تحت هذا العنوان نتناول ظاهرة من الظواهر التي سادت المشهد السياسي في هذه الأيام، تلك الظاهرة التي أطلق عليها سابقا الرفيق د. أبكر آدم إسماعيل مصطلح (رعاة الأغنام الذهنية للرفيق ياسر عرمان) وهم مجموعة من الفريسين المدافعين عن أباطيل الرفيق ياسر عرمان داخل الحركة الشعبية في الماضي والراهن، لكن المثير للدهشة هو أن جلهم من أبناء الهامش الثقافي في السودان؛ وبالتحديد من دارفور وجبال النوبة؛ ومثال لهم: (الولاد: شوقي، مزمل تركي، حذيفه عبدالله، حسن نصر، بدر الدين موسي، المباركين) وغيرهم من الذين أطلقنا عليهم إسم الموالي الجدد.
ولم يتوقف الأمر علي ذلك بل حتي الإنتهازيين الآخرين عندما يكتبون يكتبون بأسماء غير حقيقية؛ وكل تلك الأسماء تشير الي أنهم من الهامش الثقافي؛ وكأنما يراد من الأمر إرسال إشارة تثبت ولاء العبيد لأسيادهم وخيانت شعبهم، وإلا لماذا لم يظهر أولئك الذين نعلم جيداً أنهم يديرون الرفيق مالك عقار من خلف الكواليس؛ ويكتبون أصالة عن أنفسهم؟
كل تلك الكتابات التي تخلو تماماً من أي مضمون (معرفي/ فكري، أو سياسي) هدفها الأساسي هو التشويش علي مشروع السودان الجديد وأهداف ومبادئ الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، بالقدر الذي يٌمكِنهم من فرض صنمهم المدعور(ياسر عرمان) قائداً وطنياً لإعادة إنتاج مؤسسة الجلابة وتعزيز فرض توجهاتها علي السودان بإسم المهمشين والثورة؛ الأمر الذي لا يختلف في مضامينه الإستعلائية الماكرة عن ممارسة الرق في الماضي.
عليه؛ سنتوقف بشيئ من التفصيل علي تلك الدعاوي الجوفاء لــ (هؤلاء الموالي الجدد) من خلال مفهوم السلطة والشرعية، ومدي إنطباقها علي تكتل الإنتهازية المسمي جوراً بالحركة الشعبية القيادة الشرعية، وأخيراً بأي شرعية يتحدث الرفاق مالك عقار وياسر عرمان حالياً؟
بناء منهجي حول مفهوم السلطة والشرعية:
(أ) مفهوم السلطة:
حمل مفهوم السلطة عبر العصور، الكثير من المخلّفات الميتافيزيقية، وحتى اللاهوتية، وبقي هذا التصوُّر هو السائد المسيطر، الأمر الذي جعل الفكر السياسي هو المحُتكِر الوحيد، للحديث عن السلطة، إذ كان غالبًا ما تُعَرَّف السُلطة، بأنَّها سلطة الدّولة، أو السلطة السياسية، وأنَّها عبارة عن مؤسساتٍ وأنظمةٍ وأجهزةٍ، تُخضِع المواطنين أو الرعايا؛ لقوانينها داخل حدود دولةٍ ما. لذلك فإن مفهوم السلطة بهذا المعنى يُشَكِّلُ نظامًاً من السيطرة والهيمنة، التي تمارسها فئةٍ ما على فئة أخرى، مُتَّخِذَةً بذلك صُورًا عِدَّة، منها صورة العنف تارة وصورة القانون تارة أخرى.
ما هي السلطة ـ Power؟
هناك الكثير من التعريفات للسلطة في العلوم الاجتماعية، ولكن تعريف ماكس فيبر يجد أوسع القبول؛ يعرف ماكس فيبر (1864-1920) السلطة (Power) بأنها قدرة فرد أو مجموعة من الأفراد على فرض إرادتهم على فرد آخر أو جماعة أخرى بغض النظر عن موافقتهم.
ولكن تعريف فيبر هذا قد لا يكون مكتملا إلا إذا أضيفت إليه الأبعاد الأخرى الرمزية أو المعنوية للسلطة مثل مفهوم الشرعية والاعتراف عند بورديو أو مفهوم السيطرة (Hegemony) عند قرامشي، الذي يعني “الهيمنة بموافقة المهيمن عليهم (Domination by consent) والذي يحمل في جوهره آلية أخرى غير العنف المادي يتم بواسطتها سلب إرادة الأفراد أو المجموعات مما يجعلها تتماهى في الأفراد أو الجماعات المسيطرين عليها.
