شبكة عاين – ١ ابريل ٢٠١٦ –
طوال الأسبوعين الآخيرين من شهر مارس، اشتدت العمليات العسكرية في عدد من المناطق في جبال النوبة و ولاية النيل الأزرق، مع استمرار القصف الجوي على المنطقتين وسط صمت المجتمع الدولي، لا سيما أن الهجوم الحكومي يأتي بعد وثيقة خارطة الطريق.
وذهب بعض المراقبين إلى أن تابو مبيكي ومن خلفه الإتحاد الافريقي، يُريدان أن يعطيا غطاء سياسي دبلوماسي يٌمكن الحكومة السودانية من إرتكاب المزيد من الجرائم في حق المدنيين بمناطق الصراع. ويقول الباحث في معهد التنمية الأفريقية في جامعة كورنيل الامريكية احمد حسين آدم لـ(عاين) إن مبيكي يريد ان يعطي الحكومة شرعية لإرتكاب جرائم جديدة ضد الإنسانية بمناطق الحرب.
قصف جوي بعد ساعات من لقاء أديس أبابا وحشود على النيل الازرق
بعد ساعات على التوقيع الآحادي بين الوساطة ووفد الحكومة السودانية، حتى بدأ سلاح الجو التابع للقوات المسلحة الحكومية عمليات قصف جوي على منطقتي النيل الازرق وجبال النوبة. وحسب مراسل (عاين) في جنوب كردفان، شهد الاسبوع المنصرم قصف جوي إستهدف مناطق مأهولة بالسكان، حيث تعرضت جبال النوبة لطلعات جوية من قبل طيران الحكومة السودانية في يوم الثاني والعشرين من مارس، وسقطت قنابل على مناطق (هيبان 5 قنابل متفجرة، الازرق 4 قنابل، ومنطقة ناكما 2 قنبلة). كما القى سلاح الجو في الثالث والعشرين من الشهر نفسه قنابل على مناطق (البرام، أولو، وقردود عريس 22 قنبلة). وفي الرابع والعشرين من مارس، تم قصف منطقة الازرق بعدد 3 قنابل، كما تعرضت مناطق (ام سردبة، ام سفيفة، البرام وقردود عريس، ناكما والازرق لقصف بصواريخ بعيدة المدى).
وفي النيل االازرق، قال مراسل (عاين) إن المدن والقرى التي تسيطر عليها الحركة الشعبية تشهد قصفاً جوياً منذ الثالث والعشرين من مارس من قبل سلاح الجو الحكومي، حيث تم القاء قنابل على مناطق (فدام، صودا التابعة لمحلية الكرمك 40 قنبلة، وأولو 40 قنبلة أدت الى اصابة شخصين من المواطنين بجروح خطيرة).
وكان الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية العميد ارنو نقوتلو لودي قد قال في بيان سابق إن (سلاح الجو السوداني أسقط “11 ” قنبلة في منطقة مياك،”4 ” قنابل على بلدة فوج واولو، ثم”4″ قنابل أخرى في ذات اليوم على ذات البلدة)،ولفت إلى أن ذات الطائرة عاودت اعتداءها واسقطت “4”قنابل على بلدة “جيندي، “8 ” قنابل أخرى على “جارقول”، وقال إن طائرة انتنوف أسقطت “4” قنابل على جبل “بارفا”،”4” قنابل على “خور جيندى” وعدد”5″ قنابل إستهدفت المنطقة بين “جيندى وبارفا”، منوها إلى أن القصف لم يسفر عن خسائر فى الأرواح لكنها أحدثت رعباً في أوساط الأهالي العزل، على حد تعبيره.
الحركة الشعبية : تصريحات المتحدث بأسم الجيش السوداني كاذبة ومضللة
ويقول المتحدث باسم الجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية (شمال) العميد أرنو نقوتلو لودي لـ (عاين) ان قوات حركته سيطرت على منطقة (عقب) في مقاطعة هيبان في التاسع والعشرين من مارس، وانها طردت القوات الحكومية منها وكبدتها خسائر في الارواح والمعدات العسكرية، واضاف “الآن القوات الحكومية محاصرة في منطقة كركراية وانقطع عنها الدعم تماماً”، وقال إن أكثر من (60) جندياً حكومياً قد تم قتلهم وان قواته دمرت اكثر من (10) سيارات ودبابة واحدة، وتابع (ما يردده المتحدث العسكري باسم القوات الحكومية بدخول قواته منطقة (ام سردبة) كذب فاضح لأن المعارك تدور في منطقة (العتمور النقرة) ولم تدخل اطلاقاً ام سردبة والجيش الشعبي يسيطر على الموقف تماماً)، مؤكداً استمرار المعارك العسكرية حتى مساء امس حول عدد من المناطق، مشيراً إلى أن المناطق التي أعلن الجيش الحكومي عن سيطرته عليها ليست صحيحة.
