بقلم: بدر سالم
العالم في تطورٍ دائم يومًا بعد يوم، ولكنه من ناحيةٍ أخرى فإنسانه محكوم عليه أن يعيش في ظروف لا تٌحقق كرامتهِ كإنسان، فإنتهاكات حقوقهِ ما زالتْ تحدث في مناطق مختلفة من العالم بالأخص في السودان، وأغلب هذه الإنتهاكات تمّر بدون عقاب. في ظل هذا الوضع يعيش أبناء الهامش ظروفاً مأساوية بسبب ويلات الحروب التي تتسم بالقهر القتل والإغتصاب والإستغلال والإهانة لكرامة الإنسان، متأثراً بالصراعات الدولية والإجتماعية المسلحة والحّادة التي كلفت البشرية ملايين الأرواح البريئة، لتظهر في الوجود أجيالٌ جُبلت عقولها على الحروب والإرهاب، فقد وُلدوا تحت دوي أصوات الرصاص وكوارث ونكبات ما تخلفه الحروبُ.
في قمة الألفية التي إنعقدت في الأمم المتحدة في أيلول عام 2000 ولمدة (3 أيام)، إعترفت الدول في هذه القمة بحقوق الإنسان كأساس لا يمكن استثناؤه لإيجاد عالمٍ يسودهُ السلام والعدل والمحبة، مؤكدين على مسئوليتهم المشتركة في دعم حقوق الإنسان على المستوى العالمي والمحافظة على حقوقه من التهميش والضياع، وخلق مستقبلٍ مُشترك لجميع شعوب الأرض، وأيضاً إحترام الإلتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي ووفقاً للمبادئ المُعلنة في ميثاق الأمم المتحدة الذي صدر بمدينة سان فرانسيسكو في 26/ مايو /1945، التي تُعطي جميع الشعوب حق تقرير مصيره، ومن كـرامة أصلية منبثقةٌ من الإنسان نفسهُ وحقوق ثابتة ومتساوية وراسخة، أساس الحرية والعدل والمساواة والسلام في العالم. لتحقيق سُبل جديدة تُحدد فيها كيف تكون شعوبًا مُوحدةٌ ومُتماسكة حتى وإن كانت مُنقسمة في العادات والتقاليد والمعتقدات والديانات والمصالح. وأيضا لتحقيق المثل الأسمّى والمشترك الذي ينبغي أن تبلغهُ كافة الشعوب، والمُتمثل في أن يكون جميع البشر أحراراً ومُتساوين في الكرامة والحقوق وفقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948. وبتساوي الرجال والنساء في الحقوق والحريات ولا تفريق بين صغير وكبير، وقد نص الميثاق على الكثير من القيم والمعايير المُشتركة ولكنها للأسف فى بلدان العالم الثالث وأفريقيا مثل السودان بقيتْ حبرٌ على ورق! كما إن حقوق الإنسان ما زالت بعيدةً عن كل ما نص عليه إعلان حقوق الإنسان!
مبدأ تقرير المصير: ( Self-determination ) عرف بعض فقهاء القانون الدولي حق تقرير المصير بأنهُ:” حق أي شعب في أن يختار شكل الحكم الذي يرغب العيش في ظلهِ والسيادة التي يريد الانتماء إليها”.والديانة. بإعتبار أن السيادة ركن أساسي من أركان تقرير المصير. لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها بحرية وإرادة واستقلال وفقاً لمْا تريدهُ، بعيداً عن أية قوة مهددة أو تدخل أجنبي. وبعيداً عن أية أعمال بربرية من أجل فجرٍ جديد يتمتعون فيه بحرية القول والعقيدة والتحرر من الإضطهاد والتطهير العرقي والإبادة الجماعية كما حصل فى النيل الأزرق وجبال النوبة ودارفور. وبالنظر إلى بند حق تقرير مصير شعب جنوب السودان فى إتفاقية CPA نجد أن كل بنود حق تقرير المصير قد اكتمل نصابها..أما عن إقليم دارفور وفى تطور لافت للحرب الأهلية الدائرة فى الإقليم منذ عام 2003 برزت مؤخرًا دعوات لمنح إقليم دارفور حق تقرير المصير وبرزت هذه الدعوات بعد تصريحات السيد مناوى رئيس حركة وجيش تحرير السودان لصحيفة العرب اللندنية بتاريخ 27مايو 2015 والتى ساق فيها مبرارت دعته للمطالبة بحق تقرير المصير محملاً الحكومة فى دفع الإقليم للانفصال ووجدت هذه الدعوات قبولآ وترحيبآ واسعآ. وأن جذور الدعوة لتقرير المصير ليست بعيدة ولا غائبة في الوثائق الرسمية للحركات المسلحة والآن أصبحت الخط السياسي المعلن. وحول رؤية الحكومة الأمريكية السابقة ففى تصريحٍ صحفى نُشر مؤخراً للرئيس السابق بارك أوباما أن مسالة منح شعب دارفور حق تقرير المصير حل أمثل للقضية .وعلق عليه ابراهيم غندور وكان الأمين السياسي وقتها بأن الحكومة السودانية إذا رأت أن هذا الرأي تحول إلى مطلب أمريكى رسمى للدولة الأمريكية فإن له عواقب خطيرة فى مسار العلاقات بين البلدين وأهمها حرمان الولايات المتحدة الأمريكية من أى دورٍ فى صناعة السلام فى السودان. والآن شعب جبال النوبة فى إجتماع مجلسهم المنعقد فى 25/مارس2017 قرر إضافة حق تقرير مصير جبال النوبة كمرجعية لأى عملية تفاوضية. وهذا حق مكفول لشعب جبال النوبة فى تقرير مصيرهم. ومن أجل أن يعيش شعب إقليم دارفور فى عز وكرامة ووئام يليق بالكرامة الإنسانية ولتحقيق مستوى أرفع للحياة في جوٍ من الحرية الإنسانية والتسامح والأخوة والعيش المشترك، كأسمّى ما ترّنو إليه أيةُ نفس بشرية نرى ضرورة تفعيل مبدأ حق تقرير المصير.