ابراهیم اسماعیل
ان التجاهل والصمت الذي صاحب انفصال الجنوب والازمة في اقلیم دارفور وغیرها فضلا عن مقتل بطل کمال الاجسام السوداني بالدوحة الشهر المنصرم یعکس عمق الدرك السحیق من الدونیة والانکسار الذي یتقمص الهویة العربیة والذي وصل الیه السودانیین حکومة وشعب!!
وردت في القرءان الکریم الایة: یأیها الناس إنا خلقناکم من ذکر وانثی وجعلناکم شعوبا وقباٸل لتعارفوا إن اکرمکم عند الله اتقاکم إن الله علیم خبیر. یستشهد اهل الفقه بهذه الایة علی انها دعوة من الله لعباده یحضهم فیها علی نبذ التفرقة العنصریة وان التفاضل بین الناس عند ربهم لا یکون علی اساس العرق او اللون بل بالتقوی وطاعته ولکن واقع السود في الدول العربیة ولاسیما المملکة العربیة السعودیة مهبط القرءان ومسقط رأس النبي محمد یبرز الفرق الشاسع بین الاقوال والافعال في تلك المجتمعات البدویة السلفیة المسلمة التي تعتبر الافارقة مجرد عبید!!
وظلت هذه الدعوة الالهیة الی نبذ الکراهیة العنصریة حبیسة منابر المساجد تلوکها ألسن الاٸمة والفقهاء منذ نزول الوحي قبل الف واربعماٸة عام دون ان تجد طریقها الی التطبیق العملي في الواقع الملموس حتی في صدر الاسلام ویتجلی ذلك في عدم تمکن اي اسود من ان یٶم المصلیین في الحرمیین الشریفین منذ ظهور الاسلام في القرن السابع المیلادي!!
وفي افریقیا وجدت العروبة ضالتها في اللون فمعظم الافارقة من ذوي البشرة البیضاء مثل الامازیغ والفولاني علی سبیل المثال لا الحصر انکروا ارتباطهم التاریخي باصلهم الافریقي الذي یٶکده عدم صلتهم بأي من القباٸل والسلالات العربیة المتداخلة وهي تعرف بعضها جیدا بالنسب في جمیع الدول العربیة ولاسیما بلاد الشام والیمن بما فیها دول الخلیج باستثناء شمال افریقیا.
وبینما یقتل الذین یعتبرون انفسهم عربا اخوتهم الافارقة في السودان یواجهون نفس العنصریة في الدول العربیة بما فیها الدول التي تقع ضمن الخارطة الافریقیة التي تضم مجموعات سکانیة تحمل نفس ملامح سکان الدول العربیة شأنهم في ذلك شأن الکلدان والاشوریین والترکمان والاکراد الذین یرفضون الاندماج والذوبان في الهویة العربیة فبطل کمال الاجسام السوداني الذي قتله اخ زوجته القطریة رمیا بالرصاص بالدوحة لدوافع عنصریة تصنف السودانيین ضمن سلالة العبید تدعي اسرته وغیرهم من السودانیین من ذوي اللون الابیض الذین یمارسون العنصریة ضد اخوانهم بالسودان الانتماء الی العرب!!
ولکن الاسباب التي دفعت هذا البدوي القطري الی رفض زواج السوداني باخته العربیة الحرة لدرجة قتله امام الملأ رمیا بالرصاص مع سبق الاصرار والترصد هي نفس الکراهیة والعنصریة التي افضت ببعض السودانیین الی ارتکاب ابادة جماعیة وجراٸم ضد الانسانیة في حق اخوتهم بجنوب السودان واقلیم دارفور بحجة الدفاع عن العروبة والاسلام!!
وفي المقابل یمارس الافارقة انفسهم العنصریة فیما بینهم علی اسس قبلیة وعشاٸریة فعلی سبیل المثال لا الحصر قد شهدت رواندا حرب قبلیة طاحنة بین قومیتي التوتسي والهوتو في العام 1994ف انتهت الی ابادة جماعیة واندلعت حرب قبلیة بین الدینکا والنویر في جنوب السودان بسبب الصراع علی السلطة وانشطرت الحرکات المسلحة في اقلیم دارفور الی فصاٸل قبلیة لنفس الاسباب ومازالت الازمة التي حرفت القضیة عن مسارها الصحیح مستمرة بسبب المطامع والطموحات الشخصیة لقادة الحرکات الذین لا یعیرون ادنی اهتمام للمعاناة التي یعیشها ذویهم بالمخیمات!!
وبقدر اتساع داٸرة الفقر بین المسلمین الافارقة تذدهر اقتصاد المملکة العربیة السعودیة بالاموال الطاٸلة التي تجنیها منهم لقاء اداء المشاعر المقدسة في موسمي الحج والعمرة ولکن مساهمة المملکة الغنیة بالنفط في دعم جوعی وفقراء المسلمین شحیحة ولا تتناسب مع ثرواتها الهاٸلة التي تنفقها في شراء الاسلحة والعتاد من الغرب الذي یخصص بلایین الدولارات في درء الکوارث والخدمات الانسانیة عبر العالم!!
السٶال المطروح: طوال الف واربعماٸة سنة مکث الافارقة المسلمون في کنف العبودیة الممنهجة في بلاد العرب فمتی یفیقون من سباتهم الذي اغرقهم في وهم المساواة والعدالة الذي ظل حبیس منابر المساجد والکتب ولم یجد طریقه الی التطبیق علی مدی قرون؟؟!!