كان الشباب السوداني مغيباً وغير فاعل في كثيرآ من الزمن بل الكثيرين منهم أصبحوا أدوات طيعة لرغبات وأهواء السلطة وقد أنجذبوا إليها أما راغبين أو صاغرين وفي كلتا الحالتين كان خاسرين كونهم لم يمثلوا دورهم الطبيعي في الحياة الأنسانية.
وجاءت سنوات الالفينات وهي قد تكون أكثر مرارة وضياع مر بها الشباب السوداني دفعت به نحو مصير مجهول أخر وضياع للأماني والتطلعات التي باتت حلما بعيد المنال ولم يرقد له جفن . وترى الشباب يفرون إلى دول العالم بحثا عن ملاذ آمن يتنفسوا فيه هواء الحرية وتحقيق الذات والكثيرون منهم دفعوا حياتهم ثمن لغرض الخلاص والتحرر بدلا من مواجهة المصير المحتوم الذي لا يمكن أن يتبدل تحت ظل هذا النظام القمعي الجاثم على صدور الشباب، حيث أصبح من المستحيل العيش بكرامة ما لم تجرفك رياح الفساد الأخلاقي والإداري وحتى الإبداعي أصبح شكلا من أشكال الغسل الفكري للشباب تمارسه السلطة بواسطة الأعلام المجند والثقافة الجماهيرية السلطوية.
هكذا كانت حياة الشباب السوداني تتخبط بين حرمان وإكراه حتى نفروا من كل شيء سوى التنافس المحموم على لقمة العيش وتركوا العلم والدراسة والثقافة كونها أصبحت عبئاً لا يأتي برغيف خبز لمن يتضور جوعا لذا شاهدنا الكثيرين منهم افترشوا الطرق للبيع السريع بواسطة ( البسطية) التي تكفي لسد الرمق وأصبح كل من يفكر في مستقبل وظيفي أو تكوين أسري طوباوي الفكر وحالماً بالمستحيل أن يتحقق لذ أصبحت تلك الأجيال أنموذجا يقتدي به من الأجيال القادمة حيث العزوف عن الدراسة أو القراءة التي بالنهاية تصب في رافد التخلف والجهل والخواء الفكري وحتى التفكير المنطقي في كيفية التعامل مع الحياة بكل صورها .. إذا أن أردنا نقف ونتأمل سنصاب بالخيبة والنكوص إزاء مستقبل شبابي يرفد مجتمع بكل القيم
ويترقب الشباب الخطوات القادمة نحو أمل كان قاب قوسين أو أدنى ،حاملين معهم تطلعات سنوات الحرمان والتهميش والأمل في تغير الواقع المفروض عليهم ردحا من الزمن الغابر.
ماذا حصل ؟ ماذا تغير ! نعم حصل الكثير ..الشركات خصصت وانهارت المشاريع مثل مشروع الجزيرة والغزل والنسيج والسكة حديد علي سبيل المثال وليس الحصر ودمرت ومن تبقى منها تم تفكيكه من قبل الجياع المسعورة والتي أغلقت الستار على كل القيم والمثل وأصبح البلد نهبا للكيزان .
ماذا تغير؟ أذا كانت الآمال ترنو نحوهم وكل التطلعات قد تتحقق على أيديهم .
عم التناحر بين القوى السياسية على المكاسب السلطوية وكانت لغة الإقصاء والتهميش هي لغة الجديدة .. لتصل أصداؤها إلى الشعب وزرعوا فيه بذرة الاحتقان القبلي وهكذا تأزم الوضع السوداني وأصبح القتل على الهوية واستغلت هذا الاحتقان بين الشعب و دفعة به نحو مصير مجهول مظلم .
هُجر وأعتقل الكثيرون من الشباب وزجوا في السجون البعض منهم أعتقل بدون أي جريمة وانما بحجة الاعتقال الاحترازي قد مضى الكثيرون منهم ما يقارب شهور بلا محاكمة أو أوراق تحقيقية .
هاجرت الاسرة ونزحت إلى بلدان الجوار لغرض الخلاص من شبح الموت أو بحثا عن لقمة عيش بعد أن أصبحت مناطقهم مصدر قلق وخوف لدى الكثيرين .. هذا هو واقع الشباب السوداني يرزح تحت وطأة الضغوط الداخلية التي أفرزتها الدولة.
وكذلك الكثير من دوائر الدولة أصبحت عاجزة عن استقبال الخريجين كونها لم تخصص شواغر وظيفية لهم .
أذاً ما هي المهام التي تقوم بها الدولة لإنقاذ الشباب من الوضع المتردي :
1- تهيئة دوائر الدولة وتخصيص وظائف شاغرة لهم خصوصا ألخريجين منهم .
2- أعادة بناء المعامل أو المصانع واستحداث أو أنشاء معامل جديدة لاستيعاب الكم الهائل منهم وزجهم فيها .
3- تكون الرواتب مجزية للشاب تمكنه من العيش بكرامة كاستحقاق اجتماعي وحياتي.
4- جعل الشاب يشعر أنه جزء مهم في الوطن ولبنة أساسية ترفد المجتمع بطاقته العلمية أو الإبداعية وفي المجالات كافة .
5- تثقيف الشباب من خلال الأعلام والفضائيات بوطنيتهم وقتل تلك الروح ألمنكفئة التي تشعرهم بالاغتراب والانحياز للقبلية أو قوميتهم على حساب وطنيتهم وهويتهم السودانية.
6- أنشاء دور سكن للمتزوجين الجدد ورفع هم العنوسة وتاخر الزواج الذي يطاردهم نظرا لغلاء العقارات .
7- على مؤسسات المجتمع المدني في كل توجهاتها واختصاصاتها أن تعنى بهذه الشريحة وتقديم كل التسهيلات المتاحة لها .
8- أن تكفل الدولة حماية الشباب وتجعل أمنهم من أولوياتها لكي يتسنى لهم أن يكون عناصر رافدة للحياة وليسوا عناصر منزوية وخائفة .
أعتقد ان هذا جزء يسير يقدم لشباب المحروم وهو يعيش في بلد مثل السودان غني في كل المجالات الحياتية والتي لو توفرت له تجده طاقة خلاقة تصنع المستحيل .