بقلم/نصرالدين عمر عثمان آدم
[email protected]
بهذه السطور المتواضعة؛ سوف أتناول واحدة من الظواهر السوسيولجية، التي تتمحور حول ذهنية النخبة الحاكمة بين السلوك، والممارسة، وإنعكاسات العنف الرمزي، قد لا ينتبه إلي هذا العوام من الناس لأن حيثياته غير معروفة، لأنه خفي غير محسوس، لذا عندما نستقرئ الواقع الجيوسياسي، نجد أن مسألة صناعة آليات الحكم من أجل التوافق أو التحول الديمقراطى ماهي الا شماعة..! وكذلك الأطروحة بأن تكون الحكومة حكومة كفاءات فهي صائبة، وفق معيار المؤهل الأكاديمي كشرط أساسي، ومن ثم نتفاجأ بظهور معيار أخر وهو الإنتماء الأسري والعشائري في تشكيلة الحكومة، ماهو إلا استفزاز لضحايا الإبادة الجماعية في كل من دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، وبالإضافة إلى اسر شهداء الثورة السودانية التراكمية بشكل عام، وبالإضافة إلى كونه إستخفاف بعقول الشعب السوداني..! وفضلاً علي أنه يمثل أس الأزمة السياسية ويعد أسوأ أنواع الفساد الإداري هذه كلها بسبب العقلية الإستحواذية للسلطة، قد ذهب الإنقاذ ولكن لن يتغير الممارسات والسلوك وهذا يؤكد حقيقة أن النخبة السياسية تتبادل الأدوار بتغير الوجوه ولكن السياسة واحدة لا تتغير، فرسالتي إلي ذاك الرجل الطاعن في السن مع كل الإحترام له، وبما أنه يبدو لي يتمشدق فرحاً وسروراً، بانه إنتصر إنتصار مزيفاً جراء ذلك النقد الهدام والإستعلائي، فهو ليس بجديد فنحن في حوجة ماسة إلى توافق وطني، ومفاهيمي، وفكري وذلك لإقامة دولة مؤسسات حقيقية محترمه، فلا داعي للتغريد خارج السرب، والرسم مجدداً علي حائط الكراهية، والعمل من أجل الإصتياد في المياه العكرة غير مجدية في هذا التوقيت، لذا فضلاً وليس أمراً لا تبخسوا للناس أشيائهم..! لذا أعتبر ما بدر مجرد إستخفاف وإفتراء لا غير، لأنها تُضمر نوعاً من العنف الرمزي ويرجع ذلك الي نقاط تناولتها في المقال السابق فيما يختص بمبادرة الحوار السوداني- السوداني، الذي سوف يطرحها حركة التحرير في القريب العاجل، وورد كلمة الجُودية كأدب حواري، موروث، شعبي، فلكلوري؛ واستندت عليه، علي أساس أنه نابع من مبدأ فكرة الحوار الشامل مع الآخر المختلف بغرض خلق حالة من الإنسجام والتفاهم بقدر الإمكان بين المجتمعات بصورة أكثر حضارة وتطور، يليق بحجم ثورتنا التراكمية المجيدة، فالعنف الرمزي وحيثياته الحالية والمستقبلية يعرفه الانسان الجميل والفيلسوف الفرنسي بيير بورديو الباحث في علم الإجتماع، بخصوص هذا الصدد، يكشف لنا عن ماهية Symbolic Violation أي العنف الرمزي ويقول بأنه “طريقه يختلقها الصفوة الحاكمة بغرض السيطرة والاستحواذ السلطوي” ووفقاً للذهنية الإقصائية الأبوية بإستحداث عادة طرق تفكير جديدة، وتعابير وهمية، فيها تصورات ذاتية تحقق لهم مصالحهم واغراضهم الشخصية والعامة.