(ب) مفهوم تفويض “السلطة” Delegation of Power:
إن عملية تفويض السلطة Delegation of Power هي ببساطة عملية تنازل فرد أو مجموعة من الأفراد عن إرادتهم؛ طوعاً، لفرد أو مجموعة لتمارسها بالنيابة عنهم من أجل خيرهم ورفاهيتهم.
(ج) مفهوم السلطة المفوضة Authority.
وتسمى هذه السلطة الناتجة عن التفويض بالسلطة المفوضة Authority، وهكذا فإن مصدرها ليس من يمارسها. مثل السلطة المفوضة للقضاء، والشرطة، المعلمون، البرلمانات، رئيس الحركة الشعبية …إلخ، بل مصدرها هو الإرادة الشعبية للمفوضِين.
لكل ماذُكِرَ أعلاه فإن ظهور السلطة تاريخياً إرتبط بعملية التفويضDelegation of Power ؛ بغرض تحقيق الخير والرفاهية للمجتمع، إبتداءاً من مرحلة الصيد (ظهور مفهوم الرجل الكبيرBig man) كتفويض مؤقت ينتهي بعد إنجاز مهمة الصيد؛ وتطوره في السياق التاريخي حتي ظهرت مرحلة جديدة بظهور المجتمع الزراعي المستقر وظهور المفهوم القديم للدولة (السلطنات والمشيخات) وحينها ظهر نوع من التفويض الدائم بشكل نسبي لضرورات فرضتها شروط واقع الإستقرار النسبي، فظهر مفهوم الشيخ Chief ، وهو ما يوازي المسميات التي توجد حالياً في واقعنا القبلي الذي تقوده الإدارة الأهلية (مك عموم، ناظر،أمير، …الخ، وفي مرحلة لاحقة ظهرت الممالك ومن ثم الإمبراطوريات.
خلال السياق التاريخي لنشأة السلطة عبر التاريخ نجد أنها قد تعرضت لإنحرافات جوهرية أهمها تغييب الإرادة الشعبية التي تُعتبر الأساس في عملية التفويض؛ وظهر مفهوم جديد نتيجةً لذلك الإنحراف، وهو مفهوم التوريث، فأصبح الحاكم أو الرئيس يورث ملكه لأحفادهـ أو المقربين منه، وأستمر ذلك الإنحراف يتوطد ويترسخ من خلال الممارسة؛ وتم تعزيزه بظهور الإيديولوجيات والنظريات التي تدعم ذلك الإنحراف مثل (نظرية الغلبة، ونظرية التفويض الآلهي) الي أن اندلعت الثورات العظيمة في تاريخ البشرية (الثورة الأمريكية 1776، والفرنسية 1789م) وما أعقبها من تحولات عميقة في بنية الدولة.
تلك التحولات قادت الي ظهور نظام جديد للدولة، هو: (الدولة الحديثة) والتي ارتكزت بشكل أساسي علي عملية التفويض بغرض تحقيق الخير والرفاهية للجماهير ووفقاً لإرادتها الحُرة، لذلك حاولت بقدر الإمكان تجاوز الإنحرافات التي يقتضيها التنظيم الحديث وما يقود إليه من إشكالات تتعلق بمارسة السلطة (الأوليغارشية) وأيضاً تلافي الإنحرافات التاريخية التي إعترضت مفهوم السلطة عبر التاريخ وفي أزمنة مختلفة وذلك بإختراع مفهوم جديد لتجسيد الإرادة الشعبية المختطفة؛ ونتيجة لذلك ظهرت مفاهيم ونظريات جديدة تقوم عليها مشروعية الدولة الحديثة مثل “العلمانية والديمقراطية ونظريات العقد الإجتماعي”.
قبل الدخول في تطبيقات المفاهيم أعلاه علي واقع الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال؛ قبل إندلاع الثورة التصحيحية، لأبد من توضيح بسيط وهو أن السلطة في الحركة الشعبية لتحرير السودان؛ مثلها ومثل أي سلطة أخري قد تتعرض للإنحرافات، وبالتالي يبقي مصدر مشروعيتها الوحيد هو إرادة عضويتها وجماهيرها “وهذا ما أشرنا إليه في المقال السابق” ووفقاً لتلك المفاهيم نسبر غور المسألة بالإجابة علي الأسئلة الآتية، كيف نشأت الحركة الشعبية – شمال، قبل إندلاع الثورة التصحيحية؟ ،وماهي المشروعية التي تم عبرها تنصيب كل من (الفريق مالك عقار – رئيساً، الفريق/ عبد العزيز الحلو – نائباً، والفريق/ ياسر عرمان – أميناً عاماً) في السابق؟ وماذا تعني الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، القيادة الشرعية (طبعا هذا هو الإسم الذي يطلقه المغرضين علي تكتل الإنتهازية بقيادة الرفيق مالك عقار) ومن أين يستمد الرفاق “الرئيس والأمين العام السابقين؛ مشروعيتهم في قيادة جماهير الحركة الشعبية – شمال؛ حالياً؟”.
