بقلم الجاك محمود أحمد الجاك
. حملت العناوين الرئيسية لثلاث من صحف الخرطوم الصادرة صباح يوم الأحد الموافق 27 مايو 2018 خبراً داويا مفاده أن عرمان يقود وفد مقدمة قطاع الشمال لزيارة الخرطوم، وقد جاء ذالك الخبر صادما لأغلب القراء والمتابعين وبمثابة مفاجأة من العيار الثقيل بدليل أنه لم تمضي ساعات قليلة علي إعلان الخبر المدوي في صحف الخرطوم (الوطن – الوفاق – الاهرام اليوم) حتي إنتشر تداول ذلك الخبر بسرعة البرق في وسائل التواصل الإجتماعي ومجموعات الواتساب ومواقع الصحف الإلكترونية مما أحرج السيد ياسر سعيد عرمان والذي إضطر للإسراع في نفي وتكذيب الخبر مساء ذات اليوم بإصدار بيان إرتجالي ومقتضب عبر ناطقه الرسمي السيد مبارك أردول الذي وصف بيانه جريدة الوطن بالجريدة الأمنية. كما ذهب السيد مالك عقار مضطراً هو الآخر في ذات الإتجاه الي إصدار بيان مشترك مع رئيس حركة تحرير السودان بقيادة القائد مني أركو مناوي تحت عنوان (الكفاح المسلح في مقاومة النظام مسئولية أصيلة للجبهة الثورية)، وذلك للإيحاء للرأي العام بأن حركته ما زالت متمسكة بالكفاح المسلح رغم إعلان نائبه عرمان تخليها عن الكفاح المسلح. ولا شك أن عقار قد قصد من توقيعه على ذلك البيان المشترك التشكيك في صحة الخبر المحرج الذي تناقلته صحف الخرطوم فألقي بظلاله السالبة علي إجتماع نداء السودان. لقد ذكرت في مقالي السابق بعنوان (ويتواصل مسلسل سقوط الأقنعة – تخلي عرمان عن الكفاح نموذجاً) بأننا لا نذيع سراً عندما نقول إن الثنائي المخلوع عقار وعرمان قد طلبا من النظام في مراحل التفاوض السرية إسقاط عقوبة الإعدام الصادرة في حقهما غيابيا كشرط للإنتقال الي الداخل لتسجيل حزبهما توطئة لممارسة العمل السلمي، وقد طالبهما النظام في المقابل بالإعلان الصريح عن التخلي عن الكفاح المسلح، وكذلك الإعلان عن قبول خوض إنتخابات 2020 فوافق الثنائي بشرط أن تقوم الحكومة بضرب الجيش الشعبي والحركة الشعبية حتي يتسنى لهما الدخول بما تبقي من تنظيم في مسرحية إنتخابات 2020، فكان للنظام كامل ما أراد بعد أن رضخ عرمان لشرطه بإعلان تخلي حركته عن الكفاح المسلح. أما الشرط الثاني والمتعلق بقبول الثنائي المخلوع خوض إنتخابات 2020 فقد سبق وأن مهد السيد عرمان لذلك عندما دفع بمبادرة لتشكيل جبهة واسعة لخوض إنتخابات 2020. شخصياً أتفق تماماً مع ما جاء في بيان السيد مبارك أردول عندما وصف جريدة الوطن بالجريدة الأمنية، وفي زعمه أن جهاز الأمن هو من يقف وراء نشر خبر رئاسة عرمان لوفد مقدمة حركتهم القادم الي الخرطوم، ولكنني لا أتفق معه مطلقاً في عدم صحة الخبر، ذلك لأن السيد أردول نفسه يعلم صحة الخبر تماماً ولكنه فات عليه أن جهاز الأمن لن يلتزم سرية الإتفاق الثنائي وكتمان خبر عودة تنظيمه الوشيكة الي العاصمة السودانية الخرطوم، لأن جهاز الأمن يريد صفقة علي الهواء يسوق بها علي الملأ شرعية مبكرة للبشير ونظامه الإخواني المتداعي، بينما يريد الثنائي إعطاء تلك الشرعية للنظام ولكن تحت الطاولة حتي لا يسبب لهما حرجا، لكن إصرار النظام علي إذاعة الخبر نابع من علمه بأن الثنائي قد صارا قليلي الحيلة، لا حولة ولا قوة لهما!! وكان حري بأردول وعرمان أن يفهما ذلك إبتداءا وبداهة. ولا أعتقد أن أي سياسي حصيف يتوقع أن يعتذر قوش لعرمان رغم صداقتهما الحميمة ورغم تلاقيهما الآيديولوجي، فتلك هي مقتضيات قواعد اللعبة السياسية التي يفهما قوش وإمبراطوريته الأمنية التي تعرف جيداً كيف تحقق مصالح دولتها الإخوانية العميقة بإنتزاع شرعية مبكرة للبشير جاءتها في طبق من ذهب. لعل من التطورات التي تؤكد صحة تأهب الثنائي عرمان وعقار للهبوط الناعم وقريباً جداً في مطار الخرطوم بهدف التطبيع مع النظام الإخواني ونظام الإبادة الجماعية وتسجيل تنظيمهما الجديد (الحركة الشعبية للديمقراطية والمواطنة) ضمن منظومة أحزاب الفكة توطئة لخوض إنتخابات 2020 لإضفاء شرعية زائفة للنظام وبمقابل معلوم علي غرار صفقة التنازل المخزي عن سباق الرئاسة في إنتخابات 2010، هو ذاك الإجتماع السري الذي إنعقد في الإسبوع الذي سبق شهر رمضان الحالي بين المخلوع مالك عقار واليساري المفصول