ويتجلي هذا في الإدعاء بالمثالية المغلفة بالإحتيال والزيف، بأنهم أصحاب مشاعر نبيلة، وقيمّ، وجدانية، وأخلاقية، في الأساس ليس لهم بها صلة البتة، ولا حتي بإستطاعتهم التجرأ للإلتزام بها، فهنالك ثمة مخططات ممنهجة ومدروسة، المخذي منها إطالة أمد الصراع السياسي والحفاظ على هذه الدائرة الشريرة، عبرها تمرر هذه الأجندات الخفية والمحاككات السياسية، يستوجب فك طلاسمها وتفسيرها من اجل الوصول تحرير الشعب من براثن الشمولية وهي عبارة عن رموز وأدوات السيطرة والهيمنة المعروفة، مثل اللغة، والإشارات والصور، كما في قصة صاحبة اللوحة روني؛ في عجالة من أمرها أصبحت قصتها الانسانية كما يحلو للبعض..! قضية رأي عام علي مستوي السوشيال ميديا وهذا استقلال قيمي، وإيديولوجي، فمعظم الدلالات والمعاني خلف أي حدث مُصَتنع لأغراض؛ كثيرون قد لا ينتبهون لها، ولا يفهمون حتي فهواها، وتعتبر عملية خم ساي وسواقة بالخلاء وتنطبق الحالة علي الغالب الأعم وللذين يقولون كنا نخوض مع الخائضين..! فالذهنية النخبوية تطرح نفسها بأنها البديل الأمثل والأفضل علماً ومعرفة وثقافة “بأنهم مقطعين الشغلة” وأنهم كل شئ نعم توفرت لهم وفق ظروف محددة وهي عوامل الثروة والقدرة جعلهم يستحوذون علي مفاصل البلاد؛ لذا ما بدر من ذلك العجوز ما هو إلا تكريس لفهومية العنف الرمزي وفقاً للذهنية النخبوية يخفي ذلك نوعاً من الإستعلاء الناعم وبشكل خفي هادئ غير مرئي وغير محسوس حتي لكثريين من ضحايا السواقة بالخلاء لمثل هذه الأجندات..!
فمنذ نعومة اظافر هذه الدولة المافونية؛ ظل هذه الذهنية النخبوية متحكمة ومسيطرة علي المشهد السياسي، الإقتصادي، في هاذين الجانبين علي وجه الخصوص قد يتراعي للعوام؛ وأما الجوانب الأخري تمخض نتاج الي ذلك وجود نخبة عسكرية، ونخبة دينية كذلك، ونخبة علماء ونخبة فنانين فشغلهم الشاغل هو الانتاج الفني، كالاغنيات لأغراض توجيه المجتمع نحو ثقافة محددة، قد لا يستشعر بها أغلب الناس وهي التي تأتي عبر النخبة المسماة مثقفة وهي النخبة نفسها التي رفضها ماركس؛ لذا تجد الإشتراكيين يفضلونها لأنهم يجدون ضالتهم في العيش في هكذا أجواء وهو تقسيم المجتمع علي نظام طبقات لكي يسهل لهم إدارته، وتوجيه والسيطرة عليه فذكرها الأستاذ محمد جلال هاشم في أحدي خطاباته؛ عن ذلك الشخصية النمطية المريضة و المشوهة بأن الخطورة ليس في العقل المسترِق ولكنه في بنية العقل المسترَق..!
فالنموزج فيما يلي فلا تستغرب كثيراً عزيزي القارئ عندما تعرف عن المنسلخين إجتماعياً وثقافياً علي سبيل المثال لا الحصر أمثال الرفيق مبارك اردول مدير الشركة السودانية للموارد المعدنية في مقاله الأخير مع احترامي ولكن للأسف الشديد.. لايستحي ومن العار جدا وهو يدافع بكل ما اعطية من قوة عن هذه النخبة السياسية وهو يتحدث بفم مليان عن براءة هؤلاء النخبة السياسية political elite وإنه الآن يتنفس السعداء ويستنشق عبق ذلك الحرية والعدالة، التي أتت بفعل هذه الثورة التراكمية وأنه الآن في مركز القرار السياسي، فلا هامش بعد اليوم ويحتفل بميلاده كعيد سنوي لإنتصار المهمشين؛ الذي تجسده في شخصه، ويزعم بتقلده ذلك المنصب هو مرحلة اللاحرب ولكن العكس صحيح تماما فالواقع لا يكذب، مازالت الأوضاع علي ما هي عليها الي الآن، فتناسي أن هنالك جملة من القضايا الجوهرية مازالت عالقة ولها إرتباطات بجزور الأزمة المتمثلة في الهوية والمواطنة واقول له أن الإستحقاقات التاريخية لجماهير شعبنا ليس هي أن تتوقف في محطة الإستوزار ولا تعني تقلد المناصب العليا أو غير العليا، فهنالك ملفات كثيرة تخص جماهير شعبنا وانت كنت من ضمن الذين يتحدثون باسمهم، ملفات لن تصبح طي الإهمال والكتمان، لان هنالك مناضلين آخرون يقفون بالمرصاد من اجل تحقيق تلك القضايا الملحة والأساسية وهي كيفية حماية الإنسانية وتحقيق كرامته وتعزيزاً لمبدأ المواطنة، بيد أن مازال شبح الموت يطارد شعوب الهامش Marginalization people’s زنقة زنقة، وبيت بيت، وقرية قرية، وكركور كركور، علي مستوي الهامش، رغم ذلك سيظل الأمل موجوداً ولكن للأسف هنالك انبطاح ورضوخ بكل صراحة مستفذة، للضحايا من جماهير شعبنا، ومن المعروف أن الحلول لا تقاس كذلك، أن يتمني كل منا أن ينجو بجلده لكي يصل إلى نعيم سلطة مزيفة، بأية ثمن لدرجة أن تنسي من ناضلت من أجلهم؛ فطبيعي جداً لناس الهبوط الناعم، أمثال الرفيق نمر عبدالرحمن والي شمال دارفور الحالي؛ عندما طالب بأن يمنح جائزة نوبل للسلام؛ للنائب الثاني في مجلس السيادة وهذا أسوأ نوع من انواع الانبطاح.
