عرض : محمد الحافظ حامد عبد الله
يعد الكتاب مشروع متكامل يرصد جذور مسببات النزاعات والحروب في السودان وفق رؤوية تحليلية عميقة وجديده تنفذ لعمق أسباب النزاعات وتطرح تفسيراً موضوعياً لها.
مؤلف الكتاب هو الباحث المعروف د. محمد سليمان محمد الأستاذ السابق بجامعتي الخرطوم وجوبا، وحالياً يدير معهد البديل الأفريقي في لندن (Institute For Africa Alternatives)، وهو أحد أهم مراكز دراسات النزاعات في أفريقيا وأساليب فضها بـ (Conflict Resolution) كعلم إجرائي جديد يعني بتحديد الأسباب الحقيقية للنزاعات (التشخيص) وإيجاد الطرق والإجراءات العلمية لحلها (العلاج) ودراسة النزاعات تجد اهتماماً متعاظماً من أهم المراكز البحثية والجامعات في العالم الأول.
لهذا في تقديري أن د. محمد سليمان والمعهد الذى يديره مكسب كبير للسودان وأفريقيا لا سيما وان السودان يعج بالنزاعات والحروب الأهلية.
ينحو الكتاب في تحليله لاسباب النزاعات والحروب في السودان من منظور مختلف لما هو سائد أو مفهوم لدى المحللين، إذ يبرز الصراع حول الموارد الطبيعية والعامل الايكولوجي كأحد اهم مسببات النزاعات الدائرة حالياً في السودان وهذا المنظور الذي اصطلح على تسميته (Political Ecology) “كما أورد الكاتب” حيث يختزل معظم المحللون أسباب النزاعات في الهوية والعقائد الدينية وموروثات الحقبة الاستعمارية فقط وعزلها عن مسبباتها الاقتصادية والبيئية كحروب ونزاعات تحدث بالدرجة الأولى من التنافس والصراع حول الموارد الطبيعية، الكتاب من ثمانية فصول رئيسية تتناول النزاعات في أفريقيا وافرد جانب كبير للصراعات في السودان من عدة محاور : الجنوب، جبال النوبة، شرق السودان، دارفور بالإضافة لفصل يتطرق عن النازحين ومسارات الحروب والسلام في السودان.
يقدم الكتاب للباحثين والمهتمين بشأن الحرب الدائرة الآن في منطقة دارفور، الأسباب والمنطلقات الأساسية لها وفق قاعدة معلومات دقيقة ورؤية تحليلية شاملة عميقة تفيد كثيراً في فهم طبيعة وجذور المشكلة في دارفور، على الرغم من أن الكتاب صدر في مايو 2000م، أي قبل ظهور الحركات المسلحة في دارفور بصورة واضحة، إلا انه تنباء بشكل مدهش ودقيق لانفجار الوضع في دارفور، رؤية استباقية تؤكد صحة أدواته التحليلية، كما يقدم معلومات فائقة الدقة عن دارفور قل أن توجد في أي مركز بحثي أخر، حيث شملت المعلومات، دارفور من حيث الموقع الجغرافي والتكوين الديمغرافي والمجموعات الاثنية والعلاقات المتقاطعة بينهما وطبيعة المناخ، وافرد جانباً كبيراً للتحولات الايكولوجية في المنطقة والتدهور البيئي والتنمية والربط بينهما وازدياد وتيرة النزاعات في المنطقة وفق مخطط بياني
كما لفت الانتباه لدور الحكومة الحالية السلبي في المنطقة وغياب التنمية الشاملة في المنطقة.
دعم الكاتب في رؤاه التحليلية لدارفور بخرط توضيحية موضحاً ديار وحواكير المجموعات الاثنية وتصنيفها الايكولوجي ومسارات الرحل وحركتهم والمواقع التي تشهد وتائر حادة من النزاع والصدام من حيث الزمان والمكان، فضلاً عن مسح للغطاء البنائي والموارد والمناخ ومعدلات الأمطار في تلك المناطق.
تطرق الكاتب في جوانب كثيرة للاختلالات الهيكلية بين المركز والهامش فيما يتعلق بتوزيع السلطة والثروة والظلامات التاريخية لاهل الهامش وفقاً للمحاور التالية: q الخلل الهيكلي في توزيع الثروة والسلطة.
