واشنطن – صوت الهامش
أكد مركز أبحاث أتلانتك كاونسل في واشنطن أن ثمة عقبات حقيقية تعترض طريق التطبيع الكامل بين الولايات المتحدة والسودان.
وفي تقرير مطوّل، اطلعت عليه (صوت الهامش)، حصر المركز الإصلاحات الضرورية لإحداث تغيير حقيقي بالسودان في عدد من المحاور هي: تعديل نظام الحوكمة؛ وسيادة القانون؛ وحقوق الإنسان؛ والمشاركة السياسية.
ونبه التقرير على أن الساسة الأمريكيين لا يجب أن يحصروا قلقهم بشأن السودان في زاوية مكافحة الإرهاب؛ وإنما يتعين على هؤلاء الساسة في الإدارة الأمريكية أن ينظروا للسودان باعتباره مكونا استراتيجيا في سياق إقليمي وعالمي.
وحذر التقرير من أن لجوء نظام الخرطوم إلى منافسين عالميين كروسيا والصين وتركيا شرعوا في الاستثمار بالسودان دونما اكتراث بحقوق إنسان أو أولويات حوكمة وغير ذلك مما شددت عليه الحكومات الأمريكية المتعاقبة كثيرا.
ورأى أن قرار دونالد ترامب في أكتوبر الماضي بإلغاء العديد من –وليس كل- العقوبات المفروضة على السودان، كفيل بفتح الباب على إمكانية تدشين عهد جديد من التعاون بين الخرطوم وواشنطن على نحو يسمح للأخيرة بدفع الخرطوم على صعيد الإصلاحات الاقتصادية والعمل معها كشريك يحمل بجعبته أشياء أخرى غير العصيّ.
في الوقت ذاته، فإن الاقتصاد السوداني قد بلغ حدًا يحتاج معه بشدة تحسينا في العلاقات الاقتصادية مع واشنطن التي أثرت عقوباتها على مدى سنوات عديدة على السودان، فضلا عما أحدثه انفصال الجنوب عام 2011 من زيادة في بلة الطين اقتصاديا على السودان الذي فقد جراء ذلك نسبة 75 بالمئة من عوائده النفطية.
ونبه التقرير إلى أن الإصلاح الاقتصادي الحقيقي في السودان يعتمد على عدة تغييرات أساسية منها: مكافحة الفساد المستشري؛ وتقييد تدخل الحكومة في الاقتصاد؛ والحد من إنفاق موارد البلاد في القطاع الأمني والتسليح وتوجيهه بدلا من ذلك إلى الحد من الفقر.
وأكد التقرير أن حكومة البشير استبدادية ووحشية وشديدة الفساد.
وبحسب تقرير عالمي للحريات للعام 2018 فإن السودان جاء بين آخر عشرة دول بين 195 على قائمة الحريات في العالم .
فيما جاءت السودان في المركز الـ 175 من أصل 180 على قائمة الشفافية الدولية؛ وعلى مؤشر الحرية الاقتصادية للعام 2018، والذي يقيس مدى تدخل الحكومات في الاقتصاد، جاء السودان في المركز الـ 161 بين 180 دولة.
ورصد التقرير شكوى متواترة من رجال الأعمال بأن “حكومة السودان لا تستمع إلى القطاع الخاص، ولا تنسيق أو تناغم بينهما. بينما يسعى المسؤولون إلى إثراء أنفسهم ماليًا حيث تقوم السياسة الاقتصادية في البلاد على العلاقات.
ونوه عن أن السودان الآن ينوء تحت دين خارجي ثقيل مقداره 45 مليار دولار، نسبة 87 بالمئة منه متأخر الدفع وليس ثمة فرصة تشير إلى أن السودان قادر على دفع ولو حتى كسور من هذه الاستحقاقات. ويمثل الدين الحكومي الجزء الأكبر من الدين الخارجي يأتي بعده دين البنك المركزي السوداني ثم الشركات العامة.
وأكد التقرير أن نظام البشير إنما تمكن من البقاء واستمر في تكديس ثرواته عبر تحميل الشعب تبعات سياساته الاقتصادية.
وعلى المدى الطويل، كان لإهمال القطاع الاجتماعي في السودان أثره العميق على أبناء الشعب؛ واحتل السودان المركز الـ 165 من أصل 188 على قائمة مؤشر التنمية الإنسانية لعام 2016 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. ويدنو هذا الترتيب بمقدار 22 مستوى عن مستوى السودان على قائمة الدخل القومي الإجمالي على نحو يوضح التفاوت الكبير بين ثروة البلاد ومستوى معيشة أبنائها وضعف بنيتها التحتية.
ولفت التقرير إلى أنه ورغم إلغاء جزء كبير من العقوبات في أكتوبر الماضي، إلا أن أيا من البنوك الأمريكية لم يعبر عن استعداده للتعامل مع الحكومة السودانية .
هذا ولفت التقرير أن السبب يبدو في عدم تحمّس البنوك الأمريكية هو استمرار السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب؛ فضلا عن التخوف على سمعة البنوك من التعامل مع دولة قائدها مطلوب من المحكمة الجنائية بتهمة ارتكاب عملية إبادة جماعية بحق أبناء شعبه في منطقة درافور.