استمعت لحديث الاستاذة زينب بدر الدين، عبر الفيديو: المنشور في الراكوبة. وهي تتسأل: هل هذه دولة..؟ هل هذه دولة..؟ هل هذه دولة..؟ عبارة كررتها اكثر من ثلاثة مرات. . نتيجة لتجاوزات أمن النظام بحق الشعب السوداني، لاسيما الطلاب منهم، الذين دفعوا وما زالوا يدفعون ضريبة عالية من حياتهم من اجل نيل حقوقهم وحقوق شعبهم في الحرية والكرامة الإنسانية. ان التجاوزات التي تمت حتى الان تقول: قد انه قد طفح الكيل . . لذا لأبد من كسر الاقفال . . ومعاقبة الانذال . . رموز الطغيان.
نيرون ليس وحده مثال الجور، ففي كل عصر من العصور يتكرر ” النيرنيون” بعضهم يطابق الأصل بحذافيره، وبعضهم يضيف إلى المثال “النيروني” ملامح لم تكن في الحسبان. تتعدد الأسباب والظلم واحد.
فكم من مستبد ولغ في الدم الحرام، حتى فقد كل صفة إنسانية تربطه بالنوع البشري، وتحول إلى ثور سياسي لا يعترف إلا بقوة قرنيه. . !
وكم من مستبد آخر، رأى في الظلم نهجاً، فأسرف على نفسه وعلى آدميته، فلم يجد باباً للنكوص. . . أو العودة جادة الصواب.
لم يبخل علينا التاريخ بأمثال هؤلاء الحفاة الجفاة، الذين قست مشاعرهم حتى اصبحت صلصالاً، أو حطباً ينخره السوس . . !
وما أكثر الشواهد . . !
ما اكثر الأشكال التي تجلى بها الظلم في عهد الظلام الذي حكمنا فيه عمر البشير. . !
الذي زلت أقدامه عن الصراط المستقيم، لذا ضَل طريق الحق، وتحقيق العدل بين الناس، فانكب على وجهه يحسب ان الشمس في كسوف . . !
لذلك لم ييأس من رهاناته المستمرة على نجاح الباطل. فاطلق أيدي رجال أمنه، ظناً منه انه هو الأسلوب الأنجح في إكراه الآخر على التعايش مع ظروف القهر والاستسلام.
خادعاً نفسه، ظناً منه ان بذلك يخدع الآخرين، بالدعوة للحوار مختل الموازيين، كأقصر الطرق للامساك برقاب الذين جنحوا الى خيار المعارضة التي لا تقبل بإنصاف الحلول.
عمر البشير، أصبح نيرون عصره لذلك هو لا يأبه للرأي المغاير . . ! بل وصل به الغرور حداً ان سفه من خاطبوه متوسلين بالحجة والبرهان، لأحداث التحول السياسي المنشود، بمقترح قيام حكومة انتقالية التي حوتها المذكرة التي هي الان بين يديه . . !
هكذا استعذب القمع، بعد ان أعماه الظلم وظلامه وانسدل على بصره، فغدا ينظر إلى مصدر الضوء بخوف وريبة . . !
الظلم منطلقاته كثيرة، ودوافعه اكثر . . فثمة نموذج من المستبدين تحركه عوامل خفية من الحرمان والكبت الاجتماعي، او بسبب شعوره بالنقص، او القصور، هذا النوع من الشعور الذي من شأنه إذا ما تراكم في نفس المستبد ان ينفجر كبركان مدمر . . !
وثمة نموذج آخر، ورث الظلم واعياً أو غير واع، أو قرأه في كتب الاستبداد، أو إقتبسه من شخصيات كان الجور محور وجودها، أو فاته إدراك عاقبته، فانحرف عن سماع الحق إلى طمسه ولو برأي ساذج . . . رأي، لا يزيد الأمور الا تعقيداً والاحوال العامة سوى مزيداً من الخراب والدمار . . !
هذا النًوع من البشر له في كل زمان دور، ونموذج وما اقساه من نموذج عرفناه في السودان . . !
نيرون عصره، اصبح كل همه ان يبقى في السلطة، لذا لابد ان يلغي دور كل معارض له بالرؤية، أو في الخط، أو في العقيدة، أو في المنهج، أو في الفهم . . !
وأداة الالغاء الابرز، هي القتل، أو الاغتيال، بطريقة أو أخرى، بمسدس، أو بدبابة، أو بطائرة، أو بصاروخ، او بساطور، أو بحجر، في النهاية الغاية هي القتل والتغييب . . فالتغييب هو التغييب سواء تم بسكين أو بغير سكين، هو إعلان الحرب على كل صاحب رأي معارض . فما قيمة الحوار في بلد يحكمها هكذا منطق . . ؟ وما قيمة الحياة مع إلغاء قيمة الوجود . .؟ أنه عصر نيرون الجديد . . . الذي يحكم السودان بسياسة الحديد والنار. . ! لذلك لابد من كسر الاقفال، لتحرير الأفئدة والعقول من آفة الطغيان.
الطيب الزين