جنيف: صوت الهامش
نشرت وكالة الأنباء الإنسانية (إيرين) تقريرا ، نفت فيه ما تواتر مؤخرا عن انتهاء أعمال النزاع في دارفور على نحو كافٍ لتعافي الإقليم وتنفيذ برامج تنمية فيه، مؤكدا أن هذا السرد هو من قبيل “الخيال الخطير”.
ورصد التقرير الذي أطلعت عليه (صوت الهامش)، هجوما شنتّه في مايو الماضي قوات معارضة دارفورية ضد قوات الحكومة السودانية المدعومة بميليشيا قوات الدعم السريع، وقد تمكنت قوات المعارضة (جيش تحرير السودان) من العودة للتمركز بعدد كبير في دارفور.
وقد وقع هذا الاشتباك قبيل قرار الولايات المتحدة بشأن رفع العقوبات بشكل كامل بعد ستة أشهر من تخفيفها على السودان، وبعد فترة قصيرة من إعلان بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي المشتركة لحفظ السلام في دارفور (اليوناميد) تخفيض نسبة 25 بالمائة من قواتها في دارفور.
وأكد التقرير أن استمرار أعمال العنف والتوتر في دارفور يحول دون رجوع نحو 1ر2 مليون مشرد داخلي إلى ديارهم بالإقليم، بحسب إحصائيات الأمم المتحدة؛ بينما في المقابل، تتزايد أعداد الدارفوريين القاصدين أوروبا عبر المسالك الوعرة في بطن الصحراء وعلى أمواج البحر المتوسط.
ونبّه التقرير إلى أن اليوناميد تقف جيدا على حقيقة استمرار العنف في إقليم دارفور وتعرف مَن يقف وراء هذا العنف: “قوات الدعم السريع التي لا تقل أعمالها العدائية عما كانت ترتكبه الجنجويد سيئة السمعة في عامي 2003 و2004.
ورأى التقرير أن المبرر الوحيد وراء تقليص اليوناميد قواتها، بحسب أحد مسئولي الأمم المتحدة، هو “أن الجهات المانحة لم تعد لديها رغبة في مزيد من التمويل للبعثة”.
ونوه التقرير عن أن الانقسامات داخل الإدارات الأمريكية المختلفة حول القضية السودانية بين تأييد بعض عناصر الإدارات لمبدأ الثواب مقابل تأييد عناصر أخرى لمبدأ العقاب للحكومة السودانية، هذا الانقسام مصحوبا بفراغ المناصب الدبلوماسية المعنية بالسودان وجنوبه في إدارة الرئيس ترمب – ربما يبرر تأجيل قرار البت في العقوبات على السودان إلى ثلاثة أشهر.
وشدد التقرير على أن الصراعات في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق لم تنتهِ، فضلا عن أن وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المنكوبة بـدارفور لم يتحسن عما كان عليه من حال عام 2004 عندما كان الصراع في ذروته، مشيرا إلى أن وضْع حد للصراعات وتمكين وصول المساعدات هما من بين الشروط الخمسة التي اشترطتها الإدارة الأمريكية لرفع العقوبات عن السودان.
ولفت التقرير إلى أن الوقوف على حقيقة ما يجري في دارفور الآن بات أصعب مما كان عليه في أي وقت منذ 2004، بسبب عرقلة الحكومة السودانية بشكل ثابت للمراقبين الدوليين وعمال الإغاثة والباحثين والصحفيين من دخول الإقليم؛ حتى هؤلاء الذين تمكنوا من الدخول يخشون الترحيل القسري عن الإقليم إذا هم أقدموا على توثيق ما يحدث من عنف وكتابته أو أنهم حِرصًا على بقائهم لا يكشفون عن مستوى ذلك العنف.
ورصد التقرير طُرقًا لمعرفة ما يجري في دارفور، عبر وسائل إعلام موثوقة ووسائل التواصل الاجتماعي والحديث مع لاجئين دارفوريين تمكنوا من الوصول إلى أوروبا، فضلا عن إمكانية زيارة الباحث عن الحقيقة للمناطق الحدودية مع جنوب السودان والتشاد والحديث هنالك مع لاجئين وبدوويين ممن تختلف رواياتهم إجمالا وتفصيلا عن روايات حكومة الخرطوم واليوناميد.
لكن مشكلة الغرب الآن مع السودان، بحسب التقرير، ليست فقط في نقص المعلومات؛ فيكفي أن تذكر كلمة “دارفور” لدبلوماسي غربي حتى يُعبر هذا من فوره عن “التعب” والعداء لأولئك المعارضين المسلحين ممّن يصرّون على رفض توقيع أي اتفاق مع الحكومة؛ فضلا عن أن الجهات الدولية الفاعلة الآن باتت تنظر أولويات أخرى تشمل ليبيا وجنوب السودان اللتين يُنظر إلى المعارضين الدارفوريين النشطاء فيهما باعتبارهم “مفسدين”.