بقلم: أحمد محمود كانِم
أصدر الكاتب الصحفي السوداني الدومة إدريس حنظل كتابه الثاني “كشف المستور بين القاهر والمقهور” الذي حوى بين طياته ملفات وقضايا ظلت حبيسة الأبواب المغلقة والمداولات السرية التي تتمحور جلها حول القضايا المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان التي جرت على أيدي الأنظمة الديكتاتورية المتعاقبة على السلطة في السودان ، ولا سيما حكومة الإبادة الجماعية بقيادة عمر البشير وما ارتكبتها من مجازر بحق الشعب السوداني عامةً ومناطق الهامش بصفة أخص ، والتي تتضمن الإبادة الجماعية ، والاختطافات، والاغتصابات والاغتيالات، والتصفيات، الجسدية ،والاعتقالات ، والتجويع الممنهج.
ولم ينسى الكاتب أن يتوغل عبر مصادره المتعددة واللصيقة جداً بشخصيات ذات صلة بمطابخ النظام ومواقع النفوذ أن يغوص في أعماق ملفات الفساد الاقتصادي والسياسي والإداري والأخلاقي والاجتماعي والثقافي والديني .
وأيضاً ولج في بحر لجي لم ينتبه لها جل الكتاب في السودان إلا من خلال المقالات أو البوستات الاسفيرية التي لم تلبث أن تزول وتختفي بمجرد نزول بوستات أكثر حداثة لترمى إلا مزابل النسيان ، إذ دخل حنظل وسبح بعيداً في بحر من مأساة للنازحين داخل السودان، واللاجئين من شتى أنحاء الدولة الملتهبة.
وقد انتقد بشدة تجربة الحركات المسلحة في تعاطيها مع بعض قضايا الشعوب المجاورة وتدخلهاة واصطفافها في خطوط الحرب البينية بين شعوب الجوار كمرتزقة في كل من ليبيا وتشاد وجنوب السودان ، واصفاً إياها بأنها لا تختلف في ذلك كثيراً عن ميليشيات الجنجويد والقوات المسلحة المرتزقة فى اليمن وليبيا وغيرها .
وانتقل الكتاب ليخصص بابا كاملاً يفتضح من خلاله عملية تجارة البشر وتجارة الأعضاء البشرية في ظل غياب المشروع الوطني ،وتفشي العنصرية والجهوية والقبلية التي باتت تسيطر على عقول صانعي القرار المنوطة بهم تغيير الأمر.
كما أبحر أيضا في ملف الانتهاكات التي مورست و تمارس بصمت في حق طلاب الخلاوي ودور تحفيظ القرآن الكريم في شتى مناطق البلاد .
و تناول الكاتب بصورة واسعة تجربته الشخصية التي عاشها في معتقلات نظام المؤتمر الوطني الساقط وما صاحبها من أحوال وأهوال يشيب لها الوالدان قبل أن يولدوا.
واختتم الكتاب برسم خارطة طريق واضحة لتوحيد صف الشعب السوداني بغية بناء سودان يسع الجميع..
مع ضرورة اجتثاث جذور الفساد والفاسدين والمتسترين عليه والمتواطئين معه و المدافعين عنه مع سد جميع الثغرات التى تفتح الشهية للعودة إلى ممارسته .
بقي أن نشير إلى أن كتاب “كشف المستور” الذي يقع في أكثر من أربعمائة صفحة يحوي سلسلةً من مقالات الكاتب التي تمتد لأكثر من 15 عاما ، والتي لامس من خلالها العديد من القضايا العميقة والجوهرية التي تقع جلها في خانة المسكوتة عنها .
فهو بالفعل كشف المستور الذي كان يدور بين القاهر والمقهور ، وقدَّم نظرةً ثاقبةً في ما يجب فعله للخروج بالبلاد إلى الضفة الآمنة .
وكانت دار جزيرة الورد للطباعة والنشر بالقاهرة قد أصدرت في وقت سابق كتاب كشف المستور ، وهو الكتاب الثاني للكاتب الصحفي الدومة إدريس حنظل الذي جاء ليكشف بقلم جريئ ما كان مخبء لأمد بعيد.. ليملك الشعب السوداني والعالم ما كان مستورا بين القاهر والمقهور في السودان ، بأسلوب شيق يجذب القارئ على التهام النص التهاما .
بولتون _انجلترا
27 مارس 2021