الخُرطوم _عبدالعزيز يعقوب
تشهد عدد من ولايات دارفور،صراعات قبلية خلفت مئات القتلى والجرحى،وإزدادت حدة الصراع غضون هذه الأيام، لا سيما في ولاية غرب دارفور، تحديداََ في منطقة “مستري” التابعة لمحلية “بيضة”، هذه الصراعات ينظر إليها مُراقبَون بأنها بداية لحرَوبات أهلية قد تغرق دارفور مُجدداََ وتعيدها إلى ماضيها المُظلم،نظراََ لإنتشار السِلاح وسهولة إقتنائه.
مجزرة “مستري”
عاشت منطقة “مستري” التابعة لمحلية بيضة بولاية غرب دارفور، أيام دامية عقب هجوم مسلح نفذته مجموعات مسلحة على المواطنين، هذا الهجوم خلف نحو “80” قتيلاََ وأكثر من “150” جريح إصابات بعضهم خطرة، وتضاربت الأنباء حول الأسباب التي قادت لهذه المحرقة ، جهات تقول أن بداية المجزرة، أتت عقب قيام مجموعات مجهولة بقتل أسرة بأكملها في المنطقة، وقام ذوي الأسرة بالثأر، بينما يقول البعض أن بداية الأزمة هو نزاع بين الرُعاة والمزارعين، تطور ليصبح صراعاََ قبلياََ.
وقبل مجزرة مستري بولاية غرب دارفور، شهدت قرية “أبدوس” بمحلية قِريضة بولاية جنوب دارفور، هي الأخرى أحداث دامية أودت بحياة العشرات ومئات الجرحى.
تساؤلات حيرة
يتساءل البعض حول الأسباب التي قادت لهذه الصراعات القبلية في الوقت الراهن؟وهل هي صراعات مفتلعة من قبل جِهات لا ترغب فى السلام وتسعى لتعطيله؟ أم أنها إمتداد طبيعي للصراع بين الراعي والمُزارع؟
صراع الراعي والمُزارع
عادةََ ما تبدأ هذه الصراعات نتيجة لخلافات صغيرة أحياناً بين الرُعاة والمزراعين ثم تتطور لاحقاً لإشتباكات قبلية يروح ضحيتها المئات،وتتهم الدولة بالتقاعس نظراََ لعدم إستجابتها بسرعة لحسم الصراعات في مهدها قبل تطورها لتصبح حرب عرقية،تأخر الدولة في حسم هذه الصراعات ينظر إليه البعض بأنه مرتبط بتعقيدات من بينها إمتلاك بعض المجموعات لتسليح يفوق تسليح الأجهزة الأمنية والعسكرية في المناطق التي تنشب فيها الصراعات .
ويرى الناشط عزالدين مصطفى في تعليقه ل”صوت الهامش” أن بعض القبائل تمتلك ترسانة أسلحة متطورة لا تمتلكها الأجهزة الأمنية في بعض مناطق الصراع، ويُشير أن جمع السلاح دون تمييز وفرض هيبة الدولة بالقوة، فضلاََ عن المُحاكمات الفورية للمتفلتين ستسهم في وضع حد للنزاعات القبلية.
تغذية الصراع
لا يختلف إثنان في أن الذي شجّع هذه الصراعات القبلية وساعد في إنتشارها هو الإستقطاب الحاد الذي تشهده الولايات وعمل بعض الجِهات على تغذية الصراعات عن طريق بث خِطاب الكراهية وعدم قبول الآخر،فالمصطلحات التي سادت وتسود في المنطقة كتسميات “تورا بورا” و”المستوطنون الجُدد” أسهم بصورة كبيرة في إشعال الحريق، ساعد ذلك جهات محسوبة للنِظام السابق إستغلت هشاشة الوضع الأمني وعملت على تمرير أجندتها الساعية لإضعاف الحكومة الإنتقالية،وذلك بإشعال الحروبات في الأطراف التي يصعب السيطرة عليها.
أسباب إنتشار السِلاح
يتساءل البعض عن الكيفية التي إنتشر بها السلاح الذي أزهق أرواح الآلاف في دارفور ومازال. ويبين ضابط في الشُرطة مُفضلاََ حجب إسمه ل”صوت الهامش” أن هنالك عوامل ثانوية أثرت على الوضع الأمني كهشاشه الأوضاع الأمنية والسياسية في تِشاد في الثمانينات أدت لهجرات وتوفر السلاح في أيدي الناس، فضلاً عن أطماع القذافي في الزعامه، وما عرف بالغزو الليبي او المرتزقة جعل السلاح متوفراََ في أيدي المتفلتين.
وأكد أن تلك العوامل إضافة إلي المشكلات الاقتصادية في الاقتصاد الكلي للدولة ادت لضعف الرواتب وبالتالي ضعف دور الدولة في تنظيم العلاقات بين المجتمعات، ووفقاً لرؤيته لحل هذه الأزمة متمثل في تقوية أجهزة الدوله ونشر الوعي وحل المشكلات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والتنموية وتغيير نمط الزراعه والرعي التقليديين لأنماط اكثر تطوراََ بالاهتمام بالكيف والتطور الراسي وليس الأفقي، بجانب الاهتمام بالشرطة كماََ وكيفاََ ورفدها بعناصر قوية وجيدة تمثل كافة الوان الطيف و الاصلاح التشريعي والقانوني بما يمكنها من القيام بدورها القديم في تنظيم المراحيل والضبط القضائي والإجتماعي والإداري تسهم في عودة الوضع تدريجياََ نحوالاستقرار.
إتهام الإنقاذ
النِظام السابق لا يخرج من دائرة الإتهام بنشر السِلاح وتجييش القبائل، عقب إندلاع الثورة المُسلحة في دارفور، حيث إستعانت حكومة المؤتمر الوطني، بالعديد من القبائل في حربها ضِد الحركات المسلحة،وعقب سقوط النظام البائد وتوقف العمليات العسكرية،وفقدان الدعم المالي إتجهت تلك القبائل بإستخدام سلاحها في معركة من هو أحق بالبقاء في الأرض ، ولا تنفصل تلك النزاعات القبلية الأخيرة عن هذا الأمر .
ويقول الناشط عبدالباري الهادي في تعليق ل”صوت الهامش” أن النِظام السابق عمد على تجييش بعض القبائل وتأليبها على قبائل أصيلة في دارفور، مشيراً إلى أن تدفق السلاح في الإقليم مسؤل منه النِظام السابق، الذي كرّس طوال فترة حكمه في تغذية الصراعات القبلية مرتكباََ بذلك جرائم ضِد الإنسانية والتطهير العرقي .
وفي سؤال حول جدوى إستمرار هذه المعارك رغم سقوط نِظام الرئيس المخلوع عُمر البشير، أجاب قائلاً أن هناك جِهات أسماهم ب”لوردات” الحرب لا يرغبون فى تحقيق السلام ويسعون لتعطيله لجهة أن الاستقرار في الإقليم سيقود بعضهم للمحاكمة على الجرائم التي إرتكبوها في إطار مشروع العدالة .
وأكد أن هُناك سبب آخر أسهم في إشعال النزاعات في الإقليم وهو عودة بعض النازحين عقب الإستقرار النسبي لمناطقهم التي نزحوا منها ووجدوا أشخاص غيرهم سيطرو على مزارعهم ومساكنهم وبساتينهم وبالتالي تنشب تلك الصراعات في معركة غير متكافئة بين جهات مُدججة بالسلاح واخرون سلميين.