أولاً/ نشأة الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال:
بعد الفراغ من مسرحية الإنتخابات 2010، والتي كانت تمثل إستحقاق أساسي من إستحقاقات إتفاقية السلام الشام ، بالتحديد الجزئية الخاصة بالتحول الديمقراطي، تلك المسرحية التي لعب فيها الرفيق ياسر عرمان دور المتخازل الأممي، ودون أن نعفي مؤسسات الحركة الشعبية حينها من جريمة السماح بتمرير تلك الكوميديا الهزلية، إلا أن هناك حقائق تاريخية أسهمت في ذلك، لابد من الإشارة إليها، وهي: (مشروع الدولتين من جانب، وماذا عن الحركة الشعبية – قطاع الشمال، و ولايتي جبال النوبة/ جنوب كردفان، والنيل الأزرق؛ بعد الإنفصال من الجانب الآخر).
لم يُناقش هذا الأمر في أي مؤسسة من مؤسسات الحركة الشعبية المنتخبة (حتي نستطيع التكهن بحدوث تففويض ما في عملية التكليف) ونقصد بذلك مجلس التحرير القومي(N.L.C) “راجع مقال د. أبكر آدم إسماعيل؛ ماجري وما يجري في الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال، الحلقة الثانية، بتاريخ 29سبتمبر 2015، والمنشورة علي صفحته في الفيس) لمزيد من التفاصيل في ذلك الخصوص.
قام المكتب السياسي المعين والمكون من (28 عضواً) بمناقشة وإعلان فك الإرتباط في 15فبراير 2011م، ونتيجة لذلك تم تكليف القيادة المتبقية في الشمال وجاءت علي النحو الآتي (الفريق/ مالك عقار إير- رئساً، الفريق/ عبد العزيز آدم الحلو- نائباً للرئيس، والفريق/ ياسر سعيد عرمان- أميناً عاماً) وبذلك الإسم الصحيح لتك القيادة هو (القيادة المكلفة وليس الشرعية) علي أن تقوم تلك القيادة المكلفة بمهام إعادة بناء الحركة الشعبية – شمال، عن طريق عقد مؤتمر عام إستثنائي يجاوب علي كثير من الأسئلة المتعلقة بالجوانب السياسية والتنظيمية ومعالجة الإشكالات التي صاحبت الأداء في الفترة الماضية، ويقود الي عملية التفويض التي بمقتضاها يتنازل ممثلي الجماهير عن إرادهم وتفويضها بشكل حر ومباشر لمن يمثل تطلعاتهم وآمالهم التي لا تخرج عن مشروع السودان الجديد، ويقودهم نحو تحقيقها.
وبما أن هناك خبث في النفوس كان يقوده الرئيس والأمين العام المقالين، تم التملص والمراوغة لتجاوز موضوع المؤتمر العام عن قصد (تغييب الإرادة الشعبية) وممارسة الفهلوة التنظيمية في إدارة تنظيم ثوري بقامة الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، الأمر الذي قاد الي إنفجار الوضع بإستقالة نائب الرئيس والتي قادت الي الثورة التصحيحية المٌفتري عليها.
بعد إنعقاد المؤتمر العام الإستثنائي الأولFirst National Convention للحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال؛ تمت إجازة المنفستو والدستور ومن ثم فوَّضَتَ جماهير الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، سلطتها للفريق/ عبد العزيز آدم الحلو، وأصبح رئيساً للحركة الشعبية وقائداً عاماً للجيش الشعبي لتحرير السودان – شمال، وتم إنتخاب مجالس التحرير للإقليمين، ومجلس التحرير القومي، وإنتخاب أميناً عاما ومساعديه علي المستوي القومي”National” وبقية المؤسسات السياسية التنظيمية.
