واشنطن: صوت الهامش
نشرت صحيفة (ذي هيل) الأمريكية مقالا لـفرانك وولف، الذي قضى في عضوية الكونغرس مدة 34 عاما كان فيها ناشطا حقوقيا، طالب فيه بضرورة إخضاع حكومة السودان للمساءلة.
ورصد وولف، الذي كان أول عضو من الكونغرس يزور السودان بعد اشتعال عملية الإبادة الجماعية في مطلع الألفية الثالثة، رصد احتفال مَن وصفهم بأبطال عمليات القتل الجماعي، برفع الحكومة الأمريكية العقوبات عن كاهلهم، على نحو سمح لرئيس مطلوب توقيفه من جانب المحكمة الجنائية الدولية (البشير) بالتعامل مع بنوك وأسواق دولية، وهو ما كان يتوق إليه منذ عشرين عاما.
وكان وولف من المطالبين بعدم رفع العقوبات، قائلا: “من منظور أخلاقي، لا يمكن رفع العقوبات عن حكومة ارتكبت عمليات إبادة جماعية؛ إن قرارًا كهذا هو بمثابة وصمة عار، ولا أظن أن أي شخص حول العالم أو حول أفريقيا يمكنه أن يتفهم مثل ذلك القرار”.
ونوه وولف عن أن الحكومة الأمريكية، بقرارها رفْع العقوبات، قد سهّلتْ على مجرم حرب معروف أن يُجري تعاملات تجارية مع أمتنا والعالم؛ مشيرا إلى أنه وفي عام 2008، انعقدت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي وحاكمت الرئيس السوداني عمر البشير على جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ومن ثم أصدرت قرارين بتوقيفه عامي 2009 و2010، هذا فضلا عن كونه مسؤولا عن ارتكاب عملية إبادة جماعية لأكثر من 300 ألف مواطن سوداني في إقليم دارفور.
ولفت وولف إلى أن مصطلح (إبادة جماعية) هو غير مُريح للكثيرين؛ مشيرا إلى أن أول مَن صاغ هذا المصطلح هو رفائيل ليمكين عام 1944 ليدل على “خطة منسقة من خطوات مختلفة تسعى لتدمير أساسيات حياة جماعات قومية بهدف إبادة تلك الجماعات أنفسها”.
وقال وولف “لقد كنت في دارفور. وقد شاهدت الدمار الذي يمكن لقائد أن يلحقه بجماعة من الناس. إنه لأمر مريع، ومع ذلك لا نزال إلى اليوم نسمع عن إبادات جماعية تحدث للمسيحيين واليزيديين في العراق”.
ونقل عضو الكونغرس السابق، مناشدة سيدة سودانية للأمة الأمريكية بعمل الصواب والوقوف إلى جانب الأبرياء الذين يتعرضون للذبح على يد حكومتهم في السودان، قائلة: “كنا نظن أن الإدارة الأمريكية الجديدة ستقف إلى جانب المهمشين في مناطق جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور وغيرها من المناطق التي تكبدت ضحايا في الحرب الممتدة من جانب نظام إسلاموي فاشي حاكم.
واضاف إن هذا النظام يعدّ العدة لاستئناف الحرب في موسم الجفاف المقبل. ولا يزال أهلنا يعانون ويلوذون بالكهوف هربا من القذائف. ليس لدينا تعليم ولا غذاء ولا رعاية صحية”.
وقال وولف: “في ضوء تلك التقارير التي تعرض لي يوميا، أشعر بالإحباط جرّاء قيام شركة محاماة بارزة في واشنطن بتمثيل حكومة السودان، وقد نجحت هذه الشركة بالفعل في الضغط على الإدارة الأمريكية لإسقاط العقوبات الاقتصادية.
وكان وولف قد عبّر عن إحباطه من قرار شركة ‘سكواير باتون بوغز’ بتمثيل الخرطوم، قائلا: “أعرف الكثير من الأشخاص في (سكواير باتون بوغز). إنهم أناس طيبون. إنهم أفضل من أن يكونوا كذلك. أعتقد أن ذلك كان لابد خطأ انزلقت إليه الشركة؛ إنهم أفضل من ذلك”.
ورأى وولف أن على الأمريكيين أن يبرهنوا على التزامهم بمبادئهم التي يؤمنون بها والمتمثلة في تعميم المساواة والحرية بين كل الشعوب، قائلا: “قد نختلف على طريقة تحقيق ذلك عبر العالم، لكن علينا الاتحاد في الوقوف ضد الشر. وعلى هذا الصعيد، فإنني أدعو الإدارة الأمريكية إلى الإبقاء على المبعوث الخاص للسودان وجنوب السودان. يجب أن نبعث أفضل قادتنا الدبلوماسيين للمنطقة للدفع بسياسات قوية، وإخضاع البشير للمساءلة، والكشف عن انتهاكات حقوق الإنسان وقت حدوثها”.
وإلى هذا، دعا وولف الكونغرس إلى النظر في فرض عقوبات من جانب الكونغرس والحث على دعم جهود ثنائية الحزب (جمهورية وديمقراطية) لتسليط الضوء على الفظائع التي يرتكبها نظام الإبادة الجماعية القائم في السودان، والذي يسلك مسلكًا يتعارض مع مصالح أمننا القومي”.
واختتم عضو الكونغرس السابق، بالقول إن “شيئا واحدا ينبغي علينا في واشنطن أن نتفق عليه وهو أهمية الدفاع عمّن لا صوت لهم. دعونا نزيد الضغوط على السودان ونكون بمثابة الصوت لمئات الآلاف من المهمّشين الخائفين”.