* انعدام التنمية الشاملة والخدمات في هذه المناطق.
* هيمنة نخب المركز على مقدرات وموارد السودان.
* الأخطاء التاريخية ومحاولة نخب المركز فرض ثقافة أحادية لمناطق تمايز ثقافي.
* غياب طرح حلول دائمة قائمة على أسس العدالة والحرية والديمقراطية.
§ هذا الكتاب كما أورد مقدمه فريد من نوعه فهو يتميز بتخطي المفاهيم السائدة عن طبيعة النزاعات المسلحة في السودان (القارة الدموية) وذلك باعتماده على رؤيا تحليلية وشاملة لمسارات الصراعات المسلحة الأمر الذي مكنه من اقتراح حلول جذرية قائمة على دراسة الجوانب المتعددة لهذه النزاعات من حيث العامل الاقتصادي والبيئي وكذلك الجانب السياسي والاجتماعي والثقافي، كما يطرح محاولة رائدة في علم الايكولوجيا السياسي في النظر والتمعن في منشأ الحروب الأهلية والنزاعات وطرق معالجتها.
هذا الكتاب كما أورد مقدمه ضروري لكل السودانيين والسودانيات الذين يهمهم أمر السلام العادل والتنمية والديمقراطية في وطنهم.
قام بتحقيق الكتاب والمشاركة في إعداد باب شرق السودان، الدكتور صلاح آل بندر وهو من النخب البحثية في الشتات والخبير في شئون التنمية والأمن القومي، ويعمل منذ العام 1996م مديراً لمؤسسة المجتمع المدني السوداني بمدينة كيمبردج ببريطانيا وهي مؤسسة جديرة بالاحترام حيث تقوم برصد البحوث وتوثيق كافة المعلومات المتعلقة بالشأن السوداني.
المؤلف : د. محمد سـليمان محمد : خبير في شئون الأيكلوجيا السـياسية يعمل منذ عام 1990م مديراً لمركز البديل الأفريقي بمدينة لندن وهو باحـث محـترف ومتخـصص في مجالات فض النزاعات في أفريقيا “Conflict Resolution “، كما أن للدكتور / محمد سليمان دراسات مهمة في كافة مجالات الشأن السوداني.
وأستطيع أن أراهن أن للباحثين ومؤسسيتهما سيكون لهما دور كبير في الترتيب لمعالجة النزاعات الدائرة حالياً في دارفور وشرق السودان لا سيما وان موضوع حل النزاعات ليس هو شأن السياسيين وحدهم بل اصبح علم له آلياته وطرقه المنهجية هذا في حال موافقة اطراف النزاع وتغيرت نظرة حكومة الإنقاذ لإيجاد حلول مستدامة قائمة على العدالة والديمقراطية وفق رؤية لسودان جديد يسع الجميع، وقد رأينا استعانة وسطاء التفاوض في نيفاشا بمؤسسات متخصصة في شأن الموارد والنفط قدمت ورش عمل أسس تقسيم الثروة مجموعة أخرى متخصصة من البنك الدولي لتضع أسس التفاوض حول تقسيم الإيرادات، وكان لهذه المؤسسات دور كبير لوصول الطرفين للاتفاق الحالي في نيفاشا.
عليه ورغم كل المآسي التي تحدث ألان في غرب السودان (دارفور) إلا انه يحدونا أمل كبير في جلوس الأطراف للتفاوض لان الضمير الجماعي للمجتمع الدولي والشعب السوداني يرفض بشدة استمرار هذه الماسي، وللحكومة أن تعيد النظر لجعل السودان قارة تسع الجميع.
واختم بحكمة لبرنولد برخت التي استهل بها الكاتب محمد سليمان ” الحرب القادمة ليست بالحرب الأولى، فقد سبقتها في التاريخ حروب وحروب، انتهت الحرب السابقة بمنتصرين ومهزومين، عند المهزومين جاع عوام الناس وجاع عوام الناس عند المنتصرين “.
تعليق واحد
ياناس صوت الهامش ارجو مراجعة الخريطة اين مثلث حلايب انتم لستم بصوتنا طالما تعمتم ازاحت مثلث حلايب