واشنطن: صوت الهامش
أكدت مجلة “نيو إنجلش ريفيو” أن الحملة المعلنة لنزع السلاح في دارفور تتناقض ، وحقيقة أن مدنيي دارفور لا يمتلكون سلاحا من الأساس لكي تنزعه قوات أمن نظام البشير، متسائلة: “إلى متى يظن هذا النظام نفسه قادرا على الاستمرار في خداع الشعب السوداني والمجتمع الدولي على السواء؟”
ونبهت المجلة في تقرير اطلعت عليه (صوت الهامش)، إلى أن نظام البشير منذ مجيئه للسلطة وهو يدشن حملات مشابهة لتلك الحملة ضد شعب دارفور؛ ونتائج تلك الحملات غنية عن التعريف؛ ذلك أن السلام لم يعرف طريقه إلى الإقليم في ظل نظام البشير؛ وإنما كانت عملية نزع سلاح المدنيين الدارفوريين دائما غطاء لقمع القرويين واعتقال النشطاء؛ فيما ترسل تلك الحملات رسائل مضللة للشعب والمجتمع الدولي مفادها أن النظام يبذل جهودا لتحقيق السلام والاستقرار في الإقليم، بينما في الواقع فإن النظام يكون بصدد تنظيم وتسليح المزيد من ميليشيات القبائل العربية.
وشددت المجلة أن هنالك شريحة واسعة من بعض القبائل الموجوده في دارفور هم جزء من جهاز أمن نظام البشير فيما يعرف بوحدات قوات الدعم السريع أو ميليشيات الجنجويد، وهم وحدهم في الإقليم المرخص لهم بحمل وحيازة الأسلحة وسيارات “تويوتا بيك آب” من الأنواع التي استهدفتها الحملة المعلنة لنزع سلاح دارفور، أما المدنيين من السكان الأصليين بالإقليم فلا يمتلكون أمثال تلك الأسلحة والمركبات.
وأعادت المجلة إلى الأذهان كيف بدأ نظام البشير منذ استيلائه علي السلطة في تسليح القبائل العربية بدعوى حاجتهم إلى السلاح لحراسة أموالهم وأنفسهم في مقابل عدم تسليح سوى رؤساء القرى من بعض القبائل في دارفور للدفاع عن قراهم، ثم ما لبث النظام أن دشن حملة لنزع السلاح ، وذلك للتغطية على جرائم ارتكبتها الميليشيات وتوفير حماية خاصة لها.
وعلى الرغم من الحملات العديدة لنزع السلاح التي دشنتها بعض الأنظمة منذ حقبة الثمانينيات فإن الميليشيات في دارفور لم يتم نزع سلاحها كما يحدث لبعض السكان في دارفور، بل على العكس يتم تزويد تلك الميليشيات بالعتاد والأموال والدعم اللوجستي.
وحذرت المجلة من أن نظام البشير عادة ما يلجأ إلى تكتيك نشر أعداد ضخمة من القوات العسكرية لنزع سلاح القرويين في دارفور، وفي نفس الوقت يجند شبابهم ويرسلهم إلى معسكرات تدريب الجيش في الخرطوم وبعد تأهيل هؤلاء الشباب ينشرهم النظام في وحدات الجيش السوداني لمحاربة الحركات المسلحة في دارفور وجبال النوبة وولاية النيل الأزرق. وما أن ينتهي الجيش من عمليات نزع السلاح من القرى من جهة، حتى تشن ميليشيات (الجنجويد) هجمات على الدارفوريين العُزل من الجهة الأخرى.
هذا التكتيك يستخدمه نظام البشير لإرغام الشباب الدارفوري على الالتحاق بصفوف جيش السودان لمحاربة الحركات المسلحة وفي نفس الوقت يفتح الطريق أمام الميليشيات لمهاجمة القرى المنزوعة السلاح فيقتلون ويشردون قاطنيها ويصادرون ممتلكاتهم.
ونبهت المجلة إلى أن نظام البشير استخدم هذا التكتيك على مدى سنوات لتطهير إقليم دارفور عرقيًا من بعض سكانه واحتلال أرضهم..
وأكدت أن حملة نزع السلاح في دارفور هي حملة مضللة تماما؛ ذلك أن من يمتلكون السلاح وسيارات “الـتويوتا بيك آب” في الإقليم إنما هي قوات حكومية ممثلة في قوات الدعم السريع أو ميليشيات الجنجويد التي تسبب الاضطراب وانعدام الأمن للدارفوريين؛ ونظام البشير يعلم ذلك جيدا.
. وشددت المجلة على أنه من الواضح أن نظام البشير لا يستهدف تحقيق السلام في دارفور، وإنما تعبئة المزيد من الميليشيات ودمجها بقوات الدعم السريع من أجل اقتراف المزيد من الفظائع في مناطق الصراع بـ دارفور وكردفان والنيل الأزرق ، ويهدف البشير من وراء ذلك إلى زعزعة استقرار حكومات الجوار في تشاد وليبيا وأفريقيا الوسطى.
واختتمت المجلة تقريرها بالتأكيد على أن “نظام البشير طالما دشن على مدى عقود حملات مضللة لنزع السلاح في دارفور كغطاء لعمليات تطهير عرقية وإبادة لبعض السكان في الأقليم ؛ ولتنفيذ تلك العمليات جنّد النظام قبائل هي وحدها في دارفور المسموح لها من جانب النظام بحيازة سلاح وسيارات تويوتا بيك آب .
ويعتبر النظام، تلك القبائل بمثابة جزء لا يتجزأ من قوات الأمن الحكومية ومن ثم فهي محصنة عن المساءلة؛ وترتكب فظائع واسعة النطاق ضد بعض السكان الدارفوريين ممن يرغب نظام البشير بالخرطوم في إبادتهم واحتلال أرضهم.
ونوه التقرير إن ميليشيات الجنجويد أو الدعم السريع تنفذ عملية إبادة في دارفور تحت الإشراف المباشر لجهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني الذي ينظم ويدرب ويسلح ويقدم الدعم اللوجستي لتنفيذ تلك الفظائع ضد الأبرياء في دارفور “.