علي الضفة الأخري أصبح الرفاق المقالين يلوكون في كلمة “شرعية” دون أي مضامين معرفية أو حتي عرفية للكلمة، ويصدِّرُون ذلك العلف فاقد الصلاحية للأغنام الذهنية التي أذكمت جرتها المتعفنة أنوفنا هذه الأيام.
ثانياً/ الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، القيادة الشرعية:
الإسم أعلاه يطلقه المغرضين علي تكتل الإنتهازية والأوليغارشية الذي يقوده الرفيقين مالك عقار، وياسر عرمان حالياً؛ بعد إنتفاض جماهير الحركة الشعبية ضدهم، وما يجب تفكيكه ورده الي مضامينه الحقيقية هو: (أنهم مقالين من الجماهير ومع سبق الإصرار والترصد يتمسكون بكلمة الشرعية) فماذا تعني؟
بعد صدور قرارات مجلس تحرير جبال النوبة، الخاصة بإقالة الرفيقين، وتأييد مجلس تحرير النيل الأزرق لذلك، ومن ثم إنهالت بيانات التأييد من كل صوب وحدب مؤيدةً ذلك الإجراء، ذهب الرفاق المقالين الي إستصدار بيانات مزورة يشرف عليها بعض الرفاق الذين يديرون شؤون الحركة الشعبية- شمال؛ من خلف الكواليس، وهم يعرفون أنفسهم جيداً، ومنتظرين ظهورهم حتي نؤكد ذلك عبر تسجيلات صوتية مأخوذة من أحد القروبات (رفاق الثورة).
تلك البيانات المزورة كانت ممهورة بأسماء مكاتب لم نسمع عنها منذ إندلاع الحرب في جبال النوبة والنيل الأزرق في 2011م، وعلي مدي الستة سنين المتطاولة من عمر الكفاح المسلح، لم نري جملة واحدة من تلك المكاتب الإسفيرية تندد بإنتهاكات النظام ضد مواطني تلك المناطق ولا تضامناً مع معاناتهم الحقيقية التي سببها الحرب، ولا مؤآزرةً لآلام الأرامل والأطفال والنازحين واللاجئين، ولا إكباراً للتضحيات المشرفة التي يقدمها بواسل الجيش الشعبي لتحرير السودان – شمال؛ في المنطقتين، فما المقصود من كل تلك الأنانية التي تُمارس بإسم الحركة الشعبية والجيش الشعبي وقضايا المهمشين؟
وما لا تخطئه العين أن القصد من كل ذلك الإجرام هو إدارة معركة إسفيرية لزرع الفتنة وإحداث ربكة داخلية علي شاكلة ما حدث في النيل الأزرق من إقتتال بين الرفاق، وحاولوا جاهدين إحداث ذلك في جبال النوبة من خلال تزوير ختم مجلس تحرير جبال النوبة وإستصدار قرار بإقالة اللواء/ جقود مكوار من رئاسة هيئة الأركان العامة في بدايات الثورة التصحيحية (لكن إنكشف التزوير من خلال الأخطاء في الأسماء) وعادوا مجدداً للعزف علي تلك الأسطوانة المشروخة من خلال تمسحهم الإنتهازي في بعض قيادات الجيش الشعبي، وتحريضهم بشكل يحسبه الأغبياء كفيل بإحداث شروخات في بنية الجيش الثوري بالقدر الذي يحقق لهم رغباتهم المريضة بإضعافه ومن ثم تسليمه لأعداءهـ لتكتمل الصفقة، بعد أن أعلنوا ترك النضال المسلح، وأيضاً تزوير إرادة جماهير الحركة الشعبية – شمال، وعزلهم عن الثورة التصحيحية (وبالفعل نجح المزوراتية لحد كبير لو لا إنكشاف أمرهم).
كل ذلك السقوط الأخلاقي الذي لا يمكن أن يقوم به أحد سوي فاقدي الضمير من الإنتهازية ؛ كان ومازال الغرض الأساسي منه هو دعم ما يسمونهم جوراً بالقيادة الشرعية (الرئيس والأمين العام المقالين)، ومنذ ذلك الوقت ظلت لواكة هذا المصطلح تمثل الدفوعات الأساسية لإخفاء إجرام الرفيقين وتلاعبهم بإرادة عضوية الحركة الشعبية وخيانتهم لأرواح الشهداء ولآلام مهمشي تلك المناطق لأكثر من عقد من الزمان.
