة حزبهم وتضييق عليهم فرصة الامتداد الخارجي نظراً لضلوع البشير في جرائم الابادة ومذكرة الاعتقال الصادرة بحقه مما اٌحجم حركته وقلص من فرص الانفتاح الخارجية ومغزي هذه المجموعة هو تمديد علاقة السودان بالدول العربية وترسيخها مع تنظيمات الاسلامي السياسي وايواء الارهابين .
اما المدعو غندور فكان يغرد وحيداً وسط هذين الفئتين مما ضاع بين انياب الوحوش المفترسة والاجنحة المتسلطة لكونه يميل الي فكر تجديدي نوعاً ما يفضي الي استعمال المرونة في التعاطي مع المجتمع الدولي في القضايا المشتركة والتعامل مع الغرب وفتح قنوات التحاور معها بتهدئة الخواطر واثلاج الملفات الساخنة كالجنائية وملف الجنوب والمطلوبين وما الي ذلك .
الجريمة التي ارتكبها غندور والتي اودت به تحت طائلة الاقالة هو انتهاكه لقوانين ا لقيود المكبلة للحريات وبلاخص حرية التعبير وذلك بعد ان ثبت بما لا يدع للشك المعقول بتمليكه للراي العام عبر حلسة رسمية بالبرلمان الوطني بجهره بان البلاد يعيش ازمة اقتصلدية طاحنة لم تسبق لها مثيل ووصلت لدرجة الافلاس بفضل فشل سياسات الانقاذ القمعية ادي الي فشل البنك المركزي في سداد مرتبات اعضاء السلك الدبلوماسي لمدة 8 اشهر الامر الذي اثار حفيظه نفوس التيار الاول المتقوقع في القصر واستطاعوا انتزاع قراراً مصيرياً من راس النظام قضي باقالة غندور استناداً الي ما بدر منه من حديث في الهواء الطلق كان بمثابة اشانة لسمعة الوطن وارسال صورة سئية للمستثمرين الاجانب كل هذا سبق للرجل بتقديم استقالة قوبل فيه بالرفض حيث طانت دوافع استقالته تكمن في اعتراضه علي ان هناك ملفات تدخل في صميم عمله سُلمت لجهات اخري غير مخولة بذلك , اذن تخيل عزيزي القارئ دولة تعاني من حروب داخلية لعقود من الزمان تهدر فيها 70% من ميزانية الدولة والشعب يعاني من فقر مدقع وازمة اقتصادية كبيرة تتمثل في ارتفاع الدولار والسلع الضرورية وفشل في سداد مرتبات المعليمين والدبلوماسين لعدة شهور تري انها دولة مكتملة الاركان ونظام جديراً بالجلوس في كرسي السلطة ؟؟؟ ناهيك عن انعدام الامن بانتشار مليشيات تستبيح القتل والنهب وحرق القري في دارفور وكردفان والنيل الازرق ,
من محاسن وزير الخارجية المقال انه دافع عن مرتباب اعضاء البعثات الدبلوماسية بضراوة وشعر بمسؤوليته حيالهم وايضاً سالت دماءه ازاء محاولة القبض علي البشير في جنوب افريقيا الا ان الرجل كان له نصيب الاسد في الجرائم التي ارتكبها منظومته بحكم موقعه وعدم ادانتها بل ان دموعه ظلت حبيسة ورفضت ان تفيض او تندي قطرة وهو شاهداً لتك الفظائع التي كانت ترتكب امام عينيه اي كان يتلذذ ويستمتع بمشاهدة المجازر البشرية التي مورست ولا زال تمارس وبالتالي يعتبر شريكاً مما يتعين المحاسبة وعدم طي صفحة ماضيه وان خرج من الوزارة مطروداً فلعينا ملاحقته لاسترداد حقوق الشعب السوداني الابي .