[quote]مَا بينَ الوَاقّعُ الدٌبلٌوْمَاسِي و الآفاقٌ المٌتْخَيّلة[/quote]
مدخل..
[quote]نحنٌ لا نتوقعْ الحٌصٌولَ عَلى عَشّائِنا بِفضلِ نٌزعّة الخّيرٌ لَدْى اللَحّام أو الخبّاز، بلْ مَنْ إهتِمامِهْم بمَصْلحتِّهم الخَاصّة.[/quote]
(آدم سميث)
علي امتداد التاريخ الطويل للولايات المتحدة الامريكية، يعد آدم سميث، رائد الاقتصاد السياسي و اكبر منظريها، من اكثر المفكرين حضورآ و تاثيرآ في كل معلم من معالم الحياة العامة و الخاصة. إذ ان افكاره، ليست الاقتصادية منها فحسب_ كالتي تناولها في موسوعته الاقتصادية “ثروة الامم” ، بل، منطلقاته الفلسفية القيّمة التي جسدها في كتابه “نظرية المشاعر الاخلاقية”، في مجملها، ساهمتْ بعمقِ، في تشكيل الضمير الاجتماعي (social conscience) الامريكي، و صياغة الاطار المعرفي (Cognitive Framework) للقاعدة البنيوية لهذه الدولة القارة. فبالتدقق في مقولته، اعلاه، و التي استهللنا بها المقدمة، يستبينُ للمرء القيّم الاجتماعية و الاخلاقيات العامة التي تبلورتْ لتكوِّن الشخصية الامريكية. بَيْدَ أنَّ ما يهمنا في هذا الصدد، هو تسليط الضؤ علي السياسة الخارجية للولايات المتحدة الامريكية و العوامل التي ساهمت/تساهم في صياغة تحولاتها التاريخية و مسبباتها. لكن بالطبع ليس من المنطق تناول مجملها، اي السياسة الخارجية، لدولة بتاريخها المتشعب كالولايات المتحدة الامريكية، في عٌجالة هذا المقال. لذلك سنركز علي انعكاسات السياسة الخارجية الامريكية، عبر الحقب الجمهورية، علي قضية جنوب السودان، في مساره التاريخي، لانَ هنالك حاجة مٌلِحّة لتسليط الضؤ علي التناول العاطفي_ الذي صار دَيْدَنٌ لقراءة و تحليل ملف علاقاتنا الدولية،_ و لتلافي بعض الكليشيهات السازجة، كحب الحزب الجمهوري الامريكي لجنوب السودان، و التي صارت جزءآ من مسلمات التعاطي و التداول السياسي في بلادنا.
امريكا…الأسس المنهجية لعلاقاتها الدولية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السياسية الخارجية، اصطلاحآ، لها تعريفات كُثر تختلف شكليآ، باختلاف الاطار المعرفي المٌستخدم. لذلك، تفاديآ للبس، سنستعينٌ بمنهج العلوم السياسية الذي يَعرفُ السياسة الخارجية علي انها مجموعة الافعال و ردود الافعال التي تقوم بها الدولة في البيئة الخارجية بمستوياتها المختلفة، سعياً لتحقيق أهدافها والتكيّف مع متغيرات هذه البيئة (موسوعة العلوم السياسية، ٢٠١٠).
بالاعتماد علي التعريف اعلاه، الولايات المتحدة الامريكية، كقوي عظمي، لا تشذٌ سياستها الخارجية عن قاعدة تعامل الدول في حقلِ العلاقات الدولية، اذ انها _ علي مدار تاريخها الطويل، استهلالآ برحلة بنجامين فرانكلين الاولي الي فرنسا، في ٢٦ اكتوبر ١٧٧٦، و ختامآ بتحركات جون كييري الحالية حول سوريا_ تتقيّد و تسير وفق منهج اجماعي مٌتفق عليه (Bipartisan) لتحقيق و حماية المصالح الامريكية و ضمان استمراريتها، و يمكن تصنيف هذه المصالح الي شقين:
أ. مصالح رئيسية معلنة (expressed) الا وهي حماية و صون الامن القومي عبر تآمين المصالح الامنية و الاقتصادية؛ و حماية/ ترجيح كفة حلفائها الاستراتيجين.
