بقلم / الياس حسين
ان الدعوة التى تبتدرها حركة /جيش تحرير السودان لعقد حوار سوداني سوداني داخل البلاد، يضم كافة الفرقاء السودانيين افرادا وجماعات تأتي في اطار التأكيد على وحدة السودان وامكانية افراده على توحيد رؤياهم المتصلة بالقضايا العامة محل الاختلاف ومعالجة أزمات البلاد التاريخية مع استصحاب زاكرة التحولات السياسية التى ضخت مذيدا من التعقيدات بحلولها الجزيئية والتي ما كانت الا تعميقا للمشكل دون ان تكون مخرج نهائي للازمات .
تأتي هذه الدعوة ونحن ما زلنا نشهد تراجع لطريق الثورة الذى مضى فيه شعبنا متوشحا بالنضالات والتضحيات ومع ثقتنا الكبيرة في ارادة شعبنا نحو التغيير الا اننا نصتطدم بثلاث نقاط سوف تقف عقبة في اي اتجاه للتغيير الجزري الذي نطمح نحن السودانيين في تحقيقه وتتمثل تلك العقبات في :
اولا : وعي النخبة السياسية:
والنخبة السياسية هي مجموعة الاحزاب او الحركات الحقوقية التي تأتي بعد اي انتفاضة شعبية او حراك ثوري او ترشيح انتخابي والمناط بها قيادة الدولة وتحقيق الاستقرار السياسي ؛ والمقصود بوعي النخبة هو الادراك الطبيعي بماهية المشكلات وجزورها وبالمقابل يكون هناك وعي الجماهير والمواطنين المستفيدين من كافة الحلول التي سوف تتخذها النخبة السياسية . وهذا ما افتقدته النخبة السياسية ابان الحراك الثوري في ديسمبر اذ نجد ان النخب السياسية التى اعتلت منصة الثورة كانت بعيدة عن فهم جزور ازمات السودان ولم تسعى في وضع الاساس الذي سوف ترتكز عليه الدولة بعد ثلاثين عام من حكم الدم والاستبداد .
ثانيا : الطموح السياسي للمؤسسة العسكرية :
من احد اسباب عدم الاستقرار السياسي في السودان هو دوامة الانقلابات العسكرية ودخول الجيش فضاء السياسة وهو نتيجة عن عدم الفصل بين مهام وطبيعة مؤسسات الدولة المختلفة مما فتح الباب واسعا امام استغلال النظام للجيش والمليشيات المسلحة في تنفيذ اجندته الايدولوجية والسياسية وحتى الاقتصادية ؛ وان ما حدث ابان ثورة ديسمبر والاتفاق بين النخبة السياسية والمؤسسة العسكرية ما هو الى شرعنة وجود العسكر فى الفضاء السياسي وهو ما اربك الوضع الان بالرغم من تطلعات الجماهير بحكم مدني رغم ضبابية المصطلح الا انه في معناه الشعبي الوصول الى حكم من شخصيات مدنية غير عسكرية وقتها .
ثالثا : التدخلات الاقليمية :
ان السودان بحكم موقعه الجيو سياسي وموارده الطبيعية ظل على الدوام قبلة للاطماع السياسية الدولية والاقليمية ولكن لغياب الرؤية الاستراتيجية لطبيعة العلاقات الخارجية القائمة على تبادل المصالح وتحقيق المنفعة العامة للبلد فظلت العلاقات الخارجية للسودان محكومة بالمصالح الشخصية للنخبة السياسية وخدمة الايدولوجيا الامر الذي اثر على السياسة الداخلية وبالتالى كان اثره واضحا في مسار الثورة السودانية وما زال .
ان هذه النقاط الثلاث مجتمعة تكون هي الاساس لامكانية حدوث انتقال ديمقراطي يمكن ان يتم تحقيقه عبر توافق سياسي يتم من خلاله الاجابة على الاسئلة التالية :
1- ماهي اسباب الحروب الاهلية تاريخيا في السودان ؟
2- اسباب التدهور الاقتصادي منذ منتصف السبعينات وحتي اليوم ؟
3- اسباب عدم الاستقرار السياسي منذ الاستقلال ؟
4- غياب الدستور الدائم وحكم سيادة القانون ؟
5- سؤال الهوية والوطنية ؟
ان الاجابة على هذه الاسئلة الاساسية وايجاد صيغة لمعالجتها يفتح الباب لامكانية وضع تصور لشكل الدولة ونظام الحكم الامثل للسودان وستكون هي الاساس لوضع الدستور الذي يحتكم اليه السودانيين دون الحاجة لتغويضه او اختراقه .
إن المبادرة في جوهرها ما هي الا اعادة تعريف للمشاريع السياسية والبرامج التى نتشارك حولها كسودانيين وهى طرح جديد لا نذايد به ولكن الهدف منه هو ايجاد بدائل موضوعية للخروج من حلقة الشر المحيطة بالبلاد .
elyashussein23@gmail. com