من الحزب الشيوعي السوداني المدعو الشفيع خضر. هذا الشفيع كان عرمان قد خطط لإعلان إنضمامه مع مجموعته للحركة الشعبية قبل الأزمة الداخلية التي ضربت الحركة الشعبية والتطورات التي أطاحت بعرمان من كابينة القيادة. ولكم أن تتصوروا كيف أن المخلوع عرمان كان وما يزال يخطط لإختطاف الثورة عبر سواقط اليسار والضالين من الحزب الشيوعي السوداني؟! بإيعاز وتنسيق محكم من السيد عرمان الموجود في منفاه الإختياري بعاصمة الضباب (لندن) لزوم التمويه، طار مبعوث عرمان الزميل السابق الشفيع خضر الي كمبالا قادماً من العاصمة السودانية الخرطوم في مهمة لإقناع السيد مالك عقار إير من خلال بث رسائل تطمينية مفادها أن معظم قوي المعارضة تدعم مبادرة تشكيل جبهة واسعة لخوض إنتخابات 2020، وأن هذه القوي من بينها (حزب المؤتمر السوداني – الجبهة الثورية جناح عقار – مجموعة من تيارات اليسار علي رأسها تنظيم حق ومجموعة الشفيع خضر والأستاذ كمال الجزولي – عدد من الناشطين – وبعض منظمات المجتمع المدني…..إلخ). وفور وصول الشفيع خضر الي كمبالا تم عقد إجتماع سري مطول مع المخلوع عقار بحضور كل من أردول وكارا وممثلة للمجموعة السودانية للديمقراطية أولاً. لكم أن تلاحظوا أن أن إسماعيل جلاب كأمين عام لم يكن من بين الحضور، فعدم حضوره يفسر في سياق تعمد تغييبه من كل مطابخ التخطيط وصناعة القرار مثلما هو مغيب تماماً من أي مهام تتعلق بالتحالفات ودبلوماسية القيادة، إذ لم يظهر جلاب في زيارة الثنائي الي أديس التي تزامنت مع جولة المفاوضات الأخيرة، أو في زيارة الثنائي السرية الي تشاد مع آخرين. كما يلاحظ تغييب جلاب من إجتماعات نداء السودان التي إنعقدت في العاصمة الفرنسية باريس مع أنه الأمين العام والرجل الثالث في التنظيمً. إنعقد ذلك الإجتماع السري في منطقة بقلوبي بمقر صحيفة حريات سابقاً حيث كان يقيم بيجو ووراق. وقد هاتف الإجتماع مطولا من عاصمة الضباب السيد ياسر سعيد عرمان الذي يعتبر العقل المدبر والدينمو المحرك والممول الرئيسي لمبادرة تشكيل جبهة واسعة لخوض انتخابات 2020. ناقش الإجتماع أهمية بناء جبهة واسعة لخوض إنتخابات 2020 كجند رئيسي، وبعد مداولات عميقة ونقاش مستفيض خلص الإجتماع الي الآتي: 1. خوض انتخابات العام 2020. 2. أمن المجتمعون علي ضرورة تكوين جبهة واسعة لخوض إنتخابات 2020. 3. تكوين لجان تنسيق. 4. تمرير وتنسيق دمج الخطط والبرامج المقترحة في الإجتماع الموسع لقوي نداء السودان بباريس وذلك من خلال تكتيك تتفق عليه فصائل النداء المؤيدة لمبادرة تشكيل جبهة واسعة لخوض إنتخابات 2020، لكن فيما يبدو أن هذا التكتيك الماكر إصطدم برفض ومعارضة عنيفة من رئيس حركة تحرير السودان والأمين العام لتحالف نداء السودان القائد مني أركو مناوي الذي أفشل المخطط بموقفه القوي والمصادم عندما رفض إقحام أي جند لمناقشة إنتخابات 2020 بإعتباره وصايا من بعض مكونات النداء، وبهذه المناسبة لا يفوتنا أن نبعث تحية الثورة والنضال المستمر للقائد المناضل مني علي هذا الموقف الثوري والبطولي المشرف الذي خيب آمال وتطلعات عرمان وحلفاءه في نداء السودان مما حدا بالدكتورة مريم المنصورة للتصريح بأن الثقة غير متوفرة بين مكونات المعارضة، وهذا ما إتضح جليا من خلال البيان الختامي الهزيل لقوي نداء السودان والذي لم ينص علي أي مخرجات حقيقية وواضحة لإجتماعها الأخير. علي هدي مخرجات إجتماع كمبالا السري قام السيد مالك عقار إير بتشكيل لجنة برئاسة عرمان وعضوية كل من أردول وكارا والمحامي ناصف بشير المقيم بلندن وآخرين. أسندت للجنة مهمة وضع تصور لجان التنسيق للإنتخابات والبرنامج الإنتخابي، علي أن ترفع اللجنة خطتها وتصورها النهائي لإجتماع المجلس القيادي المرتقب في كمبالا للإجازة. ختاماً تابعوا وترقبوا، فالأسابيع القليلة المقبلة ستكون حبلي بمفاجأءات من العيار الثقيل وهي قطعاً ستبدد شكوك الذين ما زالوا غير مصدقين لما كان وما زال يحيكه الثنائي المخلوع من مؤامرات خلف الكواليس لخدعة الثوار وإختطاف الثورة. وحتي ذلك الحين إنتبهوا لأعداء الثورة والنضال ومدعي التقدمية، وإحذروا الأنبياء الكذبة.
*وسلااااااام* *يا* *وطن*!!