وقال لودي إن القوات الحكومية حاولت الدخول إلى منطقة أنقارتو، جبيلات واللبو لكن تم صدها قبل الدخول إلى تلك المناطق، واضاف “يبدو أن المتحدث بأسم الجيش السوداني لا يعرف مناطق جنوب كردفان وكل أعلاناته عبارة عن دعاية مضللة لرفع معنويات قواته التي ارتكبت خطأ تاكتيكي ستدفع ثمنه”، وقال إن القوات الحكومية التي وصلت إلى مناطق جبال النوبة منذ اكثر من شهر كانت بحجم كبير وقد تم دحر معظمها عبر الكمائن التي نفذها الجيش الشعبي، واضاف (نحن الان ندافع عن شعبنا وبالتعامل مع مليشيا المؤتمر الوطني بفرض حصاراً قوياً عليها “، وأوضح ان قواته اسرت حوالي (15) من الجيش الحكومي وجهاز الامن والمخابرات، مشيراً إلى مشاركة مليشيا جنوبية معارضة لحكومة جنوب السودان استخدمتها القوات الحكومية في معارك جنوب كردفان.
وصدت قوات الحركة الشعبية في اقليم جبال النوبة في محور (العباسية – رشاد) هجوماً للقوات الحكومية والمليشيات التابعة لها في الثلاثين من مارس، وقال لودي في بيان له (لقد فرت القوات الغازية مخلفة وراءها “7” قتلى على ارض المعركة وتم تدمير سيارة جيب كورية الصنع ولا توجد خسائر في صفوفنا)، مشيراً إلى أن قوات الجيش الشعبي في محور (مندي) على القوات الحكومية التي كانت متمركزة في منطقة (جبيلات كيقا) بالقرب من تلودي، وقال (لقد قتل اكثر من (51) جندياً من قوات العدو إلى جانب عدد كبير من الجرحى وتدمير سيارة واحدة ذات الدفع الرباعي ومن جانب قوات الحركة استشهد اثنين وجرح عشرة آخرين).
وأشار لودي إلى بعض التفاصيل من معركة منطقتي (شات الصفيا والتيس) التي إشترك فيها محور جنوب كادوقلي بقيادة الرائد ياسر كافي صابون، ومحور (طروجي) بقيادة المقدم مجاك كافي جاموس وقائد كتيبة بلكانو المقدم اسماعيل كوكو وتحت القيادة العامة للعميد كوكو ادريس اللزيرق، واضاف ان قوات الجيش الشعبي استولى على ثلاثة مدافع (P.K.M)، واثنين مدفع (P.R.G7)، إلى جانب مدفع واحد هاون (60 مم) و(17 قطعة سلاح كلاشنكوف)، ونظارة واحدة ميدانية، مؤكداً العثور على جثة عقيد ركن الطيب المعتصم عبد الجاك قائد الكتيبة (230) مظلات متأثراً بجراحه، وكان بيان سابق من الحركة قد أشار إلى هروبه تاركاً سيارته، واضاف (لقد تم العثور على جثث الذين توفوا متأثرين بجراحهم وقد تشتتوا في الغابات)، واوضح أن من بين القتلى الـ (60) اربعة ضباط بينهم عقيد، رائد واثنين ملازمين اوائل، وقال ان هناك تفاصيل أوفى سيتم نشرها لاحقاً.
ويقول لودي إن الجيش الشعبي دمر متحرك للقوات الحكومية مكون من (15) سيارة محملة بالاسلاحة في منطقة (شات الصفي) كانت قادمة من كادوقلي، وتابع (لقد هربت القوات المهزومة مخلفة وراءها (17) قتيلاُ على ارض المعركة، واسر عدد آخر منهم والاستيلاء على دبابة واحدة تى-72 بحالة جيدة وعدد سيارتان ذات دفع رباعي محملة بمدافع دوشكا)، مشيراً الى أن قوات الحركة تمكنت في محور (التيس) من قتل (8) من جنود الجيش الحكومي بينهم عناصر من مليشيات معارضة لدولة جنوب السودان، وأكد جرح (15) من قوات الجيش الشعبي، وقال إن المعارك مستمرة في و(مرديس)، وان الجيش الشعبي استطاع تحرير منطقة (عقب) في مقاطعة هيبان، واكد شهود عيان من داخل كادوقلي أن مستشفي كادوقلي قد إمتلأ بجرحى القوات المسلحة وأن سيارات الاسعاف ما زالت تنقل في الجرحى.
