عبد المنعم سليمان
هل صدمك العنوان عزيزي القارئ / عزيزتي القارئة ؟أنا أيضاً مصدوم مثلكم .. ولكن هذا القول الذي لا يمكن أن يتفوه به إلا كل سفيه وجاهل وعتل بعد ذلك زنيم لم يأت على لساني بل جاء على لسان أعلى هيئة “دينية” حكومية في البلاد ، وهي “هيئة علماء السودان” التي ذكرت في بيان سودّت به صحف اليوم الجمعة ان موجة الغلاء التي تضرب البلاد هذه الأيام سببها الله ، حيث قالت وبالنص : ” بلاغ من عند الله سبحانه وتعالى للأمة إلي أن تتوب وتعود الي الله” .. أي والله هكذا حملوا الرحمن ما يأنف منه الشيطان ، والعياذ بالله ..
عندما يقرأ المرء مثل هذا الخبال فلن يكون أمامه إلا طريقان : اما ان يخرج إلى الشارع ثائراً وهو يسب دين هذه الهيئة وتدليسها وكذبها باسم الله أو ان يحزم حقائبه مغادراً إلى بلاد لا يتدخل الله في أسعار رغبفها وفولها وغازها وبصلها وعدسها وغازها .. ولا يعذب الله أطفالها فيحرمهم من الدواء حتى يتوب اباءهم – يتوبون من ماذا وعن ماذا لا يهم المهم ان يتوبوا – بلاد لا يضارب الله في بورصتها ولا يرفع الدولار أمام عملتها لدرجة الإنهيار .. بلاد تقدّس الله وتنظر إليه بوقار وليس بإحتقار وتعتبره الغفور الرحيم وليس “دراكولا” مصاص دماء فقراء الشعب ..
ان بيان هذه الهيئة الشيطانية الحقيرة لا يستفز الإنسان السوداني ويجعله ينفر من الله فقط بل يجعله يحس بانه ينتمي لمجموعة من المجانين والكلاب وأبناء الكلاب .. وانه من سلالة متخلفة عقلياً وذهنياً وحضارياً .. وانه لا يعيش في وطن بل في كهف يديره أناس من بقايا سلالات منقرضة يجب ان يموتوا وتُشرّح جماجمهم لمعرفة سبب الإضطراب العقلي وعدم الإستقرار السلوكي الدائم ، خدمة لله والوطن والإنسانية جمعاء ..
ليس راعي الضان وحده من يعرف سبب الإنهيار الإقتصادي المريع الذي تشهده بلادنا بل حتى “حمير” الهيئة يعرفون السبب ولكنهم يمارسون وظيفتهم في توقير السلطان وإستتفاه الرحمن .. وأجد نفسي في غاية الأسف وانا أرى أمامي حالة الفشل العام في البلاد تصل إلى هذه الحدود الهابطة لدرجة الإستعانة بهذه الحيّل الدينية الساذجة والوضيعة التي تنم عن فقر في الخيال هو أكثر بؤساً من الفقر المادي .. خيال هابط ومتدني لا يكفي لتغطية عورات الحكومة “الإسلامية” وفشلها الديني ناهيك عن الإقتصادي ..
ان حالة الجنون الجماعي التي إستفحلت في أوساط “الإسلاميين” يجب ان تكون دافعاً للمقاومة لا الإستسلام .. ويجب ان نجعلها فرصة لفضحهم أمام الشعب .. لأنهم وان وصلوا للحكم بالقمع وخداع البسطاء من عامة الشعب بإسم الله فانهم قد بلغوا مرحلة اللاعودة مع الله .. وهي مرحلة ستقودهم إلى الصدام معه وليس مع الشعب .. مرحلة بدأت بحث الشعب على شرب “بول البعير” باسم الله وإنتهت إلى تعليق الفشل في ذمته.. وكما لم نشرب بول البعير كذلك لن “نتوب” عن النضال حتى نضرب الحمير .. سنضربهم حماراً حمارا .. ونركل الهتهم .. نركلهم إلهاً إلها .. سنركل إِلهُهُمْ الطفيلي القاسي ونتتصر لله الرحيم العطوف الغني عن سرقة دواء أطفالنا و”كسرة” خبزنا.
