كامل كاريزما – صحيفة الهامش
25 – April – 2016
على رأي المثل الشعبي:”إذا أبتك الدار فـ للّهِ ألف ديار!!” يخوض مئات السُّودانِيين شهرياً البحر الأبيض المتوسط، باحِثين عن حياة أفضل في دُّول الإتحاد الأوروبي التي عُرف عنها أنها تُمنح حق اللُجوء الإنساني والسياسي للهاربين من جحِيم المُؤتمر الوطني، ينطلق هؤلاء بمراكب”قوارب” بالية ومُهملة”Obsolete and neglected”، متحدين الموت عبر البحر المُتوسط، إنطلاقاً من مصر وليبيا بإتجاه إيطاليا كمحطة أولى قبل الوصول إلى بريطانيا أو ألمانيا أو السويد أو هولندا أو غيرها من الدُّول التي تستقبل اللآجئين وتمنحهم السكن والبدلات النقدية الشهرية التي تعينهم على بدء حياتهم في بلادهم الجديَّدة والآمنِة! .
البطالة – الفقر – المعأناة – قلة الدخل – غلاء المعيشة – الحرب – المحسُّوبِيِّة”المحاباة”٠٠٠الخ كُلها أشباح تُطارد الشباب السُّودانِى أينما تواجد فـ بين البُؤس والعوز وألم وأذى هناك العطالة تُستشري في المجتمع السودانى وبين قلة الدخل وغلاء المعيشة يوجد واقع إجتماعي سيئ جداً – والسُّؤال الذي يتبادر للأذهان في الوقت الحاضر، مَنْ المسئول وعلى عاتق مَنْ تقع هذه المسؤولية في حماية هذا الحائِر؟؟!
لعل الحادثة الأخيرة والتي أودت بحياة العشرات من الشباب الدارفوري بـ”التحديد شباب مدنية الفاشر” في البحر المتوسط نتيجة غرق القارب – والذي كان يحملهم – كانت بمثابة فلاش أضاء ظلمةً ومسح غبرةً كانت تغطي هذه القضية، فأصبح الحديث عن الهجرة هو حديث الساعة بين أوساط الشباب، والقصة السابقة كانت حاضرة وبقوة في ذالك السياق .
ونحن نقول بأنّ شبابنا السُّودانِي يحتاج فقط إلى فرصة عمل كريمة ليس أكثر، فهو متمسك في هذه الأرض رغم المُقاساة والمُعأناة ورغم الحرب والصراع مع هذا النظام الظالم .. ولكن الشباب يبحث عن رؤية مستقبلة واضحة المعالم، الأمر الذي أجبره تحت وطأة الضغوط والظروف الصعبة للمغادرة – بحثًا عن مستقبل أفضل لأنفسهم واُسرهم، فقديماً كانت الهجرة بشكل كبير أما في الوقت الحاضر فالهجرة قلت كثيراً وذلك بسبب القيود الكبيرة التي فرضتها الأنظمة الغربية على اللآجئين إليها، من خلال فرض القوانين الصارمة”المتشددة” والتي فرضت عليهم .
من هنا نقول بأن شبابنا يذهبون إلى مستقبل مجهول”unknown future”، فلم يعد هناك ملامح قوية لرؤية مستقبلية تحتوي على فرصة حصولهم على عمل أو إقامة أو الحصول على جنسية وذلك كما قلت سابقاً بسب الضغوط الأمنية والإقتصادية والإجتماعية التي تفرضها الأنظمة الغربية .
والسُّؤال الذي يطرح نفسه وبقوة الآن ما هي دافع هجرة هذا الجيل من الشباب لخارج ؟؟
والإجابة بكل تأكيد واضحة إما هروب من الواقع، أو هروب من المعأناة والظرف المعيشي الصعب، أو بسبب الضغوط النفسية القوية والكبيرة التي صاحبت هذا الجيل بسبب النظام الحالي الغاشم”الفاسد” وفرض الظلم بكافة أشكاله .
فالشاب السُّودانِى يهاجر بحثاً عن فرصة عمل أو للحصول على جنسية أو للدراسة – والبعضٌ الآخر يهاجر هرباً من الواقع المرير دون تحديد البوصلة أو الهدف، والذي يجب أنّ يكون واضحاً للجميع هو أنَّ القضية باتت أكبر من قضية هجرة للخارج أو تحسين معيشة والحصول على عمل، فبعض الدُّول الغربية باتت تؤدي دوراً وظيفياًُ يخد نظام الخرطوم”Khartoum regime” في توفير المسّكن والراتب الشهري لهؤلاء الشباب وذلك لإبعادهم عن وطنهم وقضيتهم الأولى والرئيسية والمشروعة .
ختاماً: الشباب بحاجة كبيرة لإعادة تأهيل نفسي وبحاجة إلى إحتواء وتلبية إحتياجات ومحاولة الإستماع إليهم وتوفير متطلباتهم ولو الحد الأدنى منها – وتنمية المسؤولية المجتمعية لديهم، وأهمية دورهم في المجتمع وتوعيتهم بخطورة الهجرة للخارج ، فالمجتمع السودانى بحاجة ماسة لهذا الجيل .. فبهم ينهض وبهم يرتقي، فعلى كل شباب أنّ يتمتع بِمُستوى عال من الإحترام للنفس وثقة المجتمع به .
فالدولة لا تريد تملك الحلول لهم ولكن تملك أنَّ توفر لهم القتل والتشريد والدمار بعيداً عن متطلباتهم في توفير فرصة عمل مؤقتة أو توفير أندية إجتماعية يندمجون بها فيتحدثون من خلالها عن مشاكلهم النفسية والمادية والإجتماعية٠٠٠الخ .
فالشباب طاقات كامنة يمكن إستغلالها من خلال توضيح دورهم في المجتمع وتوفير عدة مشاريع خاصة تحتويهم وتقوى من قدراتهم(كفى!) .