ب. مصالح ثانوية ضمنية (Impliedd) كنشر قيّم، اخلاقيات، و ثقافة الولايات المتحدة الامريكية، و ترسيخ مكانتها في صدارة المجتمع الدولي ليس فقط كدولة عظمي بل كقوة للخير (Force for good)، و هذا يتم عبر وكالة الولايات المتحدة للتنمية الدولية (USAID).
بناءآ علي ما سبق، هذه الاهداف و المصالح الاستراتيجية لا تتغير، بل بالاحري، تتكيّف مع المتغيرات السياسية في الحيز الاقليمي و الدولي. بمعني آخر، تظل المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة الامريكية ثابتة، لكن تتغير وسائلها، و تتشكل خارطة تحالفاتها كردود افعال لمستجدات المحيط الاقليمي و الدولي بتمرحلاتها المختلفة.
جٌنوبٌ السٌّودانْ عَبّر الحِقّبِ الجٌمْهُوريِّة….
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جنوب السودان، كواحدة من بؤرِ العالم الاكثر اشتعالآ، ظلتْ تشكل حضورآ راتبآ في اجندة السياسة الخارجية الامريكية منذ ثمانينات القرن الماضي. ليس ذلك فحسب، بل يمكن ان يجزم المتابع الحصيف بان قضية جنوب السودان، في مسارها التاريخي، تَجسِّدُ منهج السياسية الخارجية الامريكية، بمنعرجاتها الكٌثر، و التي تتحوّر وسائلها في ظل المتغيرات الدولية، ضمانآ و حمايةَ لمصالحها الاستراتيجية. فالولايات المتحدة الامريكية، في اطار سعيها لتحقيق مصالحها الاستراتيجية، تباينتْ سبل تعاطيها و وسائل تعاملها مع جنوب السودان/السودان، عبر الحقب الرئاسية الجمهورية و التي يمكن تصنيفها في مرحلتين:
١. الحقبة الجمهورية الاولي ….
الحقبة الجمهورية الاولي، لغرض هذا المقال، هي الحقبة التي تزامنتْ مع انطلاقة الحركة الشعبية لتحرير السودان بمشروعها الاشتراكي الماركسي المٌعلنْ آنذاك، اي الفترة الرئاسية للجمهوريين رونالد ريغان و جورج بوش الاب، و التي كانت_ بالنسبة لاساطين السياسة الخارجية الأمريكية_ بمثابة امتدادِ لصراعاتها الايدلوجية. إذ انها، اي الولايات المتحدة الامريكية، مع نهاية الحرب العالمية الثانية التي أٌسْدِلَ ستارها بهزيمة النازيّة الالمانية، اعادتْ تعريف مصالحها الاستراتيجية و رسمِ خارطة تحالفاتها الشئ الذي وضعها_ في مواجهةِ ايدلوجية جديدةِ مع الاتحاد السوفيتي_ فيما عُرِفَ لاحقآ بحقبة الحربِ الباردة. لاسبابِ كٌثر، اهمها التكلفة الباهظة للمواجهة المباشرة، جنحتْ الولايات المتحدة الامريكية لسياسة الاحتواء (Containment) لمنع الامتداد الايدلوجي للاتحاد السوفيتي. و الاحتواء، كمرتكز للسياسة الخارجية الامريكية، صكّها الدبلوماسي الامريكي و القائم باعمالها لدي موسكو حينها، جورج كينان في عام ١٩٤٦، و تحولت، فيما بعد، الي اطار مفاهيمي (Conceptual framework) للمواقف الدبلوماسية الامريكية ابان الحرب الباردة (التطور التاريخي للدبلوماسية الامريكية، ٢٠١٦).
