نيروبي _ صوت الهامش
توقعت قناة CNBC أن تزداد حدة التظاهرات في مناطق ومدن عدة في أرجاء السودان خلال الاسبوع المقبل، وهي التظاهرات ذاتها التي بدأت في منتصف ديسمبر الماضي وتزايدت في الـ 19 منه، وذلك كرد فعل على رفع الحكومة السودانية أسعار الخبز ثلاث مرات، وتزايد طوابير البنزين حول مباني العاصمة.
و قالت القناة في تقرير أنه في يوم الخميس الماضي الموافق الـ 3 من يناير، دعى تجمع مدني إلى مظاهرات واسعة النطاق يوم الجمعة، بالإضافة إلى مسيرة إلى القصر الرئاسي يوم الأحد الماضي، ومسيرة أخرى يوم الأربعاء للدعوة لتغيير النظام، حيث أظهرت لقطات انتشرت عبر موقع “تويتر” مظاهرات حاشدة يوم الخميس في “بورتسودان”.
وأكد التقرير على أن الرئيس عمر البشير قد استجاب وحزبه المؤتمر الوطني للعصيان المدني باستخدام القوة المفرطة، حيث تقدر جماعات حقوق الإنسان أن نحو 40 شخصًا قتلوا في الاحتجاجات حتى الآن، بينما ويجري فرض حظر التجول في بعض المدن، كما علقت الدروس في المدارس والجامعات في العديد من المناطق.
ووفقا للتقرير ، فقد تكون نقطة التحول التي أدت إلى الاضطرابات هي المحنة الاقتصادية المتزايدة على المواطنين، ولذلك فإن وعود الحكومة بأن ميزانية 2019 ستحافظ على العديد من الإعانات الحكومية، وزيادة الأجور ومساعدة الفقراء من غير المرجح أن تضع حداً للغضب الشعبي القائم حتى اللحظة.
علاوة على ذلك، فإن وعود البشير بأيام أفضل في المستقبل، مع زيادة “الشفافية والفعالية والعدالة في جميع مؤسساتنا الوطنية” كما يقول والتي تقال دائمَا في احتفالات يوم الاستقلال في الأول من يناير، من المرجح أن لا تلقى آذاناً صماء.
ويمكث الرئيس البشير في السلطة منذ 30 سنة، وهو ما يعتبر كفيلًا بأن يفقد وحكومته مصداقيتهما في تقديم مثل هذه الوعود التي لا تهدف إلا للبقاء في السلطة، ما سيكون دافعًا لهم لاستخدام العنف أو التهديد به حال تهديد الحشود لبقائهم.
وكشفت القناة عبر تقرير على موقعها على الأنترنت ، واطلعت عليه ” صوت الهامش” علامةً على أن سفينة حزب المؤتمر الوطني الحاكم قد تكون غارقة لا محالًة، وهي أن ائتلافًا من أحزاب المعارضة التي شاركت في “الحوار الوطني” لعام 2016 قرر التخلي عن كل العلاقات مع الحكومة والدعوة إلى نقل السلطة إلى سلطة مؤقتة بحيث يمكن تنظيم انتقال ديمقراطي، وأطلق الإئتلاف على نفسه اسم الجبهة الوطنية للتغيير.
وقد رحبت مجموعات معارضة أخرى (تحالف الإجماع الوطني ، ونداء السودان ، والتجمع الاتحادي المعارض بالخطوة ، لكنها تريد تغيير النظام بدلاً من النقل التدريجي للسلطة. إن الانقسام في المعارضة بين الأحزاب التدريجية التي تتطلع إلى تغيير النظام من الداخل والمزيد من الأحزاب الثورية كان موجودًا منذ بعض الوقت ، ولكن يبدو أن المجموعات تتجمع معاً للاستفادة أو السخط الشعبي العام.
من جانبه، قلل حزب المؤتمر الوطني من انشقاق أحزاب المعارضة عن الحوار الوطني، حيث يقول السكرتير السياسي للحزب الحاكم “عبد الرحمن الخضر” أن ثمانية أحزاب فقط قد انشقّوا وليس كما تفيد التقارير بأن الأحزاب المنشقة بلغ عددها الـ22حزبًا.
ومن بين الأحزاب في تحالف نداء السودان حزب الأمة الوطني بقيادة “الصادق المهدي” – رئيس الوزراء الذي أطاح به البشير في انقلاب عام 1989، حيث عاد المهدي إلى البلاد في ديسمبر الماضي مع بدء الاحتجاجات، وبحسب ما ورد بأن ابنته زينب صادق المهدي كانت من بين المعتقلين خلال الاحتجاجات يوم الاثنين 31 ديسمبر في الخرطوم.
وتقول تقارير من وكالة “أسوشيتدبرس” إن ما يقرب من عشرين من قادة المعارضة الآخرين اعتقلتهم قوات الأمن، حيث ذكرت تقارير أن اعتقالات لنشطاء المجتمع المدني والصحفيين وقعت يوم الخميس 3 ديسمبر.
وأشار التقرير أن زخم الاحتجاجات لم يتراجع على الرغم من الوعود بتحسن الوضع الاقتصادي والتهديد بالعنف، في حين استخدمت قوات الأمن القوة المميتة في محاولات الحفاظ على النظام، إلا أن عدد القتلى لا يزال أقل مما كان عليه خلال الاحتجاجات في عام 2013.
وفي السياق ذاته، أشار الكثير من المعلقين والمتابعين إلى أن التركيبة السكانية المشاركة في تلك الاحتجاجات تختلف هذه المرة، بينما كان المتظاهرون في عام 2013 هم بشكل رئيسي من فئة الشباب والمجموعات المهمشة (مثل سكان دارفور) ، كانت احتجاجات هذه المرة تتضمن شريحة واسعة من المجتمع .
حيث أفادت العديد من التقارير بأن النساء والأطفال والمسنين قد شاركوا بشكل فعال في مشاهد تذكرنا بثورات الربيع العربي ، وفق تعبير (الفاينانشال تايمز).
وقد أفادت وكالة “بلومبرغ” أن الحكومة تبحث بشدة عن مساعدة أجنبية للوصول إلى العملة الصعبة للتخفيف من الأزمة الاقتصادية حيث تجدر الإشارة هنا إلى مساعدات المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى في الماضي، ولكن حتى لو كان من الممكن تقديم هذه القروض في الوقت المناسب لإحداث فرق إلى جانب ضعف الجنيه وارتفاع الأسعار، فليس هناك ما يضمن أن هذا سيقنع المواطنين بالغاء احتجاجاتهم.
وتعتقد القناة بأن أحد العوامل الرئيسية التي يجب الانتباه لها هو إخلاص القوات العسكرية والأجهزة الأمنية الأخرى للنظام الحالي، فحتى الآن، لم يعثر إلا على تقرير واحد يتناول الجنود الذين اتخذوا صف المتظاهرين، إلا أن الحياد من قبل الجيش قد يكون كافيا لتوضيح نهاية النظام.