بقلم :عثمان نواي
نجاح الإضراب اليوم بنسبة كبيرة يعنى بداية انتقال الحراك الجماهيرى الى مربع جديد هو المربع الذى يؤدى دوما وحتما الى إسقاط الأنظمة ،وهو العصيان المدنى او الإضراب السياسي العام الذى يشل تماما حركة دولاب الدولة. الطريق الى هذا الإضراب الشامل لا يبدو طويلا ولكن هناك بالتأكيد الكثير من العمل الواجب إنجازه. النقاط المفصلية فى شل الحركة فى دولاب الدولة من المطارات والاتصالات والكهرباء وغيرها من الخدمات العامة هى مفتاح رئيسي فى الإضراب العام المرتقب . فئات المعلمين فى المدراس الحكوميه وموظفين دواوين الحكومة هم الكتلة التى يتوجب التواصل معها واستخدام كل وسائل الإعلام الشعبى والحديث لضمها الى حركة الشارع.
حيث انه من الواضح ان القطاع الخاص بكل أشكاله هو الاكثر استجابة للاضراب، وهذا بالطبع جزء منه نتيجة للمخاوف لدى موظفى الحكومة والقمع المتوقع إضافة إلى قوانين الطوارئ التى منعت الإضراب، إضافة الى التخذيل وسهولة التبليغ عن الموظفين من قبل الكيزان المنتشرين فى دواوين الحكومة . هناك عامل اخر هام جدا فى فئة الموظفين الحكوميين، وهى انهم فى الغالب من كبار السن نسبيا او حسب التصنيف الثورى، اى من الفئة العمرية فوق ال ٣٥، فى حين ان هذا الحراك الى الان كما نرى فى الشارع يقوده شباب تحت العشرين فى معظمهم وهؤلاء اما طلاب او عاطلين خريجين او غير خريجين او عاملين فى القطاع الخاص، او أصحاب أعمال خاصة من سواقين ترحال الى الركشات الى أصحاب المحلات او العاملين فيها ، ولهذا نجد تأثير ثورى اكبر حيثما وجدت هذه الفئة العمرية . من هنا يتجلي حقيقة ان السودانيين يخوضون صراع تغيير اجتماعي حقيقي مبنى على تمرد جيل يخرج الى الشارع على جيل آخر انهزم كثيرا، فاثر الصمت والخضوع للامر الواقع بدلا عن التمرد والثورة. هذا الجيل الصامت يحمل ذاكرة جريحة من هزيمة ثورتى اكتوبر وابريل ويحملون مخاوف من الأحزاب القديمة وفوضتها. فى المقابل الجيل الشاب لا يحمل ذاكرة الهزيمة هذه ولا مخاوف الخذلان لذلك هو يحمل الأمل ويصنع التغيير دون خوف من الماضي لانه لا يعرفه، هو يعرف فقط المستقبل. لذلك هناك مجهود كبير في إثبات الذات سوف يقوم به الجيل الشاب لاقتلاع اماله من الاجيال الاكبر والتمرد على الآباء، ولكن أيضا جرهم الى ساحة المعركة ولو كمتفرجين. وان يعيدوا اليهم الثقة في المستقبل وليس الماضي، حيث ان اصدار الأحكام على تجارب الحاضر من منظور ماضوى هو عجز عن المواجهة مع الذات و هروب من تصحيح المسار. وهذا الجيل الشاب الذى لا يحمل تلك الذاكرة المشوهة، لا يخشي الاحزاب وقيادتها لانه لا يعرفهم ولا يعير لهم اهتمام، كل ما يعرفه ان لا خيار له غير الانتصار بس ، وتسقط بس.. هذا السقوط الذى يصنعونه بأيديهم ومصيرهم هم يؤمنون أيضا انهم يصنعونه بأيديهم… ويبدو ان حماس وروح الشباب تتسرب الى هؤلاء الكبار ولكن ببطء. لذلك على شباب السودان الثائر الصبر على آبائهم، وتعليمهم معنى الانتصار من جديد بعد تكاثر الهزائم على رؤوسهم وبعد أخطاء ارتكبها بعضهم، ولكن يدفع ثمنها الأبناء الان. على كل فإن الطريق نحو سودان الحرية والعدالة والسلام لن يكون سهلا ايها الشباب الثائر ولكنه سيكون ملئ بالفخر والتحدي والإنجاز.. فاعلموا انكم ببعض الممكن تصنعون المستحيل.. وتسقط بس..
nawayosman@gmail.com