من ذلك المنطلق، كانت اهداف السياسة الخارجية آنذاك، فيما يختص بالسودان/جنوب السودان، هو توفير دعمآ لوجستيّآ و عسكريآ لحكومة الرئيس السوداني الاسبق، جعفر محمد نميري، و عزل الحركة الشعبية في المنابر الدولية. بالاستعانة بالتاريخ، هنالك الكثير من الشواهد للدعم الامريكي السخي، اذ انها انفقتْ ما يقارب مليارين من الدولارات في منطقة القرن الافريقي لتعضيد حلفائها، ذهب منها ٥٠٦ مليونآ، اي ما يعادل ١,١٣٨ مليارآ بقيمة هذا العام، في السنوات الاولي لانطلاقة النضال المسلح بجنوب السودان، لحكومة الرئيس جعفر نميري تحت غطاء المعونة الاقتصادية الامريكية للسودان. و تزامن ذلك “الكرم” ايضآ مع تعاون عسكري غير مسبوق اذ ارتقي السودان الي المركز السادس للدول التي كانت تحظي بالدعم العسكري الامريكي. راجع (U.S Economic Support Fund). و لقد كان للدعم الامريكي آثارآ واضحة في تعضيد شوكة الخرطوم التي كانت علي قاب قوسين او ادني من الانكسار؛ و كان لها، أيضا، ابعادها و آثارها السيكلوجية و التي لازالت راسخة في مخيلة المجتعمات الجنوبية؛ و فلكورنا الشعبي مليئٌ بالامثلة و الشواهد التي تجسدٌ وقائع السنوات الحرجة التي عاشها مناضلو الحركة الشعبية و المجتمعات الواقعة في مسارحِ الحربِ من جراء الدعم العسكري الذي تلقتها حكومات الخرطوم من الحقبة الجمهورية “الريغانية”. بالطبع، من السذاجة الاسترشاد بالفلكور الشعبي كمعيار علمي للبحث و الاستقصاء في العلاقات الدولية، و لكنه قطعآ _كاداة للاستبيان_ يداعبُ سقفَ دعاة الدبلوماسية الرومانسية.
فيما يختص بعزل الحركة الشعبية من المنابر الهامة، كانت مواقف الحكومة الامريكية “الجمهورية” في غاية الجديّة و تجلت بوضوح حينما منعتْ رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان، آنذاك، الدكتور جون قرنق، أثناء زيارته لواشنطن عام ١٩٨٧، من استخدام اي من المنابر العامة لعقد لقاءآته التنويرية واجتماعاته الخاصة، فلجأ اضطرارآ لاستخدام شقة صديقه و زميل دراسته، برايان ديسيلفا(Brian DeSilva)!.
٢. الحقبة الجمهورية الثانية..
الحقبة الجمهورية الثانية، في هذا الصدد، نعني بها الحقبة الرئاسية لجورج بوش الابن، و هي فترة ديناميكية إذ شهدتْ تحولات كبيرة في السياسية الخارجية الامريكية تجاه السودان/جنوب السودان و قلبتْ خارطة التحالفات راسآ علي عقب، لاسيّما ان الادارة الأمريكية، عبر هذه الحقبة الرئاسية، مارستْ ضغوطآ دبلوماسيةَ كبيرة علي طرفي النزاع الي ان تٌوِّجتْ جهودها باتفاقية السلام الشامل التي وٌقعّتْ في منتجع نيفاشا الكينية في التاسع من يناير عام ٢٠٠٥. بالاسترشاد بما سبق، يصبح جليآ ان قضية جنوب السودان، نالتْ حظها من الكيل و التنكيل في عهدي الرئيسين الجمهوريين رونالد ريغان و جورج بوش الاب، ثم تحول ذلك العداء السافر الي الاعتماد و التبني في حقبة الرئيس الجمهوري الآخر، جورج بوش الابن، و الذي نجحتْ جهوده الدبلوماسية في وضع اوزار اطول حرب في القارة السمراء.
