جنيف – صوت الهامش
نشرت وكالة ذا نيو هيومانيتاريان الإخبارية تقريرا عن آثار صراع السلطة في العاصمة السودانية الخرطوم على إقليم دارفور، محذرة من “أيام صعبة في العديد من المدن”.
واستهلت الوكالة التقرير، الذي اطلعت عليه صوت الهامش، بالقول إن آثار الصراع المحتدم في الخرطوم مدمرة على سكان العاصمة ولا شك، لكن هذا الصراع امتد صوب الجنوب الغربي وإقليم دارفور الذي يعاني من قديم، وحاجته إلى المساعدات الإنسانية ماسّة.
ورصد التقرير مقتل أعداد كبيرة من المدنيين وسط الصراع على بسْط السيطرة في مدن رئيسية بإقليم دارفور.
ونبّه إلى أن ميليشيات دارفورية في بعض المناطق قد دخلت بالفعل إلى حلبة الصراع، مما ينذر بتحولّه من صراع بين طرفين اثنين (قوات البرهان وقوات حميدتي) إلى صراع متعدد الأطراف.
ومع ذلك، وبرغم العنف، تمكنت بعض المجتمعات الدارفورية من التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع في بعض المناطق في دارفور بما يُسهّل وصول المساعدات الإنسانية إلى تلك المناطق.
وقال محمد زكريا، أحد أئمة قاموا بتنسيق هُدنة الشهر الماضي في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور: “للقيادات المجتمعية في دارفور تاريخ طويل في عمل الوساطات وتسوية النزاعات”.
ويرى الدارفوريون أن مدينة الخرطوم اليوم تعاني نفس الصراع الذي يعاني منه إقليم دارفور منذ عقود.
ويخشى كثيرون من سيناريو خسارة قوات الدعم السريع معركتها في العاصمة الخرطوم، والذي قد يسفر عن تجمّع فلولها عندئذ في دارفور، بما يحوّل الإقليم إلى مركز للحرب.
وفي ذلك يقول أحمد كوجا، وهو حقوقي وصحفي مقيم في جنوب دارفور: “سنرى أيام صعبة في العديد من المدن بدارفور”.
ولفت التقرير إلى أن لكل من طرفي الصراع (الجيش النظامي والدعم السريع) قواعد في دارفور، وأن هذه القواعد قد انخرطت بالفعل في صراع في الإقليم بعد وقت قصير من اندلاع الصراع في الخرطوم وضواحيها.
وبحلول الخامس من مايو، تشرد أكثر من 200 ألف شخص في دارفور، ولا تزال مستشفيات وأسواق وبنوك في الإقليم خارج الخدمة.
وتعطلت برامج المساعدات الإنسانية التي تقدَّم لأكثر من 1.5 مليون دارفوري يعيشون في معسكرات النزوح -معظم هؤلاء أفارقة من غير العرب من ضحايا المجازر التي شهدها الإقليم في مطلع الألفية الجديدة.
وأُجلي العاملون في مجال الإغاثة الدولية من دارفور عندما بدأ الصراع في 15 أبريل.
وتعرضت مكاتب ومخازن وشاحنات وكالات تقديم المساعدات للنهب في عدد من المناطق بدارفور.
ولقي ثلاثة من عناصر برنامج الأغذية العالمي مصرعهم.
ويتوقف الوضع الأمني في المستقبل بدارفور على مدى صلابة مبادرات وقْف إطلاق النار المحلية في الإقليم. وقد تمكنت تلك المبادرات حتى الآن من الحيلولة دون اندلاع الصراع في أربع من إجمالي خمس عواصم في إقليم دارفور.
أما في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، فقد واجهت مبادرات وقف إطلاق النار صعوبة، لتشهد المدينة واحدا من أكثر الصراعات دموية في السودان خلال الشهر الماضي.
وفوق الصراع بين قواعد موالية للدعم السريع وأخرى موالية للجيش في الجنينة، شهدت المدينة كذلك مواجهات بين ميليشيات عربية من جهة وعناصر تابعة لقبيلة المساليت غير العربية من جهة أخرى.
ومن الصعب التنبؤ بما سيحدث مستقبلا في دارفور. وثمة جماعات مسلحة عديدة تنشط في المنطقة ولديها خبرة في قتال كل من قوات الجيش وقوات الدعم السريع على حدّ سواء.
ولحدّ الآن تتخذ هذه الجماعات موقف الحياد، لكنها قد تقرر عاجلا أو آجلا الاصطفاف مع أحد طرفَي الصراع.
ويحاول الجيش، بحسب التقرير، عقد شراكات مع عناصر من قبيلة الرزيقات العربية التي ينتمي إليها حميدتي قائد الدعم السريع. ويستهدف الجيش من وراء تلك الشراكات إضعاف شوكة حميدتي، لكن ذلك في المقابل قد يخلق حالة من الاستقطاب داخل مجتمع الرزيقات.
وحتى الآن، لا تزال محليات دارفور في معظمها ترفض طرفي الصراع كليهما، وتأبى الاصطفاف إلى جانب أحدهما ضد الآخر، بحسب ما يقول منزول عسل أستاذ الأنثروبولوجيا الاجتماعية بجامعة الخرطوم.