الخرطوم – صوت الهامش
اشد النقد اللاذع لتجمع المهنيين، وقوى إعلان الحرية والتغيير، خلال الأيام الماضية، والسبب مرشحي مجلس السيادة، ومعايير اختيارهم، وتخلى تجمع المهنيين عن المرشح لعضوية مجلس السيادة عن إقليم دارفور، الأستاذ. محمد التعايشي دون بيّنة، واستبداله بعضو من داخله، وهو الأستاذ عثمان طه إسحاق، واعتبر المنتقدون إن ترشيح الأخير لعضوية السيادة، لهو تراجع تجمع المهنيين عن قراره القاضي بعدم المشاركة في مجلسي السيادة والوزراء.
وفي السياق طال الانتقاد أيضا، قوى إعلان الحرية والتغيير، التي أعلنت عدم “المحاصصة” في توزيع العضوية في مجلس السيادة والوزراء، غير انها اختارت عضوية مجلس السيادة، من داخل الأحزاب المكونة للتحالف الحرية، وأبرزها (حزب الامة والشيوعي وحزب البعث العربي الاشتراكي، والتجمع الاتحادي المعارض)
وقال المنتقدون ان بسبب المحاصصة، رفضت قوى الحرية، إدراج اتفاق أس ابابا الذي وقعته مع الجبهة الثورية السودانية، ووعدت ادراجه كملحق للوثيقة الدستورية، وعندما لم يتم ذلك، طالبت الثورية بإلحاح بإدراج الاتفاق، ولكن رفضت قوى إعلان الحرية والتغيير حرضت الرأي العام السوداني ضد الثورية، بانها تريد المحاصصة في مستويات السلطة الانتقالية.
وأعلن الناشطون والمثقفون ولجان المقاومة بجبال النوبة امتعاضهم، ومن المرشح لمجلس السيادة، عن حزب البعث العربي الاشتراكي، البروفيسور صديق تاور، كونه يمثل جبال النوبة المنطقة التي عانت كثيرا من التهميش والتمييز على أساس عرقي، وفي الوقت الذي يتبنى حزب تاور شعار “أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة” وتحفظ الناشطون كذلك على تاور على مواقفه المناهض لهم قبل سقوط النظام البائد.
الاغفال المتعمدة
ويقول الناشط الحقوقي، وعضو منظمة (أكد فور سودان) محمد سليمان، لـ (صوت الهامس) كان لابد للخلافات ان تتفجر، داخل تجمع المهنيين حول المرشحين، لان التجمع وقوى إعلان الحرية والتغيير، تفتقران الي الشفافية، والخبرة الإدارية، والتنظيمية، ويرى محمد ان ثمة اتجاهات وصفها بالخطيرة برزت مؤخرا، في طريقة التعامل مع جذور المشاكل في السودان، كدولة متنوعة، ومتعددة، اثنيا وجغرافيا وثقافيا.
واتهم محمد تجمع المهنيين، وقوي الحرية والتغيير، بإغفال مخاطبة أسباب الحروب بسبب التهميش بصورة متعمدة في المفاوضات بينها والمجلس العسكري وفي الاتفاق الذي تم بينهما، وانهما تناولا مسألة الحكم بنفس العقلية التي أنتجت هذه الحروب التي وصفها بـ (العنصرية) الدائرة في إقليم دار فور وجبال النوبة والنيل الأزرق وشرق السودان سابقا.
المحسوبية والفوضى
وحول معايير اختيار أعضاء مجلس السيادة، قال محمد: للأسف لا توجد معايير نزيهة وعادلة لاختيار الشخص المناسب لمجلس السيادة، والحكومة التنفيذية، وان الجميع يري المحسوبية، والفوضى، بل العنصرية الفجة في هذه الترشيحات، وتابع قائلا: مع اختيار عناصر ضعيفة من الهامش، تخضع لهيمنة، نخب الشمال النيلي، وذلك برغم من أن الهامش السوداني يتمتع شباب نالوا شهادات والقاب أكاديمية رفيعة، غير ان لجنة الاختيار ترى هؤلاء الشباب بلا محتوي، ولا انتماء لقضايا اهلهم.