وبما أن التعريفات الحديثة للثورة كلها تجمع علي (العنف) الذي يصاحب عملية التغيير، فلابد من الإشارة الي بعض المخلصين من الذين وقعوا تحت النيران الصديقة للثورة التصحيحية دون سوء قصد؛ سواءً كانت لفظية معنوية أو مادية، نتيجة لبعض التقديرات الخاطئة ؛ مما قاد الي ظهور المغفلين النافعين في حظيرة (الثعلب) وتم إستغلالهم وما زال الإستغلال مستمر من خلال الإعتماد علي ضيق الإدراكات وضعف قناعة البعض بالمفاهيم الثورية المتعلقة بمشروع السودان الجديد، وأيضاً بعض الحماقات الفردية المستمدة من التنشأة الإجتماعية “بسبب الثقافة طبعاً”. كل تلك المواقف التي نشأت بسبب عظمة المهمة وضخامتها؛ وضعت شمع ثقيل في آذان وغشاوة سميكة في عيون بعض الرفاق، ولم يجدوا مخرج من تلك الأزمات النفسية إلا عبر التمسك بكلمة (الشرعية) لتبرير سوء الفهم أو سوء القصد لدي الإنتهازيين والمتهمين بجرم إختطاف الثورة.
وحتي يفيق هؤلاء البسطاء (معرفياً وثورياً وتنظيمياً) لابد من الإجابة علي السؤال التالي:
من أين يستمد الرفيق مالك عقار الرئيس السابق، والرفيق ياسر عرمان الأمين العام السابق مشروعيتهم للحديث عن الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال؛ حالياً؟
وكما هو موضح أعلاه؛ في الجزئية المتعلقة بالظروف التاريخية لنشأة الحركة الشعبية – شمال، فلابد من تأكيد حقيقة مهمة، وهي: القيادة الثلاثية لم تكن لديها مشروعية بمفهوم التفويض الذي نعتبره المشروعية الوحيدة لحيازة السلطة، وإنما كان الأمر تكليف لإيصال الحركة الشعبية في غضون مدة محددة الي المؤتمر العام الإستثنائي؛ لمناقشة الوضع بشكل عام وإجازة المنفستو، والدستور، ومن ثم وضع الخطط والبرامج الإستراتيجية والمرحلية؛ …الخ، وإجازتها ومن ثم إنتخاب قيادة شرعية ومؤسسات تنظيمية تلتزم بتنفيذها وتقود الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال؛ نحو تحقيق أهدافها المُعلنة وفقاً لنص الدستور المُجاز، وتستمد سياساتها من المنفستو، حتي تكون المساءلة ممكنة في حالة حدوث الإخفاقات، وكلمة شرعية هنا معناها التفويض. ووفقاً لذلك لا توجد جهة فوضت الرفاق المقالين حتي يمارسوا كل ذلك الإحتيال التنظيمي؟
لكن من أجل الحفاظ علي المريدين والمتعلقين بالشخصيات والمتملقين وكساري الثلج والطبالين والزمارين؛ عديمي المنفعة من كل النواحي وأيضاً الحفاظ علي المغفلين النافعين في هذه المرحلة بالتحديد، كان لابد من تمرير سرديات كُبري Metta Narratives، تضمن تماسكهم العاطفي ويشعرون أنهم يؤدون بعض الواجبات، وتلك السرديات هي (إجتماع الكادر الموسع الذي حُدد له شهر يناير المنصرم للتحضير للمؤتمر العام، وحتي يستمر أفيون الخدعة تم تقديم ورقتين متواضعتين من الرئيس ونائبة المقالين تحت عناوين (تجسير الهوة، و نحو ميلاد ثاني لرؤية السودان الجديد) وتم تكوين لجان لإدارة المناقشة التي تم تمديدها لشهر مارس المنصرم؛ وبعد ذلك تم تعليقها الي أجلٍ غير مسمي، وحتي لا ينتبه الأغبياء إنخرط الثنائي في تحالفات نداء السودان، دون أدني تفويض ولا حتي من المجلس القيادي المعين من بضعة أفراد لا يتجاوزون العشرين عضواً وأغلبهم من الكوادر الوسيطة التي ما كان ينبغي أن تٌزج في هكذا مأزق؛ وحديثي العهد بالحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال؛ من الذين أعلنوا إنضمامهم إليها في بدايات الثورة التصحيحية والذين كان يفترض أن ينالوا قسطاً من الإهتمام والتدريب والتأهيل علي مشروع السودان الجديد وتمليكهم الرؤية وأهداف ومبادي الحركة الشعبية وآلياتها في تحقيق ذلك؛ لا إستغلالهم في تصفية صراعات تنظيمية ليس لديهم أدني دراية بها.
