نيويورك – صوت الهامش
قالت النيويورك تايمز إن أوروبا تستعين بجهاز الأمن السوداني، والذي يقوده متهمون بجرائم حرب، في خنق موجات المهاجرين.
وفي تقرير على موقعها الإلكتروني، أكدت الصحيفة أن حرس الحدود السودانيين يعملون لصالح الاتحاد الأوروبي. ونقلت عن ضابط في القوات الأمنية السودانية، التي يقودها صلاح قوش ،ويُدعى (الضابط) سامح عمر القول، إنه يشعر أحيانا أن السودان باتت كما لو كانت حدودا جنوبية لأوروبا.
ونبهت النيويورك تايمز إلى أن الاتحاد الأوروبي إبان اشتداد موجة الهجرة إلى أوروبا، وما أثاره ذلك من ارتفاع أصوات شعبوية غاضبة، وجد (الاتحاد الأوروبي) نفسه يضع يده في أيدٍ قذرة لوقف هذا التدفق البشري، وذلك في جزء منه عبر الاستعانة بدول ذات سجلات حافلة بانتهاكات حقوق الإنسان وعلى رأس تلك الدول: السودان.
ولفتت الصحيفة إلى أن هذا النهج من الناحية العملية قد أثبت جدوى؛ حيث أن أعداد المهاجرين الذين وصلوا أوروبا قد تراجعت إلى ما دون النصف منذ عام 2016. لكن على الجانب الآخر، ثمة أصواتًا حقوقية تقول إن الثمن الأخلاقي كان باهظًا.
وفي سبيل إغلاق الطريق البحري إلى اليونان، فإن الاتحاد الأوروبي يدفع مليارات الدولارات إلى تلك الدول ذات السجلات الحقوقية المريعة.
وفي السودان الذي يعبره المهاجرون محاولين الوصول إلى ليبيا، ثمة مصلحة مشتركة وراء التعاون بين الاتحاد الأوروبي والخرطوم في هذا الصدد؛ حيث يريد الأوروبيون أن يغلقوا الحدود فيما تريد حكومة الخرطوم إنهاء ما تعانيه من عزلة عن الغرب استمرت زهاء سنوات.
وتواصل أوروبا تفعيل حظر تصدير أسلحة إلى السودان، فضلا عن أن العديد من القادة السودانيين هم قيد الملاحقة الدولية كونهم متهمين بارتكاب جرائم حرب إبان الحرب الأهلية في دارفور غربي السودان.
لكن العلاقة، بحسب التقرير، تتعمق بشكل لا تخطئه العين؛ وقد بات حوارٌ أجري مؤخرا أُطلق عليه اسم عملية الخرطوم بمثابة منصة لأكثر من 20 مؤتمرا دوليا حول المهاجرين فيما بين مسؤولين من الاتحاد الأوروبي ونظرائهم من دول أفريقية متعددة، بينها السودان. كما وافق الاتحاد الأوروبي على أن تمثل الخرطوم مركزا قياديا للتعاون على صعيد مكافحة التهريب.
ورصد التقرير الذي اطلعت عليه (صوت الهامش) منْح الاتحاد الأوروبي 106 مليون يورو –أو ما يعادل 131 مليون دولار- للسودان عبر منظمات خيرية مستقلة ومنظمات إغاثة تضطلع ببرامج غذائية وصحية للمهاجرين إلى جانب برامج تدريبية لقوات محلية.
ويندد مراقبون بتطور العلاقة بين السودان والاتحاد الأوروبي، قائلين إنها تعني أن القادة الأوروبيين يعتمدون بشكل ضمني على جهاز أمني سوداني قياداته متهمة من جانب الأمم المتحدة بارتكاب جرائم حرب في دارفور.
ولفت التقرير إلى مشاركة قوات الدعم السريع (الجنجويد) في حماية مناطق حدودية سودانية. وقاد الجنجويد هجمات ضد مدنيين في صراع دارفور.
ونقلت النيويورك تايمز عن رئيس هيئة الجوازات والهجرة الجنرال عوض النيل ضحية، القول إن “الشرطة السودانية تشتغل في مكان غير متوقع: أوروبا. وفي خطوة للحد من تدفق مهاجرين في المستقبل، قامت ثلاث دول على الأقل –بلجيكا وفرنسا وإيطاليا- بالسماح لضباط الشرطة السودانية بتسريع وتيرة ترحيل طالبي اللجوء السودانيين”.
ويتمثل دور هؤلاء الضباط ببساطة في التعرف على هوية مواطنيهم. لكنهم أيضا قد سُمح لهم باستجواب بعض المرشحين للترحيل دونما مراقبة من مسؤولين أوروبيين.
ونوه التقرير عن أن أكثر من 50 من طالبي اللجوء السودانيين قد تم ترحيلهم في الـ 18 شهرا الأخيرة من بلجيكا وفرنسا وإيطاليا؛ وقد حاورت النيويورك تايمز سبعة منهم مؤخرا في السودان. وقال أربعة منهم إنهم تعرضوا للتعذيب لدى عودتهم للسودان.
وقال رجل دارفوري، وهو معارض سياسي تم ترحيله من فرنسا العام الماضي إلى الخرطوم، قال إنه تم اعتقاله لدى وصوله على أيدي عناصر من جهاز الأمن والمخابرات الوطني حيث تعرض الدارفوري المعارض، الذي طلب عدم ذكر اسمه لدواعي الأمان، على مدى عشرة أيام للتعذيب باستخدام الصعق الكهربي والضرب بقضبان معدنية حتى فقد وعيه ثم بعد ذلك تم إطلاق سراحه بشروط.
وقال هذا المعارض الدارفوري إنه وقبل ترحيله من فرنسا، تلقى تهديدات من ضباط سودانيين بينما كان ضباط فرنسيون على مقربة منهم. وقال الدرافوري للشرطة الفرنسية: “إنهم سيقتلوننا”. لكن الفرنسيين لم يفهموا ما يقول.
ولفت التقرير إلى أن قوات الأمن السودانية طالما كانت متهمة بالتربح من تجارة التهريب. وفي تقرير صدر عام 2014، اتهمت منظمة (هيومن رايتس ووتش) مسؤولين شرطيين سودانيين بالاضطلاع في تهريب إريتريين.
وقال الصحفي البريطاني فيل كوكس، الذي اختطفته قوات الدعم السريع (الجنجويد) عام 2016، إن مختطفيه أخبروه أنهم يعملون في تهريب المهاجرين إلى ليبيا، ولما سألهم (كوكس) عن طبيعة هذا العمل قالوا له إنهم يؤمنون الطُرق وينسقون مع المسيطرين على المنطقة التالية على صعيد الرحلة.