الفاضل سعيد سنهوري
في البداية لا بد أن أشير الي أنتهاك النظام للحقوق المدنية والدينية للمواطنيين السودانيين بالهامش السوداني في دارفور وجبال النوبة والخرطوم والذي يستهدف بصورة ممنهجة أثنيات وقبائل محددة أثناء زيارة الخبير المستقل للسودان يوضح النية المبيته لممارسة الإضطهاد علي أساس ديني وعرقي. وان النظام مستعد في ممارسته وتنفيذ خططه التي رسمها حتي في وجود أعلي مسؤول أممي لحقوق الانسان مختص بالرقابة علي الحالة السودانية!!.
أستبق النظام زيارة الخبير المستقل لحقوق الانسان والذي يزور السودان حاليا بأطلاق النظام قبل ايام احد القساوسة واحد المؤمنيين بعد اعتقال دام عام ونصف بتهمة انهم نددوا بسياسة وممارسة النظام في تجريف وقلع وهدم الكنائس بالخرطوم، وذلك للهروب من المسألة بعد ان ادرجها الخبير المستقل في برنامج الزيارة الذي دفع به لوزارة خارجية النظام.
لكن ذلك لم يكن وحده من مظاهر استهداف النظام للنوبة علي اساس عرقي وديني، فخلال أقل من شهر واحد تم أستهداف النوبة باعمال أجرامية أنتقاميه أنتهكت الحقوق الاساسية لهم وحطت من كرامتهم، والمؤسف انها لم تحظي باهتمام الخبير المستقل ونشطاء حقوق الانسان، واقل ما يمكن ان توصف حالة اللامبالاة وعدم الاهتمام منهم بانها “عادية” ولا تثير أهتمام احد منهم، وهذا في حد ذاته تمييز من شكل أخر، وتفضح خيار وفقوس أهتمام وتركيز جمعيات ومنظمات ونشطاء حقوق الانسان السودانية في قضايا ومواضيع مناطقية بعينها دون الأخري.
بالعودة للحدتين، فالحدث الاول كان تجريف كنيسة سوبا الاراضي من قبل مليشيات الامن والمخابرات لتنفيذ اوامر ادارية لسلطات محلية جبل اولياء. والنتيجة اداء المؤمنيين المسيحيين الصلاة في حر الشمس، حيث بعد ان تم التجريف اصبح رعايا الكنيسة الذين يفوق عددهم ال ٣٠٠ شخص لامكان لهم للعبادة وتلقي الدرس الديني، علما بانه بعد تجريف الكنيسة اصبحت مدينة سوبا بلا كنيسة بعد ان تم تدمير كل الكنائس الموجودة بالمنطقة.
والحدث الثاني هو مهاجمة مليشيات الدعم السريع التابعة لجهاز الامن والمخابرات المتمركزة بحامية الدلنج لحجر جواد وقتلها لشاب عشريني وترويع المدنيين واصابة اخرين وجلد المواطنيين بالشارع ومهاجمة المنازل ونهبها دون ذنب جنوه سوي انهم مواطنيين سودانيين من النوبة يقيمون في حجر جواد لاغير.
سياسة النظام السوداني تقوم حاليا علي ممارسة كافة أشكال الاضهاد والقهر والتسلط علي المواطنيين باستخدام مليشيات جهاز الامن والمخابرات، بعد ان أطلقت لها كامل الحرية في ان تفعل وتأتي بما تشاء من أفعال وجرائم دون خوف وأكتراث لانها فوق المسألة والقانون. والضحايا رقم واحد الان هم النوبة لنظرة النظام وتصنيفة للنوبة بانهم جميعا “متمردين” و” خوارج” و”طابور خامس”.
الملاحظ أن هاتان الجريمتان اللتان حدثتا بالتزامن تمت كما أشرت في الوقت الذي يزور فيه الخبير المستقل لحقوق الانسان السودان في زيارته لتقييم اوضاع حقوق الانسان به، وهذا يكشف عدم مصداقية النظام في صون وحماية حقوق الانسان ويرتكب تلك الانتهاكات في أثناء وجود اكبر مسؤول دولي مختص بالحالة السودانية في مجلس حقوق الانسان. ومعناه ان النظام ليس حريصا علي حقوق الافراد والجماعات والقبائل التي ترتكبها منسوبية، بل تؤكد انه مستعد للسير في هذا الطريق الي نهايته وضمان حماية منسوبية من المحاسبة والمسالة ويوفر لهم كل الطرق للأفلات من العدالة في الوقت الراهن والمستقبل.
فبالتالي أن حماية المدنيين وضمان حصولهم علي حقوقهم الاساسية في ظل وجود نظام المؤتمر الوطني تصبح مجرد اضحوكة وترديد لتعاويذ واساطير من القرون الوسطي. المميز للأحداث التي أشرت اليها يوضح بجلاء حقيقية الاستهداف الاثني من مليشيات النظام في السودان للنوبة والقبائل الزنجية، وان كل هذا لا يحدث صدفة وانما عن قصد وبتخطيط مسبق ولاهداف موضوعة يراد تحقيقها، في ظل هذا الوضع المعقد يحتم بالضرورة التفكير في كيفية البقاء ضمن هذا الوطن وان يكون النوبة في هذا الوضع المزرئ جدا في وطنهم الاصلي وليس وطن بديل.
الخلاصة هي كالاتي:-
أولا النظام لن يتوقف عن ممارساته تلك أبدا لطالما هو يضمن حلفاء دوليين يشاركونه في ستر عوراته المكشوفة كل مرة، والتستر علي جرائمة التي يرتكبها. وما سينتج عن زيارة الخبير المستقل لن تتعدي تلك التقارير التي تدبج بالأدانة والشجب والتنديد.
ثانيا، النوبة المسيحيين والمسلمين وغيرهم من الاثنيات الزنجية المستهدفة بسياسات النظام العنصرية جميعهم في وضع حرج وصعب ويزداد تعقيد كل يوم نتيجة المتغيرات الدولية والداخلية، والحماية لهم أضحت ضرورة ملحة للتمتع بالحقوق كاملة، والتفكير الجاد في سر البقاء ضمن هذة الدولة السودانية ويمارس عليهم الاضطهاد علي اساس عرقي وديني محل تساؤل وشكك.