تعليق واحد
قال الله تعالى:
﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) كَلَّا بَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18) وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَمّاً (19) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً(20)﴾
ربنا عز وجل قال:
﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى(126)﴾
سأل رجل ما بال الملوك، كل شيء عندهم، الأغنياء، فأجاب عالم آخر قال: ضيق القلب، المعيشة الضنك للأغنياء أو للأقوياء ضيق القلب في قلوبهم من الضيق والتبرّم والشقاء ما لو وزع على أهل بلد كفاهم، لذلك فالله عز وجل قد يعطيك الدنيا ويأخذ منك راحة قلبك، وقد يعطيك راحة القلب ويسلب الدنيا منك، فالعبرة أن يكون قلبك غنياً بالله عز وجل.
قال سقاني البارحة شراب أنسه فأردت أن أجعل من ذلك اليوم عيداً فقلت أتأذن لي أن أحمل لك طعاماً حتى تفطر، فقال لست أشير إلى هذا وشتان بين شراب يدار على الكف وشراب يكون في موجب لطف وروية كشف، هناك شراب مادي وهناك شراب معنوي.
﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)﴾
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يقول في الحديث القدسي:
(( عبدي، خلقت السماوات والأرض ولم أعيَ بخلقهن، أفيعييني رغيف أسوقه لك كل حين؟ لي عليك فريضة ولك علي رزق، فإذا خالفتني في فريضتي لم أخالفك في رزقك، وعزتي وجلالي، إن لم ترض بما قسمته لك فلأسلطنَّ عليك الدنيا، تركض فيها ركض الوحش في ، ثم لا ينالك منها إلا ما قسمته لك ولا أبالي، وكنت عندي مذموماً ))
[ ورد في الأثر ]
(( عبدي، أنت تريد، وأنا أريد، فإذا سلمت لي فيما أريد كفيتك ما تريد، وإن لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد، ثم لا يكون إلا ما أريد ))
[ ورد في الأثر ]
بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم مصرع سيدنا جعفر بن أبي طالب وصاحبيه، في معركة مؤتة، وكان قد أبلى فيها بلاء حسناً، حزن عليه أشد الحزن، وانطلق بنفسه وهو قمة المجتمع الإسلامي إلى بيت جعفر ليخفف وقع المصاب على أهله وأولاده، فألفى زوجته تتأهب لاستقبال زوجها الغائب، فهي قد عجنت عجينها، وغسَّلت بنِّيها، ودهنتهم وألبستهم، قالت أسماء زوجة جعفر : فلما أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدت غلالة من الحزن توشح وجهه الكريم، فسَرَتِ المخاوف في نفسي، غير أني لم أشأ أن أسأله عن جعفر مخافة أن أسمع منه ما أكره، وقال : ائتني بأولاد جعفر، فدعوتهم له، فهبوا نحوه فرحين، مزغردين، وأخذوا يتزاحمون عليه، كلٌ يريد أن يستأثر به، فأكبَّ عليهم، وجعل يقبلهم، ويتشمَّمهم، وعيناه تذرفان من الدمع، فقالت زوجة جعفر : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما يبكيك؟ أبلغك عن جعفر وصاحبيه شيء؟ قال : نعم، لقد استشهدوا هذا اليوم، عندئذ غاصت البسمة من وجوه الصغار لما سمعوا أمهم تجهش بالبكاء، وجمدوا في أماكنهم، كأن على رؤوسهم الطير، أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يكفكف عبراته وهو يقول:
(( اللَّهُمَّ اخْلُفْ جَعْفَرًا فِي وَلَدِهِ ))
قال عليه الصلاة والسلام :
(( أمرني ربي بتسع : خشية الله في السر والعلانية ، كلمة العدل في الغضب والرضى ، القصد في الفقر والغنى ، وأن أصل من قطعني ، وأعفو عمن ظلمني ، وأعطي من حرمني ، وأن يكون صمتي فكراً ونطقي ذكراً ، ونظري عبرةً ))
[ ورد في الأثر ]