احمد داوود
للحقيقة والتاريخ ؛ بداخلي صوتان :
*الاول يري أنه لايجب حظر الأحزاب “الكيزانية” ولا يجب ايضا إحالة الكيزان العاملين بمؤسسات الخدمة المدنية للتقاعد الاجباري ، صحيح أن هذا الأمر قد يبدو مرفوضا عند الكثير ، وبسببه أيضا يمكن أن اتهم بالانتماء للفكر الإخواني ..حتي أنا أيضا لا استوعب ما أقوله حقا ولكن لهذا الصوت مبرراته ؟.
أخلاقيا وبناء علي تعاليم المسيح: من ضربك علي خدك الأيسر فحول له الأيمن ،واخلاقيات المهاتما غاندي في التسامح،وتجربة مانديلا في تعامله مع نظام الفصل العنصري …فإنه ليس من الأخلاق أن نتعامل مع من قهرنا ، وقتل اخوتنا بنفس أسلوبه ؛ لأننا بذلك نصبح مثله ..وهنالك قصة الراهب الذي حاول انقاذ عقرب من الغرق فلسعه العقرب اكثر من مرة وعندما سئل لماذا يصر علي عملية الإنقاذ أجاب: من طبع العقرب أن يلسع ومن طبعي أن احب فلماذا اترك طبعه يؤثر علي طبعي . والانتصار الحقيقي ليس هو الانتصار علي الآخر وانما هو الانتصار علي الذات.
الموظف الكوز الذي سبق وأن قرر موقفه مسبقا ليؤيد نظاما فاشيا هو حتما رب أسرة ..وقد تكون هنالك أسرة بأكملها تعتمد عليه في اعاشتها ، فماذا لو كان الفصل سببا في حرمان طفلا ما من التعليم أو تشريد اخر ؟
سياسيا ؛ البلاد في مرحلة البناء وبالتالي لكي نؤسس لابد أن نستصحب معنا قيم التسامح. رواندا علي سبيل المثال شهدت افظع مما شهدته البلاد ، ولكنها استطاعت أن تسمو فوق جراحها وان تصبح رواندا التي نشاهدها الان ..فلم لا نكون مثلها.
ويبقي الكوز صديقا وشقيقا واخ في الوطن قبل كل شي …فهو الصديق الذي ينصب صيوان العزاء عندما نموت ، وهو الجار الذي يستقل سيارته ليوصل زوجتك الحامل او والدتك المريضة عندما لا تكون هنالك خدمات الإسعاف…وهو…وهو…فكيف تستطيع أن تغفر لنفسك او حتي أن تنظر إلي عينيه في حال انك تسببت في قطع مصدر رزقه.
قانونيا : ممارسة السياسة والحصول علي عمل حق مكفول للجميع ، والإنسان لا يحاكم بجرائم غيره ،وليس كل الكيزان سيئون بالضرورة ، بعضهم أصبح كوزا لأنه أراد ان ياكل “عيش” ،واخر كان خائف من أن تقطع مصدر رزقه..فماذا أن كان الفصل يطال هذه النوعية فقط؟ صحيح أن أكل عيشه كان علي حساب الآخرين ولكن هذا ليس كفيلا بأن نساويه بالكوز القاتل نموذج البشر والذي يحاكم الان بجرائم الفساد حتي دون الإشارة لجرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبها.
* الصوت الثاني يري أنه يجب حظر الأحزاب الكيزانية وإحالة أعضائها للتقاعد الاجباري …وله هو الآخر مبرراته:_
اعتمادا علي القاعدة الأخلاقية : لا تقبل لاخيك ما ترفضه لنفسك .ومقولة مانديلا : أن الإنسان الحر لا يقبل أن يهان اخر أمامه ، فإن الكوز الذي تغاضي عن أو أيد اغتصاب نساء قرية طابت ، وشاهد طائرات الانتنوف التابعة لنظامه تقطع أجساد الاطفال ، وشارك في قتل المتظاهرين ، والقاء جثثهم علي النيل ، وقد يكون مشاركا بصورة غير مباشرة في اغتصاب الدكتور الجامعي الذي اتهم نافع علي نافع باغتصابه ،وتلصص ورفع التقارير علي أقرانه في الحي ، وشارك في قتل وإرهاب طلاب التنظيمات الأخري بالجامعات وووووو……. مثل هذا الشخص لا يستحق التعاطف اطلاقا…فلو أن قانون الحياة يثبت أن الإنسان يجني ثمار أفعاله فلم لا يجني الكوز ثمن خيانته …لماذا لا يتشرد ويعاني حتي يعرف قيمة ما فعله ضد الآخرين ، لماذا لا يأكل ناره لوحده ، أو يتحمل تبعات أفعاله…قد يظن الكوز هنا أن الأمر يبدو وكأنه صراعا وجوديا بيني وبينه ، وانني انحاز لنفسي ، ولكنه ليس كذلك.
ربما كان الكوز معيلا أو ربا لأسرة ، وان تأييدي للفصل قد يتسبب في تشريد طفلا ما ، ولكن لا يجب أن ننسي أيضا أطفالا آخرين يتسولون ويتعاطون السلسيون وياكلون فتات الناس بسببه ، وان هنالك مبدعا في دارفور كان بإمكانه أن يصير فنانا أو طبيبا او حتي لاعباً ويمثل البلاد خارجيا ولكن طيران الكيزان حرمه من هذا الحلم.
سياسيا : صحيح أن حق العمل وممارسة السياسية حق انساني اصيل ، ولكن مالم يفصل الكوز ويمنع من ممارسة السياسة فما الذي يضمن أنه لن يستغل ذلك لتنظيم صفوفه ويعود حاكما مرة أخري ،ماذا لو أعتبر التسامح غباءا .وماذا لو كنا بتسامحنا نساعده بشكل غير مباشر علي الاستمرار في جرائمه وانتهاكاته . وفي الفكر الديني : المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين .
قانونيا:سوف أستخدم العامية هنا ،لان مفردات مثل اختلاس ونصب لا تفي بالغرض. وبالتالي لا يوجد كوز لم “يأكل” مفردة ال”أكل” هنا اكثر تعبيرا . حتي لو أن الكوز لم يشارك في القتل بشكل مباشر فإنه بالضرورة قد “بلع،واكل” وليس هنالك ثمة كوز لم يفعل ذلك؛ فالموظف الكوز الذي يعمل بالاراضي مثلا استغل وظيفته ليسجل قطعة أرض باسمه، والعامل بالقضاء استغل سلطته ليظلم شخصا برئ أو يبرئ آخر مذنب ، هذا غير الأموال التي يحصل عليها من التنظيم عندما يزعق مرددا اسم الرب والنماذج لاتحصي ….مثل هذا الشخص سيكون مذنبا من الناحية القانونية لأنه استغل وظيفته ليسرق ويظلم وبالتالي يجب فصله وحرمانه من المشاركة في الحياه السياسيه .
مع أن هنالك نماذج أخري إلا أنني سأكتفي بهذا فقط ؛ ولكن وجب الإشارة إلي أن هذا ما ينتابني الان ،وليس القصد من الكتابة التحريض أو خلق عداء بين مكونات الشعب..ولا اريد أيضا أن تتم محاكمتي بناءا علي ما كتبته .. ففي النهاية كلنا بشر ، ولنا عقول وقلوب . وأحيانا نصيب ونخطي ولكن مع ذلك يبقي الود قائماً ، وكلنا أمل بوطن اجمل.