الخضوع للضغوط
ويرى محمد ان العلاقة، بين قوي الحرية والتغيير، والعسكريين، في المستقبل بمجلس السيادة، لا تبشر بالخير لكل السودان، وخاصة لعشوب في المناطق المهمشة، وعلل ذلك بتحول قوي الحرية والتغيير، من قيادة الثورة الي طلاب “سلطة ومناصب” والخضوع لضغوط، المجلس العسكري، وعزا ذلك إما لضعف في المواقف أو الانتهازية لفساد النوايا متصلة بتحقيق مصالح شخصية وحزبية.
ونبه محمد: بعدم نسيان جميع أعضاء المجلس العسكري، معللا بان لديهم ملفات تتعلق بـ “جرائم حرب” في المناطق المهمشة، وأضاف بان الأسباب التي أدت الي منع مدير جهاز الامن والمخابرات السوداني الفريق اول صلاح عبدالله (قوش) واسرته من دخول الي الولايات المتحدة الامريكية، لارتكابه انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في السودان، الامر نفسه ينطبق على كل أعضاء المجلس العسكري بلا فرز.
وشدد على ان في ظل وجود العسكريين في قمة السلطة بالسودان، فإنه من المستحيل توجد حكومة مدنية، تحكم بسيادة القانون والعدالة والمساواة والحرية.
أسباب انفصال الجنوب
وعن امتعاض مثقفو جبال النوبة، عن المشرح لعضوية مجلس السيادة الأكاديمي، وعضو حزب البعث العربي الاشتراكي، البروفيسور صديق تاور، قال محمد، إن لهم الحق في التعبير عن امتعاضهم، في اختيار تاور كممثل من قوي الحرية والتغيير في المجلس السيادي.
ولفت الي ان هذا الاختيار، تم بواسطة ما وصفهم بنخبة (الشمالية النيلية والوسط العروبية) كصفعة لإهانة المكون الافريقي الزنجي في السودان اللذين قال بأنهم ضحايا للعنصرية في السودان لجهة شن حروب “إبادة جماعية وتطهير عرقي” ضدها من قِبل الحكومات المركزية، التي قال انها ظلت تحت هيمنت ما وصفها بقبائل النخب الشمالية النيلية، والوسط، منذ خروج الاستعمار البريطاني من السودان .
وأردف محمد: ان تلك الاسباب دفعت مواطنو جنوب السودان، لاختيار الانفصال بأغلبية (99%) لجهة تكوين دولة مستقلة. وان اختيار شخص من اصول إفريقية زنجية، وينتمي لحزب البعث العربي الاشتراكي، وبواسطة قيادات عروبية من الشمال النيلي والوسط، هو تجسيد لعمق مشكلة السودان، وانه لا يبدو أي حل في الأفق لسلام يعم السودان في المستقبل المنظور بحسب قول محمد.
معيار فضفاض
اما الصحفية سلمى التجاني فقالت لـ (صوت الهامش) (أعتقد أن هذه المرحلة من عمر البلاد تقتضي التعامل معها بمزيد من الحكمة) وأن تحالف قوى الحرية والتغيير، وضع معايير، لاختيار مرشحي المجلس السيادي، وهي أن يكون المرشح ذو كفاءة والتزام بقضايا الوطن، مع مراعاة أن يمثل الخمسة أعضاء أقاليم السودان المختلفة، ثم أوكل لمكونات التحالف الخمسة ترشيح هؤلاء الأعضاء، معيار الاختيار فضفاض لذلك يكثر الجدل حول المرشحين.