فليس هنالك أسوأ من أن تكون أداة وآلية ينفذ عبرك أجندات ومشروعات النخبة السياسية بحفنة من الجنيهات واستوزار لا يسمن ولا يغني من جوع، سوف ينتهي بكم المطاف إلى حيث أتيتم فلا تحلموا بأن تتمتعوا بإمتيازات النخبة السياسية، التي نعرفها كنخبة إقتصادية يمتلكون العقارات، والشركات الضخمة ويتبادلون القروض التجارية فيما بينهم، والعطاءات الكبيرة بإسم الدولة، فالسلطة الرمزية ورأس المال الثقافي، التي تجعل القياس المادي واختلاف القوة بين الفئات الإجتماعية، دونكم نموزج القبول في جامعة الخرطوم” الجميلة ومستحيلة” لأبناء الهامش؛ المبرزين الذي حصلوا علي نسبة ٩٠٪ فما فوق للدخول إلي جامعة الخرطوم باتت حقاً مستحيلة ولكنه يمنحوها للذين يدفعون أموالاً ضخمة من أبناء النخبة الحاكمة رغم أن معدلاتهم دون المستوي. أنها النخبة الإقتصادية عقدت أكثر من ثلاثة مؤتمرات إقتصادية لجلب المال ولكنهم لا يعقدو مؤتمراً واحداً للسلام أو للتعايش السلمي والمصالحات الإجتماعية وصولا إلي السلام الإجتماعي المنشود ومازالت نفس الدولة تدعي أنها عاجزة لإصلاح الوضع الأمني، والإقتصادي المزري.
الذهنية النخبوية لدي بعض الأحزاب والقوى السياسية تتمثل في أنها تلعب كل الأدوار في آن واحد؛ كراع في المعارضة وكراع في الحكومة وهذا يذكرني بندوة عقدها الحزب الشيوعي السوداني، علي ما أذكر في العام ٢٠٠٨م بدار الحزب الشيوعي بديم المدينة ببورتسودان؛ وحسب الدعوة الذي قدم للجبهة الشعبية المتحدة.. كان لي شرف حضور الندوة كممثل لل U.P. F وهي كانت تتحدث عن مالآت الأوضاع الأمنية في دارفور؛ كان تقريباً الندوة تعقد كل يوم اربعاء بشكل دوري الشئ الذي لفت إنتباهي هو أن معظم المشاركين في الندوة من كبار العمر ومن الشخصيات التي تظهر فيها علامات الطرطيبة والرفاهية؛ فتجد الشخص متمدد أفقياً وراسياً، فليس لي ضير في ذلك..!
ولكن هذا يدل أن المعارضة ذاتها خشم بيوت اخرون في الغابات وآخرين في المدن، الملاحظ وقتها ليس هنالك علامة واضحة تدل على أن هؤلاء معارضة لا من قريب ولا من بعيد.. وعندما انتهت الندوة فكل منهم أمتطي سيارته الفارهة والمكيفة وذهب حيث أتي الا شخصي والمرافق الآخر ممثلا للتحالف الوطني السوداني فتوجهنا حيث أتينا سيرا ًً علي الأقدام، نحو داخلية “هيئة الموانئ البحرية” المعروفة بغوانتنامو وكنا نتوقع تحت أي لحظة أن نتعرض لإعتقال أو اختطاف من الأجهزة الأمنية ولكننا وصلنا إلى محطتنا بأمن وسلام.. لقد قدمنا نضالاً بشرف ومازلنا نناضل بشرف ولكن للأسف عندما تري أنصاف المعارضين يتبجهون فاعلم أن هنالك شئ في نفس يعقوب هي أشبه بسلوك الجداد الإلكتروني؛ الذين ينتشرون علي مستوي السوشيال ميديا وهي تنتمي لأحزاب الصفوة قبل الثورة كانوا في المعارضة إبان حكم النظام البائد ومازال بعد هذه الأحزاب تدعي المعارضة، ولكنها فق نظرية التمويه السياسي.