إذن، يصبح التساؤل المشروع _و الذي ،في اعتقادنا، مصدر الالتباس لدعاة الرومانسية الدبلوماسية_ لماذا هذا التباين و الاختلاف في السياسة الخارجية الامريكية فيما يختص بالشآن الجنوبسوداني؟
حسنآ، حقيقة، لم يكن هنالك اختلاف جوهري للسياسة الخارجية الامريكية، بل بالاحري، اهداف السياسة الخارجية الامريكية ظلت كما هي، تسعي لتحقيق و حماية مصالحها الاستراتيجية؛ لكن كان هنالك الكثير من المتغيرات الهامة التي طرآتْ علي الساحة السياسية العالمية، ساهمتْ في تغيير محاور العلاقات الدولية. عليه، كان ليس غريبآ ان تتكيّف السياسة الخارجية للولايات المتحدة مع هذه المعطيات الجديدة، و التي يمكن تلخيصها في الآتي:
أ. انهيار الاتحاد السوفيتي:
انهيار الاتحاد السوفيتي كانت لها تداعيات كبيرة علي السياسة الخارجية الامريكية، فعمليآ الانهيار كتبت الفصل الاخير في حقبة الحرب الباردة و افرغت سياسة الاحتواء (Containment) من محتواها الاستراتيجي. عليه، كان من الطبيعي ان تصرف الولايات المتحدة النظر، مرحليآ، عن دعم الخرطوم و حروباتها التي لم تعد مسرحآ لصراعاتهاِ الايدلوجية كما كان عليه الامر في السابق؛ و حل محلها، في جدول السياسة الخارجية، شواغل مرحلية اخري كالغزو العراقي للكويت، ازمة كوسوفو، و بعض القضايا الاخري المختصة بالصحة البيئية كالاحتباس الحراري.
ب.الارهاب و الاسلامي السياسي:
مع مغارب القرن الماضي، و تمدد الاسلام السياسي المتطرف، سيطرتْ محاربة الارهاب علي اجندةِ السياسة الخارجية الأمريكية بحسبانه مهددآ للامن القومي الامريكي و كايدلوجيا مناوئة للقيّم التي تتبناها الولايات المتحدة. لذلك، فان البعد الديني المتطرف، الذي اتخذته حكومة الجبهة الاسلامية منهجآ، ساهمت في هدمِ جسورِ التعاون القديم بين واشنطن و الخرطوم، غيرتْ خارطة التحالفات، و استحدثتْ ظروف مرحلية جعلت الحركة الشعبية للتحرير السودان، حينها، حليفآ واقعيآ للمصالح الاستراتيجية الأمريكية.
الجدير بالزكر، هنا، ان تدهور علاقات الخرطوم بواشنطن مرت بعدة مراحل من الفتور و الجفاء الدبلوماسي الي ان وصلت مرحلة العداء السافر.
اولآ، كان لموقف الخرطوم الداعم لصدام حسين في غزوّه للكويت، في اغسطس ١٩٩٠٠، تداعيات سلبية لعلاقاته الثنائية مع امريكا التي كانت، حينها، تبحث عن تأييد حلفائها في المنطقة حتي لا يٌحسب تدخلها لصالح الكويت تغول غربي علي الشئون العربية؛ لذلك موقف الخرطوم، المناهض للجهود الأمريكية، آنذاك، كان محبطٌ لواشنطن. راجع (Desert storm operation).
ثانيا، كان لضلوع حكومة الخرطوم في محاولة اغتيال الرئيس المصري الاسبق ، محمد حسني مبارك، في عام ١٩٩٥، و الذي كان يعتبر الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة في الشرق الاوسط و راعيها لاتفاقية كامب ديفيد، دور محفّز في تدهور علاقات الخرطوم بواشنطن.