لكل ذلك تعلقت آمال الكثيرين بالسلطة من خلال كذبة الإنتخابات وهيؤاااااااااا، أنفسم للدخول في وكر العدو عبر صفقة السمسرة التي سيجني ثمارها السيد الصادق المهدي عاجلاً أم آجلاً، وقد نسي القوم وتناسي الإجتماع الموسع ولا مؤتمر عام ولا هم يحزنون بس غصباً عنكم كدا قيادة شرعية (حريقة).
أما الرفاق المقالين؛ فيعلمون كل العلم بأنهم لا يستطيعون عقد مؤتمر عام نتيجة لأسباب بعينها أهمها التخوف من إظهار تكتل المتهمين بتهمة إختطاف الحركة الشعبية- شمال (اليسار الضال) وقلة إنتهازيي الهامش (الموالي الجدد) وكل أؤلئك الأفراد لا يتجاوز عددهم الخمسين فرداً لأكثر إحصاء متفائل، ومحاولةا لإمساك ببعض المخلصين الذين مازال يتم التعامل معهم علي أساس أنهم مغفلين نافعين ويجب الإحتفاظ بهم لأطول فترة ممكنة حتي تتفتح المسالك للداخل وحينها سيصبحون أمام الأمر الواقع فإما المواصلة بمفهوم (موت الكتيرة عرس) أو ضرب رأسهم في الحيطة.
لكن الغريب في الأمر ومن مفارقات الدنيا والزمان أن هؤلاء القوم لا يختشون ويؤكدون بإستمرار مقولة “الإختشو ماتو” وذلك عبر التمشدق بملء أفواههم عن السودان الجديد والشرعية، دون أن يدركون حقيقتهم التي عرفها القاصي والداني، وصدقوا أنفسهم بأنهم إستطاعوا خداع الكل بما في ذلك أنفسهم.
فيا شباب .. يا موالي ويا ضالين … إن مشروع السودان الجديد هو مشروع فكري سياسي يهدف الي إعادة بناء الدولة السودانية علي أسس جديدة؛ وتلك الأسس، هي: الحرية، العدالة، المساواة، والوحدة الطوعية، والهدف الإستراتيجي للحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، هو: تحقيق (سودان جديد علماني ديمقراطي موحد أو حق تقرير المصير للقوميات المهمشة في السودان) والآلية الإستراتيجية لتحقيق ذلك هي الكفاح المسلح طويل الأمد دون مواربة؛ وأنتم تركتم كل ذلك؛ تركتم المشروع ووضعتم بديل له الإنتخابات بهدف المشاركة في السلطة وفقاً لشروط الجلابة (السودان القديم) وتركتم كلمة علماني وأرسلتم رسالة خجولة للوساطة عسي أن تتوسط لرفع أحكام الإعدام الصادرة بحقكم من قوانين النظام المجحفة حتي يتثني لكم التسلل الي أوكار العدو والعيش في كنف قوانين الشريعة الإسلامية وكل القوانين المقيدة للحريات، ونسيتم مفهوم الديمقراطية بعد التنكر للأرادة الشعبية داخل الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال، وتركتم الكفاح المسلح ليس فحسب، بل تثيرون الفتن من خلال مغازلة بعض القيادات عبر مناقشة قضايا الجيش الشعبي في الأسافير وكأنكم نسيتم الضبط والربط العسكري الذي كنتم تجنون ثماره عندما كنتم بنجات كبار (ممارسة سياسة فرق تسُد) لإضعاف الجيش الشعبي لتحرير السودان – شمال؛ الذي يمثل شوكة حوت أمام أحلامكم وتطلعاتكم المريضة؛ إلا أن كل ذلك نعتبره أمر طبيعي في قاموس الخونة؛ لكن من غير الطبيعي هو الحديث عن الشرعية بطريقة (عميان مسكو عصا).
ختاماً:
سنترك مفهوم شرعية الرفيقين مالك عقار وياسر عرمان في قيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، لمناقشة القراء الأكارم، وأيضاً للموالي الجدد ونطالب المندسين بالظهور لأنه قد بلغ الأمر من التعقيد عتيا ولا يستطيع تداركه المحرشين- أخرجوا من مخابئكم؛ عسي ولعل أن أن تنفتح بصيرتكم علي نظرية جديدة حول الشرعية.
النضال مستمر والنصر أكيد
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
إبراهيم خاطر مهدي
3 يونيو 2018م