أكرا: صوت الهامش
ما الوحدوية الأفريقية؟ وكيف تطورت إلى حركة سياسية اجتماعية معاصرة؟
سؤال طرحه موقع (ثوتكو.كوم)، قائلا إن الوحدوية الأفريقية بدأت كحركة مناهضة للاستعمار والاستعباد سادت بين ذوي البشرة السوداء في أفريقيا والشتات أواخر القرن التاسع عشر، وقد تطورت أهداف تلك الحركة على مدى العقود التي توالت منذ نشأتها.
وقد شملت عباءة الوحدوية الأفريقية دعوات للوحدة الأفريقية (كقارة وكشعب) وللقومية وللاستقلال وللتعاون السياسي والاقتصادي وللوعي الثقافي والتاريخي.
ويزعم البعض أن الوحدوية الأفريقية تعود جذورها إلى كتابات عبيد سابقين أمثال أولوداه إكيوانو، و أوتوبا كوغوانو. ومن ثم فإن الوحدوية الأفريقية ارتبطت بنهايات تجارة العبيد. وثمة حاجة إلى تفنيد المزاعم “العلمية” الخاصة بالدونية الأفريقية.
وجاءت الوحدوية الأفريقية، بالنسبة لأنصارٍ مثل إدوارد ويلموت بلايدن، جزءا من الدعوة لوحدة أفريقية تمهيدا لعودة الأفارقة الذين في الشتات إلى أرضهم؛ فيما جاءت الوحدوية الأفريقية لأنصارٍ آخرين أمثال فردريك دوغلاس، بمثابة فرصة للدعوة لحصول هؤلاء الأفارقة الذين في بلاد الشتات على حقوق في تلك البلاد.
ويُنظَر إلى كل من ويلموت بلايدن وجيمس أفريكانوس هورتون، باعتبارهما الأبوين الحقيقيين للوحدوية الأفريقية، حيث كتبا عن طاقات القومية الأفريقية والحكم الذاتي وسط تعاظم المدّ الاستعماري الأوروبي؛ فضلا عن إلهامهما جيلا جديدا من الوحدويين الأفارقة مطلع القرن العشرين أمثال “جيه إي كاسلي هايفورد” و “مارتن روبنصون ديلاني” (الذي صاغ عبارة “أفريقيا للأفارقة”).
وقد اكتسبت الوحدوية الأفريقية شرعية مع تأسيس الرابطة الأفريقية في لندن عام 1897 وانعقاد أول مؤتمر وحدوي أفريقي في لندن عام 1900. وكان هنري سيلفستر وليامز، بمثابة قوة دافعة للرابطة الأفريقية، كما كان زملاؤه مهتمين بلمّ شمْل أفارقة الشتات وتوحيد فُرقتهم واكتساب حقوق سياسية لذوي الأصول الأفريقية.
فيما كان آخرون يوجهون جانبا أكبر من اهتمامهم إلى النضال ضد الاستعمار والحكم الإمبريالي في أفريقيا ومنطقة الكاريبي؛ “دوسي محمد علي” مثلا اعتقد أن التغيير لا يمكن أن يتأتى إلا عبر تنمية اقتصادية؛ أما “ماركوس جارفي” فقد جمع بين الطريقين، داعيا إلى مكاسب سياسية واقتصادية بالإضافة إلى العودة إلى أفريقيا، سواء كانت هذه العودة مادية أو عبر تبني أيديولوجية أفريقانية.
وفيما بين الحربين العالميتين، تأثرت الوحدوية الأفريقية بالشيوعية والحركة النقابية التجارية، وقد ظهر ذلك جليا في كتابات جورج بادمور، وأيزاك والاس-جونصون، وفرانز فانون، وأيمي سيزير، وبول روبنصون، وسي إل آر جيمس، ووليام إدوارد بورغاردت دو بويز، و وولتر رودني.
وقد توسعت دائرة الوحدوية الأفريقية إلى ما وراء القارة، فوصلت إلى أوروبا ومنطقة الكاريبي والأمريكتين؛ وقد نظم (وليام بورغاردت دو بويز) سلسلة من المؤتمرات في لندن وباريس ونيويورك في النصف الأول من القرن العشرين؛ كما زاد الوعي الدولي عن أفريقيا إبان الاجتياح الإيطالي للحبشة (إثيوبيا) عام 1935.
كذلك، في الفترة بين الحربين العالميتين، قامت القوتين الاستعماريتين الرئيسيتين في أفريقيا -فرنسا وبريطانيا- باجتذاب جماعة من الوحدويين الأفارقة الشباب من أمثال أيمي سيزير، وليوبولد سيدار سنغور، والشيخ أنتا ديوب، و لاديبو سولانكي؛ وقد ساهم هؤلاء كطلاب ناشطين في ظهور فلسفات أفريقانية مثل “فلسفة الزنوجة”.
وقد بلغت الوحدوية الأفريقية دوليا ذروتها بنهاية الحرب العالمية الثانية عندما عقد (دو بويز) المؤتمر الخامس للوحدويين الأفارقة في مانشستر عام 1945.
وبعدما وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، عادت الاهتمامات الوحدوية الأفريقية مرة أخرى إلى القارة الأفريقية، بتركيز خاص على الوحدة الأفريقية والتحرر؛ وقد أسهم عدد من قادة الوحدويين الأفارقة -لا سيما جورج بادمور و دو بويز- في تأكيد التزامهم لأفريقيا بأن هاجروا إليها وباتوا مواطنين أفارقة.
وفي أنحاء القارة، ظهر جيل جديد من الوحدويين الأفارقة بين القوميين أمثال: كوامي نكروما، أحمد سيكو توري، أحمد بن بلة، جوليوس نيريري، جومو كنياتا، أميلكار كابرال، و باتريس لومومبا.
وفي عام 1963، أنشئت منظمة الوحدة الأفريقية لتعزيز التعاون والتضامن بين الدول الأفريقية حديثة الاستقلال ولدعم النضال ضد الاستعمار. وفي محاولة لتجديد المنظمة، والابتعاد بها عن أن يتم النظر إليها كتحالف بين حُكام طغاة أفارقة، فقد تم وضْع تصوّر جديد لها في يوليو 2002 لتصبح الاتحاد الأفريقي.
وقد أصبحت الوحدوية الأفريقية اليوم يُنظر إليها كـفلسفة ثقافية واجتماعية أكثر منها حركة تقودها السياسة كما كانت في الماضي. ثمة شخصيات مثل “موليفي كيتي أسانتي” تشير إلى أهمية الحضارة المصرية القديمة والثقافات النوبية كجزء من التراث الأفريقي (الأسود) وتدعو إلى إعادة تقييم مكانة أفريقيا عالميا.