ثالثآ، كانت لعلاقة الخرطوم المعلنة بتنظيم القاعدة في شخص زعيمها، اسامة بن لادن، خاصة بعد تفجيرات دار السلام و نيروبي التي استهدفتْ رعايا الولايات المتحدة و سفاراتها، الاثر الاكبر في نقل الفتور الدبلوماسي الي العداء المباشر؛ و لقد جاءت رسالة الولايات المتحدة في غاية الوضوح حينما استهدفت صواريخها مصانع الشفاء في قلب العاصمة السودانية، في اغسطس ١٩٩٨. راجع (Infinite Reach Operation )
ج. إنتخاب جورج بوش الابن و هجمات ١١ سبتمبر:
دخلتْ الولايات المتحدة الانتخابات الرئاسية الثالثة و الاربعون، في اجواء سياسية داخلية مشحونة فيما يختص بعلاقاتها مع الخرطوم، إذ ان حروبات حكومة الجبهة الاسلامية الجهادية في جنوب السودان و تورطها في الاسترقاق و الإتجار في البشر كانت قد اثارت حفيظة المنظمات الحقوقية الأمريكية و مجتمعاتها الكنسية، خاصة الكتلة الانجيلية التي شكلتْ القاعدة الانتخابية لجورج بوش الابن. ذلك الاحساس بضرورة التعامل مع عدوانية الخرطوم، تفاقم و تحول الي ضرورة تٌحسبْ علي هيبة الدولة الامريكية، بعد هجمات ١١سبتمبر ٢٠٠١؛ إذ انّ الخرطوم، في تلك الاحايين، لم تعد فقط مهددآ للقيّم “اليهودومسيحية” (Judeo-Christian) _التي تشكل القوام الاخلاقي لامريكا و تمثل مصدرآ هامآ للالهام الاجتماعي،_ بل اصبحتْ تٌصنّفْ كدولة راعية للارهاب الاسلامي المتطرف و محورٌ من محاور الشر في اجندة السياسة الخارجية الامريكية. لهذه الاسباب، كانت الارضية السياسية مهيئة لجورج بوش الابن لاجازة و توقيع قانون سلام السودان _الذي قدمه للكونغرس، البرلماني الجمهوري عن ولاية كلورادو، توماس تانكرادو_ في ٢١ اكتوبر ٢٠٠٢؛ و لتكريس امكانيات الولايات المتحدة الامريكية و نفوذها السياسي لايقاف الحرب و احلال السلام في السودان.
بعيدآ عن الحبِّ المٌتخيّل، وقفةٌ لابٌدَ مِنْها…
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جنوب السودان دولة موعودة بآفاقِ مشرقة، إذ انعم عليها الخالق بخيرات قلَّ ما توفرت في بوتقة واحدة. لكن الرحلة الي تلك الآفاق المٌسْتَحقّة، لهي وعِرّة التضاريس و تتطلبْ درجة عالية من المسئولية الاخلاقية وشئ من رجاحّة العقل (sapience) ، و لن تٌكتبْ لهذه الرحلة النجاح ان لم نبتعد عن إختزال القضايا الكبيرة في مفاهيمِ مبتزلة تسيئ للدولة و لإنسانها قبل مروجيها. بنفس المنطلق، ادارة ملفات علاقاتنا الدولية، خاصة مع دولة بحجم الولايات المتحدة الأمريكية، عملية في غاية الاهمية، تتطلب درجة عالية من المهنية، و تستوجبْ إيجاد منهج علمي مبني علي تعريف و إدارة المصالح المشتركة بعيدا عن الإستغفال العاطفي و المسيرات التآييدية. يجب ان نستدرك خطواتنا جيدا و نتعامل مع تصريحاتنا بشي من المسئولية_ و نخصٌ بهذا ممثلينا في القطاع الحكومي، المنظمات الفئوية، و صٌناع الراي العام_ لانها تساهم في صياغة مفاهيم ووعي الشارع الجنوبسوداني. الولايات المتحدة الامريكية دولة تديرها مؤسسات بدرجة عالية من المهنية و البراغماتية، بعيدا عن العواطف، و ستظل سياساتها الخارجية مبنية علي حماية مصالحها الاستراتيجية_ كما اوردنا في هذا المقال_ بغض النظر عن هويّة الحزب الحاكم او المزاج الشخصي لقاطن بيتها الابيض؛ و ستظل دومآ، كما وصفها اعظم دبلوماسيها، هنري كيسينجر، “امريكا ليس لديها حليف ازلي او عدو دائم، بل لديها مصالح ازلية و دائمة”.
اندرو كوات
آيوا، يناير ٢٠١٧