الخرطوم – صوت الهامش
عقب زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو للسودان، دارت نقاشات بين السودانيين بشأن عودة بلادهم للأسرة الدولية، بعد عزلة امتدت لعقود من الزمان، وأكَّدَتْ تلك النقاشات على أهمية وضع مصلحة البلاد، فوق كل اعتبار.
كما برزت مرة أخرى، مواقف متباينة وسط الأحزاب السياسية السودانية، إزاء عملية التطبيع، وأعلنت أحزاب الشيوعي والأمة والناصري ، اخذت موقف السودان القديم المعادي لاسرائيل، سيما الالزام بموقف الدول العربية تجاه الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، فيما رأت أحزاب اخرى، أن العلاقات الدولية لا تحكمها أو توجهها الايدلوجيا، بل يكون ذلك وفق المصالح المتبادلة.
أما الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية بالبلاد، فتنادي باقامة سياسة خارجية متوازنة تُحقِّقُ المصالح الوطنية العليا للدولة، وتحسين علاقاتها الخارجية وبنائها على أسس الاستقلال والمصالح المُشترَكة، بما يحفظ سيادة البلاد وأمنها ووحدتها.
أجندة محددة
وانعكاساً على موقف تحالف (الحرية والتغيير)، قال رئيس الوزراء، إن المرحلة الانتقالية في السودان يقودها تحالف لديه أجندة محددة لاستكمال عملية الانتقال، وتحقيق السلام، والاستقرار في البلاد، وأن الحكومة الانتقالية، لا تملك تفويضاً لتقرير التطبيع مع إسرائيل، وأن ذلك يتم التقرير فيه، بعد إكمال أجهزة الحكم الانتقالي، داعيا الإدارة الأمريكية، بعدم ربط رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ومسألة التطبيع مع إسرائيل.
ترحيب بالتطبيع
وأعلنت حركة القوى الجديدة الديمقراطية ”حق“، رفضها رهن السودان للمواقف الايدولوجية يمينا أو يسارا، ورأت أن التضامن مع الشعوب المقهورة، لن يجعل البلاد تفرط في مصلحتها، انطلاقا من مواقف وثوقية أو مزايدة سياسية، وثمنت الجهود التى بذلتها الحكومة الانتقالية لفك العزلة عن السودان والعودة إلى المجتمع الدولى، وشددت على ضرورة العمل لرفع اسمه من قائمة الولايات المتحدة الأمريكية، للدول الراعية للارهاب.
كما رحبت الحركة، في بيان طالعته ”صوت الهامش“ بتطبيع العلاقات مع اسرائيل مؤكدة أن تطبيع العلاقة، لا يعنى مطلقا تأييد أو قبول تعديها علي الحقوق الفلسطينية المشروعة دولياً، وأن السودان، لا يمكن أن يبقى جزيرة معزولة عن محيطه الاقليمى والدولى، في عالم مضطرب أمنياً، ويشهد تحولات كبرى فى الفكر السياسي، تقوم علي المصالح الاستراتيجية المشتركة لرفاه الشعوب.
حجة باطلة
واستنقطت ”صوت الهامش“ أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، صلاح الدين عبدالرحمن الدومة، الذي قال إن من الممكن أن تحقق مصالح السودان، دون إنشاء علاقات مع اسرائيل، وهناك دول كثيرة وعربية، لم تنشأ علاقات معها، من منطلق المبادئ المتفق عليها عربيا واستراتيجيا، وأمورها تسير بصورة حسنة.
وأضاف الدومة ”حجة ان مصالح السودان، لا تتحقق إلا بانشاء علاقات مع اسرائيل باطلة، والسودان دولة رقم واحد في مقاومة وممانعة انشاء علاقات مع اسرائيل، وأن نظام الانقاذ هو الذي ادخل السودان في هذا النفق من خلال إجراء اتصالات مع الدولة الصهينية“.
وحول الانقسام بين مجلسي السيادة والوزراء بشأن التواصل مع اسرائيل والخوف من أن ينعكس على التناغم في ملف العلاقات الخارجية، قال الدومة: إن عدم التناغم موجودا بين المجلسين حتى في غير موضوع التطبيع اسرائيل، وأن الوزراء سجل موقفا لإعتراضه على ذلك.
مبادئ حقوق الإنسان
أما الحزب الجمهوري، فيرى أن الايدلوجيا تضرة بالعلاقات الدولية، وأشار إلى إمكانية إلتزام للدول بمبادئ، مثل حقوق الانسان، باعتبارها حاجة انسانية، وأنه يدعم خلق علاقات خارجية تعود بالمصالح الاقتصادية للبلاد، وأن المشكلة الفلسطينية الاسرائيلية تحل بالتفاوض، وغير انه يدين الانتهاكات ترتكبها إسرائيل، ولا يربط علاقات السودان بدول أخرى.
وقال مسؤول في الخارجية الأميركية لقناة الحرة : لقد أحرزا الكثير من التقدم في اجتماعاتهم مع قيادة السودان أبان زيارة وزير الخارجية الأمريكي ، مشيرا أن المحادثات ستستمر في الأسابيع المقبلة.
وقال “هناك بعض القوى السياسية اليسارية في السودان تهتم بالأيديولوجيا أكثر من اهتمامها برفاهية شعب السودان” في أشارة إلي رفضها اقامة علاقات بين السودان وإسرائيل . لافتا أن “لا شك في أن التطبيع مع إسرائيل سيتيح فرصا اقتصادية هائلة ووظائف لشعب السودان”.
التطبيع وفقاً للمصالح
وبالحسابات السياسية والمنطقية، يقول عضو المكتب التنفيذي لـ (لحزب الجمهوري) محمود الأمين: لـ ”صوت الهامش“ إن اسرائيل دولة قائمة ومن الممكن تثير غلاغل للسودان، ومن الافضل نحل مشكلتنا معها، أما محاولة إلغاءها ليست واردة، ويرى أن الظروف تغيرت، وأصبح الفسلطينين انفسهم يتجهون لأخذ حقوقهم بالتفاوض، فبالتالي ليس هناك سببا يجعل السودان، يدخل في مواجه مع دولة عدوها الأول يتفاوض معها.
وأضاف أن البلاد مثقلة بالديون، والاقتصاد على شفاه الانهيار، ولا يمكن استهداف العالم كله نتيجة لموقف ايدلوجي، وفي خضم عدم وجود خيار للنهضة ذاتيا، وأضاف أن القضية الفلسطينية، ليست مسؤولية السودان، وتابع بالقول: ”زي ما عندنا علاقات مع السعودية وهي دولة منتهكة لحقوق الانسان، والتطبيع كاملة مع اسرائيل، يجب أن يكن وفقا للمصالح المشتركة، كما تونس، والامارات، ومصر والاردن“.
تفكير السودانيين
وتساءل بالقول: لماذا تريد الشعوب العربية، أن يدفع السودان ثمن النضال من أجلها؟ وهل نحن عرب؟ والآن ليس هناك جيش عربي يقاتل اسرائيل، والسودان يشهد حروبا ونزاعات داخلية وتعدد إثني، ويجب أن يفكر السودانيين في كيفية حلها وإقامة علاقات متوازنة مع الجميع.
هذا، والتقي رئيس المجلس السيادي الانتقالي، عبدالفتاح البرهان، برئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في فبراير 2020 بجمهورية أوغندا، وذلك في إطار بحث السودان عن مصالحه الوطنية والأمنية على حد تعبيره، وقال البرهان: إن لإسرائيل دورا في قضية رفع اسم السودان من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب.