إن مبعث الاستبداد دائما وأبدا، وفي أي زمان ومكان هو “غفلة الشعب”.. فالشعب الذي لا يقيم من نفسه رقيباً على حكامه ؛ يحاسبهم عن صغيرة وكبيرة أشد الحساب ، سيستبد به حتماً والاستبداد أمر طبيعي في الحكام ، فالحكم حلو الرضاع، مُرُّ الفطام .. وما من حكومة ، حتى ولو كانت عادلة ، تأمن من المساءلة والمؤاخذة بسببِ غفلة الشعب إلا وتسارع الاستبداد ، ومن ثم تتمكن فيه ولا تتركه .
أن الشعب السوداني غير مهتم بسرقة المال العام وثروته الوطنية وأنهيار اقتصاد الوطن وانهيار أمنه بفعل حكومة الكيزان ، رغم كل ما يكتب ويقال في وسائل الإعلام المختلفة عن ضرورة اسقاط هذا النظام الشيطاني .
الطغيان لا يصنعه الطاغية ، وإنما الشعب هو الذي يصنع الطاغية والطغيان معاً . فالشعب مسؤول عن الطغيان ، والشعب هو المسؤول الأول والأخير عن طغيان الطغاة واستبداد المستبدين ، وبناءً عليه، فالشعب السوداني ليس له الحق ان يلوم احد وانما يلوم نفسه عن ما حصل ويحصل الان ، لانه سكت على استبداد الكيزان وعن كل منافق ومفسد “معهم ، فهو الجاني مثلما هو الفاعل والضحية .. هو الظالم لنفسه والمظلوم بحاكمه . والأوضاع التي نمر بها الان والتي تتردى وستتردى فيها وإليها كل يوم هي عقاب طبيعي مستَحَق بسبب سكوت الشعب .
وما نعيشه ألان من تدهور امني ومالي واقتصادي كله بسبب سياسة الكيزان وإدارتهم السيئة . البشير الذي جعل شبابنا وقودا لنار أشعلها بعقليته القبلية وفساد حكومته ، يجب ان يحاكم ، وكل مسؤول مهما كان موقعه لا يمكن أن يكون أقوى من الشعب لو أنه شعر بإنسانيته وكرامته وعزتها وحريتها .
ومن ثم ، فإن خير عقاب لاي شعب على ما فيه من استبداد وكأنه يعاقب نفسه بانتظام .. تَذَكَّروا: “كما تكونوا يؤول عليكم”. وان حجم المسؤول ونفوذه ودوره إنما يتناسب تناسباً عكسياً مع يقظة الشعب وصلابته وقوته . إذ الذي يطيل عمر الظلم والفساد هو فساد المظلوم نفسه .
لذلك نحن بحاجة الى “ثورة اخلاقية شاملة ” وعندما نقول اخلاقية، لانه لاقيمة للدين والانسانية بدون الاخلاق.. والمسلم صلاته “باطلة” ان لم ينتفض بوجه الباطل والظلم والفساد ، ولاقيمة للانسانية بدون النصيحة والاصلاح وحب الخير والعمل الجماعي، والعار كل العار لمن لايقول الحق ، ولا كرامة دون ذلك .والشعب الذي يقبل بالمسؤول الفاسد او يدافع عن المجرم والمزور شعب لايستحق الحياة ، وملعون في الدنيا والاخرة .
إن أســـوأ الشعــوب في اعتقادي: شعوب تمسك بها النيران من كل جانب ولا تحاول حتى أن تصرخ.. وتحيط بها النكبات من كل مكان ولا تحاول حتى أن ترفض.. ويحكمها الشر وترضى .. ويسود فيها الصغار وترضخ .. ويعتقل فيها الشرفاء كل يوم وتضحك !. وتذكروا دوماً أن العبيد هم الذين يصنعون الطواغيط ؛ إذ الحرية لا توهب لأنها ليست صدقة ، وإنما تؤخذ لأنها حق .. والذي يولد ليزحف لن يتمكن يوماً من الطيران . ولن يستطيع أحد ركوب ظهرك إلا إذا كنتَ منحنياً..وتذكروا دوما أن الظلم والفساد يحيا بالسكوت.
بقلم مستشار التحكيم الدولي / الطيب محمد جاده