وتابعت سلمى بالقول: مثلاً كان خياراً الأستاذ محمد التعايشي، مجمعاً عليه من اغلب أهل دارفور، والفاعلين في فضاء الثورة، وأما استبعاده على أساس اثنيته لم يكن قراراً موفقاً، وبدلاً من التراجع عن القرار الخاطئ، كانت احدى تبعاته، اعتذار الدكتورة فدوى عبدالرحمن عن قبول العضوية في مجلس السيادة، واردفت: بدلاً عن معالجة الأمر بالسرعة والحكمة المطلوبة، بدأ التحالف في البحث عن مرشحين أثنين بدلا لفدوى والتعايشي، وهنا أيضاً لم يحالفه التوفيق، كأنه يعاقب الإقليم الأوسط على استقالة مرشحته فيحرمه من التمثيل العادل في المجلس السيادي، ليصبح الأمر كالـ (tissue box) كلما تسحب منديلاً يخرج آخر، فتتناسل الأخطاء وتتكاثر تبعاتها.
فترة التأسيس
ورأت سلمى ان المرحلة الحالية تحتاج لرؤية إسعافيه، تتعاطى مع قضايا البلاد بصورة مختلفة، بالنظر الي الدمار الذي سببته ثلاثة عقود من حكم الانقاذ، لذلك ترى مانعاً من أن يتم اختيار أعضاء السيادي وفقاً لمعياريّ الكفاءة والتمثيل الجغرافي، ليصبح لكل إقليم عضو في المجلس السيادة، يعبر عنه، ويحرس قضاياه، وحقوقه خلال فترة التأسيس للدولة المدنية، وهذا يتطلب أن يكون التمثيل حقيقي وعادل ويجد حد معقول من القبول لدى أهل كل إقليم، في مرحلة ما بعد الفترة الانتقالية سيختار الشعب ممثلوه في انتخابات حرة.
الحقبة الديكتاتورية
وأضافت، انه يصعب في الوقت الحالي، وجود شخص يُشرح ويتوافق عليه الجميع بصورة مطلقة، وأن السودان خرج من حقبة ديكتاتورية، عملت على هدم نسيجه الاجتماعي، وتقسيم مجتمعه لصالح اثنيات بعضها متحاربة.
وأوضحت أن وجود مرشح مبقول لدى السودانيين، بصورة معقولة مهم، وتابعت قائلة: جبال النوبة وكل مناطق الحرب الأخرى، من حقها أن تجد من يمثلها في المجلس السيادي، لكن في ظل تعثر الوصول لتفاهمات مع حملة السلاح الآن يصبح في حكم المستحيل التوافق على مرشحٍ يتراضى عليه الجميع.
اختلاف في الأيدلوجيا
اما فيما يتصل بمعارضة أبناء جبال النوبة للمرشح لعضوية مجلس السيادة، صديق تاور قال الناشط في العمل المدني والمهتم بقضايا المناطق المهمشة في السودان، حافظ إبراهيم لـ (صوت الهامش) ان تاور لا يمثل جبال النوبة باي حال، وان اختياره تم من قبل حزب البعث العربي الاشتراكي، عبر تحالف قوى الإجماع الوطني.
وزاد إبراهيم: بالرغم من ان تاور من جبال النوبة، غير ان صلته بالقضايا المحورية الخاصة بالجبال ضعيفة، لذلك رأت أن تكن المسألة هي اختيار صديق تاور من قوى الإجماع الوطني، دون إضافة رمزية النوبة، حتى لا تجد المسألة امتعاض واحتجاجات من مثقفي وناشطي جبال النوبة الذين يختلفون معه، ويعتبرونه لا يمثلهم لجهة طرح قضاياهم عبر طرق أخرى، علل ذلك بانه سوف يكون هناك خلاف بين طرحه ايدلوجيا ومجموعات كبير أنباء النوبة لذلك عليهم طرح قضاياهم أكثر من العمل على عرقلة تعينه.
وكلاء المركز
ويرى إبراهيم: إن المسألة الأهم هي ان لا يحق للمركز أن يختار ممثلين مناطق الهامش حتى لو كانوا من تلك المناطق، وعلل ذلك بان المسألة ستبقى اختيار ما وصفهم بوكلاء المركز تحت اسم الهامش، وهذا السلوك الذي ظل ساري خلال الـ (63) عاما من الاستقلال، وأدى أن اندلاع كل الحروب في السودان.