وكان الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية العميد ارنو قال في بيان رسمي أن (طيران الخرطوم اسقطت 11 قنبلة في منطقة مياك و4 قنابل على بلدة فوج واولو، بجانب 4 قنابل أخرى في ذات اليوم على البلدة) ولفت إلى أن ذات الطائرة عاودت الإعتداء واسقطت 4 قنابل على بلدة جيندي و8 قنابل أخرى على جارقولى. وأن طائرة الأنتنوف، اسقطت 4 قنابل على جبل “بارفا”، و4 قنابل على “خور جيندى” وعدد 5 قنابل استهدفت المنطقة بين “جيندى وبارفا”، منوها إلى أن القصف لم يسفر عن خسائر فى الأرواح لكنها أحدثت رعباً وخوفا في أوساط الأهالي العزل حسب قوله.
الجيش السوداني يؤكد وقوع قتلى في صفوفه بينهم ضباط
وقال المتحدث بإسم الجيش السوداني العميد احمد خليفة الشامي في بيان نشره في موقع وزارة الدفاع في وقت متأخر من مساء اول من امس أن الجيش اعاد سيطرته على منطقتي (المشتركة وام سردبة) والاخيرة تقع بالقرب من مدينة كادوقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان، واضاف أن (ام سردبة) منطقة استراتيجية ومعقل رئيسي للمتمردين في قطاع كادوقلي واحد أهم مراكز القيادة، مشيراً إلى ان القوات المسلحة الحكومية تتقدم نحو أهدافها في كافة المحاور وتمتلك زمام المبادرة وتضيق الخناق على المتمردين. وقال ” تكبد العدو خسائر كبيرة في الارواح والعتاد يجري حصرها، وتابع ” لقد تصدى الجيش فجر اول امس الثلاثاء لمحاولة يائسة قام بها المتمردون لاستعادة منطقة الكركراية التي حررتها القوات المسلحة الاثنين وقد الحق بهم هزيمة فادحة قتل فيها (55) متمرداً وجرح العشرات “، وقال إن الجيش السوداني دمر دبابتين واستولى على اخرى إضافة إلى تدمير (6) سيارات ذات الدفع الرباعي وسيارتين مسلحتين بمدافع وكميات من الاسلحة والذخائر ومواد غذائية.
واكد المتحدث باسم القوات المسلحة السودانية مقتل وجرح (24) من قوات الجيش الحكومي بينهم (7) ضباط في المعارك العسكرية مع متمردي الحركة الشعبية شمال في ولاية جنوب كردفان، مشدداً على استمرار المعارك إلى حين أعاد الامن في الولاية، وكان الشامي قد أعلن مطلع هذا الاسبوع إن الجيش السوداني قد حرر (5) مواقع إستراتيجية من قبضة الحركة الشعبية بجنوب كردفان، تشمل (مارديس، اللبو، كتن، عقَب وكركراية البييرا)، في عملية انطلقت في عدة محاور منذ مطلع هذا الاسبوع، متهماً الحركة الشعبية باستهداف حياة المدنيين بقطع الطرق وخطف الأبرياء وتقييد حركة المواطنين وسرقة ممتلكاتهم ومواشيهم ونهب الأسواق.
حشود عسكرية في النيل الأزرق وتوقعات بمعارك جديدة
وتشهد مناطق النيل الازرق حشوداً عسكرية في كل من محليتي ” التضامن وبوط ” وقال لودي إن القوات الحكومية بعد مواصلة قصفها وبدأت في حشد قواتها التي تصل نحو (2000) جندي وعدد (150) سيارة ذات الدفع الرباعي التي تتجه ناحية جبل كلقو الإستراتيجي، واضاف أن هناك ما يفوق (200) سيارة ذات الدفع الرباعي محملة بمدافع في مدينة بوط، فيما قال مصدر من داخل المدينة لـ(عاين) إن السلطات أصدرت تعليمات إلى الإدارات الأهلية والمؤسسات التعليمية بحشد اكبر عدد من المقاتلين لمعارك الصيف الحالي، واضاف (يقود معتمد محلية التضمان يوسف الطيب حملة إستنفار المواطنين بنفسه والذي ناشد الشباب بالانضمام إلى الجهاد ضد أعداء الله والوطن).
من جهته وصف الرائد طيران معاش الهادي فضل إن المعارك التي تدور في النيل الازرق، جنوب كردفان، ودارفور بالعبثية، ويقول لـ(عاين) إن كل حرب تنتهي بالسلام ولكن التعبئة الحالية قائمة على التعصب الأعمى من قبل الأطراف المقاتلة، وفي رده حول إدعاء كل من جيشي الحكومة والحركة الشعبية بانتصار قواتهما على الأُخرى، يقول (الجيش الحكومي ليس لديه ما يقوله)، مرجحاً مصداقية الحركة الشعبية ويضيف “عدم المهنية في الجيش هي السبب الرئيسي للاوضاع المأسوية في السودان”.