من واقع مسؤوليتنا تجاه قضايا شعبنا والوطن ، وحرصا منا على تحقيق مطالبه عبر سلام حقيقي يخاطب الأزمة السودانية الشاملة ويحل أزمة دارفور بخصوصيتها وجذورها التاريخية وآثارها السياسية ، الاقتصادية ، الإجتماعية والأمنية الماثلة ، كان لزاما علينا أن نملك جماهير شعبنا الثائر وضحايا الإبادة الجماعية الصابرة الحقائق كاملة كما هي .
ومن واقع تاريخ الحركة وسعيها الجاد تجاه السلام ، فاوضنا حكومة الإنقاذ في أبشي وانجمينا وأديس وابوجا حتى تبين لنا غياب الإرادة السياسية لدي حكومة المخلوع ، فأوقفنا التفاوض منذ العام 2006 معها نهائيا . وبالرغم من نجاح إنتفاضة ديسمبر التي أحدثت تغييرا جزئيا في الخرطوم ، عقدنا العزم على التوجه نحو السلام ، وبعد إعلان الوساطة قبولنا رسميا في المنبر كجسم مستقل ، ظللنا نراقب بدقة كل مراحل التفاوض حتى حان موعد التوقيع على إتفاقية السلام حيث رفضنا التوقيع بالاحرف الاولى كما رفضنا التوقيع النهائي لما يلي من أسباب :
أولا : مع تقديرنا لجهود الوساطة الجنوبية إلا أن الإجراءات التي أتبعت في منبر جوبا جاءت مخلة ومعيبة وبعيدة كل البعد عن المعايير المتعارف عليها ، فجاءت إجراءات الوساطة والطرف الحكومي بلا معايير في تحديد أوزان أطراف التفاوض فأدخلت تنظيمات مجهولة غير مسلحة وبلا وزن سياسي ولا قضايا حقيقية . كما لم تبنى الإتفاقية على إعلان مبادئ يضبط موضوعاتها ونصوصها فسقطت بذلك القضايا الجوهرية لتفتح نيران حروب جديدة .
ثانيا : سعت الوساطة والأطراف من خلال الإجراءات المعيبة والغريبة وبدعة المسارات إلي عدم إعطاء أزمة دارفور حقها كقضية مركزية شهدت إبادة جماعية ضد سكانها وتعمد حشرها داخل مسارات وهمية ، بقصد طمس هوية الأزمة للتهرب من إستحقاقاتها القانونية الدولية والتسترعلى عار النخب المركزية تجاه أبشع الجرائم الإنسانية المرتكبة في دارفور .
ثالثا : الإتفاقية سلكت إجراءات خاطئة وأدت لنتائج كارثية أضاعت معها التعويضات للضحايا ورفعت المسؤولية عن الدولة التي قذفت القرى وأهلها بطائراتها وشردت الملايين بمليشياتها ، فأصبحت الدولة وبموجب الإتفاقية غير ملزمة بالتعويضات ولا بأي حق آخر .
رابعا : الإتفاقية حوت في ملف العدالة نصوص متناقضة صيغت بعناية متعمدة لتفتح الباب أمام الجناة للإفلات من العقاب وتبرر للحكومة عدم تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية .
خامسا : الإتفاقية أضاعت الحقوق وقننت وجود وبقاء المستوطنين الجدد في أراضي النازحين واللاجئين وذلك بعدم النص صراحة بطردهم من تلك القرى والمزارع رغم دخولهم فيها كان ظلما وعدوانا ، مما يستحيل بوجودهم إمكانية العودة الطوعية للنازحين واللاجئين إلي مناطقهم الأصلية .
سادسا : عجزت إتفاقية سلام جوبا عن حل قضية الحواكير بتعمدها تغييب الإدارات الأهلية وممثلي النازحين من المشاركة في التفاوض بشأن الاراضي لأحقيتهم التاريخية في متابعتها والتقرير بشأنها ، بل تم إحالتها لمفوضية مبهمة اللوائح والإجراءات لتفتح أبواب للفتنة وتؤسس لحروب قبلية بين المكونات المحلية التي تعيش بيئة أمنية هشة .
سابعا : بالرغم من أن سلام جوبا وبزخمه الاعلامي حققت تسوية جزئية لبعض مناطق النيل الأزرق ، إلا أن الإتفاقية في الأساس جاءت مصممة تحت بند المحاصصات لتوظيف قادة الجبهة الثورية التي قبلت التنازل عن حقوق الضحايا بإسقاط حواكيرهم واراضيهم وتعويضاتهم والتنازل عن المحكمة الجنائية الدولية مقابل وظائف في المجلس السيادي وحقائب وزارية .
ثامنا : لكل هذه العلل التي صاحبت اتفاقية جوبا للسلام نعلن رفضنا المطلق لهذه الإتفاقية ، وسنتواصل مع كآفة الأطراف الدولية والإقليمية وقوى الثورة والتنظيمات الوطنية السياسية من أجل وضع حد للحرب عبر سلام حقيقي وشامل تتوفر في إجراءاته المعايير المتعارف عليها بمشاركة أصحاب الحقوق ومسنودة بضمانات كافية تضمن إستدامته .
المجلس القيادي الأعلى
لحركة/ جيش تحرير السودان
قيادة أحمد ابراهيم يوسف ( كازيسكي ) .
3/ أكتوبر/ 2020