لندن: صوت الهامش
نشر موقع (آي سي إن) الإخباري، تقريرا للكاتبة ريبيكا تينسلي، حول تزايد المخاوف من خطط الولايات المتحدة لرفع العقوبات عن حكومة السودان.
وبحسب التقرير، الذي اطلعت عليه (صوت الهامش) ، فإن أصدقاء المجتمع المسيحي المحاصَر في السودان يعتقدون أن الإدارة الأمريكية ستستغل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك للتغطية على أخبار رفع العقوبات عن النظام السوداني.
ويحذر هؤلاء الأصدقاء من أن خطوة كتلك تشير إلى أن الولايات المتحدة لن تسعى بعد الآن إلى إصلاح أنظمة قمعية أخرى حول العالم كما كانت قد وعدت.
ونوه التقرير عن أن العقوبات، التي فرضها الرئيس كلينتون، كانت تستهدف معاقبة النظام السوداني على دعمه إرهابيين أمثال أسامة بن لادن؛ وقد تعززت تلك العقوبات على يد جورج بوش الابن عندما شن نظام الخرطوم حملة تطهير عرقية ضد شعب دارفور عام 2003.
وفي يناير الماضي، وقبيل مغادرته منصبه، علق الرئيس أوباما العقوبات لمدة ستة أشهر؛ وأعلنت إدارته معايير يتعين على النظام السوداني الوفاء بها لكي يتم رفع العقوبات بشكل نهائي.
وفي يوليو الماضي، أرجأ الرئيس ترامب قرار البت في رفع العقوبات نهائيا؛ لكن ثمة شائعات تتحدث عن استعداد إدارته لتدشين علاقات أكثر ودّية مع حكومة السودان الغنيّ بالموارد.
وتتمثل أهم المعايير التي دعت الولايات المتحدة إلى الوفاء بها في: “تقليص النشاط العسكري العدواني، والدخول في تعهد للحفاظ على وقف العمليات العدائية في مناطق الصراع في السودان، واتخاذ خطوات صوب تحسين وصول المساعدات الإنسانية عبر البلاد”.
وحذرت مادي كراوذر، من منظمة “شنّ السلام” الأهلية -التي تتخذ من المملكة المتحدة مقرا لها- حذرت من أن واشنطن حصرت المعايير في “صراع القوات المسلحة السودانية مع مجموعات معارضة مسلحة”؛ بينما هنالك 4 ملايين مدني غير مسلح، من أصل 6 ملايين دارفوري لا يزالون مشردين بسبب الهجمات التي يشنها نظام الخرطوم وميليشياته القبلية العميلة.
وبحسب كراوذر، فإن “واشنطن بَنتْ حُكْمها في أعقاب إعلان النظام السوداني إحراز انتصار على المسلحين المعارضين في دارفور. وقد تجاهل ذلك الحكم وجود هجمات نظامية مستمرة منذ وقت طويل ضد مدنيين استُخدمت فيها براميل متفجرة وشهدت عمليات اغتصاب جماعي، وتعذيب، ودعاوى باستخدام السلاح الكيماوي في منطقة جبل مرة”.
وأشارت كراوذر إلى أنه بينما سمح النظام في الخرطوم أخيرا للمنظمات الخيرية الدولية بوصول محدود لمناطق في السودان كان الوصول إليها متعذرا لسنوات، إلا أن هذا النظام لم يضمن لتلك المنظمات الخيرية القدرة على توصيل المساعدات الضرورية دونما إعاقة.
ولقيت خطوة إدارة ترامب المثيرة للجدل، إدانة من جانب اللورد “أولتن” أوف ليفربول، والذي زار دارفور عندما كانت حملة التطهير العرقي ضد الدارفوريين على أشدُّها عام 2004. وأشار اللورد “أولتن” وهو عضو في مجموعة برلمانية من كافة الأحزاب معنية بحرية العبادة والاعتقاد، أشار إلى تقارير موثقة حول كنائس في السودان تتعرض للهدم أو المصادرة ورجال دين يتعرضون للمضايقات والاعتقال.
وقال اللورد أولتن: “على مدى ست سنوات، انتشرت حملة تطهير عرقية ممنهجة شنها نظام الخرطوم من دارفور إلى جبال النوبة وولاية النيل الأزرق؛ واجه فيها مسيحيون وأتباع مذاهب روحانية ومعتدلون مسلمون عمليات قصف جوية من جانب القوات المسلحة السودانية؛ وقد تم قصف المزارع لحرمان المزارعين من الغرس والحصاد؛ واستشرت حالات سوء التغذية”.
وأضاف اللورد أولتن: “هذا ليس التوقيت المناسب لتخفيف الضغط عن النظام السوداني. يتعين على أمريكا استخدام نفوذها الدبلوماسي والاقتصادي لإلزام النظام السوداني على الوفاء بعهوده التي قطعها على نفسه أمام المجتمع الدولي ثم حنث بها”.
وأشار التقرير إلى تعليق وزير الخارجية الأمريكي ريكس تلرسون، في أغسطس المنصرم، على معاملة النظام السوداني للأقليات الدينية بقوله “حكومة الخرطوم تُوّقف وتعتقل وتخوّف رجال الدين وأعضاء الكنيسة. وتحظر صدور تصاريح جديدة لبناء كنائس وتغلق وتهدم كنائس موجودة بالفعل”… لكن يبدو أن قلق تلرسون لم يؤثر على قرار رئيسه (ترامب).
ويحذر نشطاء من أن قرار الرئيس ترامب برفع العقوبات نهائيا عن السودان قد يلقى ترحيبا من جانب حكومة المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي. ومن المزمع أن تشهد لندن في نوفمبر انعقاد سلسلة من اللقاءات بين مسئولين بريطانيين وسودانيين.
في غضون ذلك، تسعى العديد من الدول الأوروبية إلى تدشين علاقات تجارية مع السودان، وتدفع لتخفيف عبء الديون. فضلا عن أن الاتحاد الأوروبي منخرط فيما يسمى بـ “عملية الخرطوم” والتي بموجبها ستعمل أوروبا مع الحكومة السودانية لمنع المهاجرين المحتملين من عبور أراضيها في طريقهم إلى ساحل البحر المتوسط.
واختتم التقرير بالتنويه عن أن قائد النظام السوداني، المشير عمر البشير، هو متهّم باقتراف عملية إبادة جماعية من جانب المحكمة الجنائية الدولية عام 2009؛ وقد استولى على السلطة عبر انقلاب عسكري عام 1989 وظل في منصبه على مرّ سلسلة من الانتخابات أدينت بالعوار من جانب مراقبين خارجيين.