الخرطوم: صوت الهامش
النظام القضائي السوداني، غير قوى بما يكفي لمحاسبة الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير، على الجرائم المتهم بها بارتكابها في دارفور موضوعيا وإجرائيا .
هذا ما قاله عضو هيئة محامي دارفور، عبد الباسط محمد يحيى المحامي في إجاباته عن اسئلة طرحتها إليه (صوت الهامش) عما إذا كان القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م الذي تم تعديله، وإدخال مواد جديدة فيه، التي تتعلق بكيفية تثبيت جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في حال ارتكبت في السودان وكيفية محاكمة مرتكبيها.
وقال عبدالباسط من حيث الإجراءات فإن النظام القضائي تاريخيا والي الان تتحكم فيه السلطات التنفيذية في تعين القضاة والتأثير على قراراتهم ولائهم المطلق للسلطة وليس للعدالة.
وفي إجابته عما إذا كانت التعديلات ادخلها القضاة في القانون الجنائي السوداني التي قام بها نظام البشير قبل سقوطه ، قال المحامي يحيى لـ (صوت الهامش) إن القانون الجنائي السوداني غير كفؤ لمحاكمة البشير على الجرائم التي اتهمتها بها المحكمة الجنائية بارتكابها في دارفور ، وأن المواد التي تم إدخالها بشكل محل للتحايل على المحكمة الجنائية الدولية لا تجدي نفعا .
وأشار أن التعديل تم بعد ارتكاب الجرائم، وبينما المذكرة أصدرها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في العام 2009 حينها حاول المؤتمر الوطني محاولات القول بأن القانون السوداني يحوي ذات المواد التي تم اتهام البشير.
قاعدة قانونية تبرء البشير
واضاف يحي «هنالك قاعدة قانونية تقول ان القانون لا يسرى بأثر رجعي» وفقا للنظام القضائي السوداني فإنه إذا تم تقديم عمر البشير للمحاكمة في اروقة المحاكم الوطنية، فسوف تتم تبرئته بهذه القاعدة القانونية وهذا ما يجعل النظام القضائي السوداني، غير مؤهل موضوعيا ولا اجرائيا لإجراء محاكمته.
وأشار عبد الباسط يحي إلى أن الجرائم التي ارتكبت في دارفور، هي جرائم تتعلق بالسلم والأمن الدوليين، وهي تمس الكيان الدولي برمته لطبيعتها الوحشية وخطورتها على الاستقرار البشري والأمن الإنساني.
فيما يتعلق عن فرضية تعاون أعضاء المجلس العسكري، إذا تم تعيينهم في مجلس السيادة، مع المحكمة الجنائية الدولية، لتسليم البشير، قال عبد الباسط، اعتقد أن العسكريين لن يسلموا البشير للمحكمة الجنائية، واستشهد بتصريحات رئيس المجلس العسكري الفريق اول عبد الفتاح البرهان، التي رفض فيها تسليم البشير إلي المحكمة الجنائية الدولية، مكررا المبررات نفسها التي كان نظام المؤتمر الوطني سلفاً يقدم لعدم تسليم البشير الي الجنائية.
مسألة وقت
وأضاف “نستنتج من تصريحات البرهان ان العسكريين امتداد طبيعي لسياسات ذاتها التي استخدمها البشير محاوله منه لتبرئة نفسه من الجرائم التي تورط فيها” ، لافتا إلى أن تسليم عمر البشير إلي المحكمة الجنائية الدولية، هي مسألة وقت، والضرورة تقضي ذلك، وإذا رفض العسكريين، سيدخلون أنفسهم في دوائر العقوبات الدولية، ويعرضون السودان لحصار دبلوماسي واقتصادي آخر.
وتابع قائلا: إن العسكريين سيعكسون صورتهم الحقيقية، بأنهم وجه آخر للنظام السابق واعداء الثورة السودانية.
ويرى يحي إن من الإجراءات، فإن المجلس العسكري الانتقالي، لا يمثل سلطة شرعية في السودان وليس لديه السلطة في اتخاذ قرار التسليم من عدمه الا بعد تشكيل السلطة التي يرتضي بها الشعب السوداني فهناك سوف تكون تلك القرارت التي تصدر تعبر عن سلطة شرعية.
وحث يحي كل من يقم على أمر الحكومة الانتقالية، بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، لتقليل من المسؤوليات والاعباء التي قال إنها اثقلت كاهل الشعب السوداني، والتي اعتبرها نتاج لسياسات رعناء لا تخدم الشعب السوداني في شيء.
وتساءل قائلا: لماذا لا نسلم البشير الجنائية ليبرئ نفسه حيث تتوفر له كل فرص العدالة والانصاف هناك؟
المعايير الدولية
ومن جهته قال المدافع عن حقوق الانسان وعضو هيئة محماي دارفور، صالح محمود المحامي لـ (صوت الهامش) إن العسكريين أعلنوا موقفهم منذ البداية وهو عدم تسليم البشير الجنائية الدولية، مضيفا بأن الاختصاص فيما يتعلق بإجراء محاكمة البشير، يسند للمحاكم الوطنية، إذا كانت قادرة وراغبة في تطبيق العدالة وفقا المعايير الدولية للمحاكمة العادلة إلى جانب توفر الاستقلال للقضاء الوطني .
ولفت محمود أن وجود قوانين تمنع الحصانات غير الضرورية في ظل سيادة حكم القانون وفي ظروف سيادة الديموقراطية والشفافية المطلوبة.
وأكد محمود على ان تلك الشروط غير متوفرة في القضاء السوداني، وشكك في موضوعية في توفرها خلال الفترة الانتقالية بسبب ما قاله وجود أعضاء المجلس العسكري في هياكل السلطة الانتقالية التي يرى انها ستؤثر في الإجراءات القانونية ذات الصلة بالعدالة الانتقالية.
فظاعات البشير
وأشار محمود الي وقعوا جرائم انتهاكات ترقي إلى جرائم ضد الإنسانية، وهي “لا تسقط بالتقادم، ولا يجوز فيها العفو” وذلك من خلال التصدي للثوار منذ ديسمبر ٢٠١٨ بواسطة القوات الأمنية واعتبر ان المجلس العسكري هو المسئول عن جزء كبير منها.
ونبه محمود إلى أن إذا تم ربط هذه الانتهاكات بما ارتكبه البشير من فظاعات والتي كانت سببا في توجيه تهم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب؛ فإن المجلس العسكري قد يواجه تهمة عرقلة العدالة بخصوص هذه الجرائم، ويمكن ان ينطبق على أعضائه، ما انطبق علي البشير عندما رفض تسليم أحمد هارون، وعلى كوشيب
إلى المحكمة الجنائية الدولية.
اتفاقية روما
وأما المحامي عبدالحميد عبدالله فضل فقال لـ (صوت الهامش) اولا فيما يتعلق بتسليم البشير إلى الجنايات الدولية دون شك سوف يكون هنالك التزام قانوني ينشأ على الحكومة الانتقالية بشأن تسليم البشير، ما دام ان التهم التي وجهت الى البشير، هي تهم غير مخالفة لنص المادة (٥) من اتفاقية “روما” الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية.
واستدك عبد الحميد قائلا: “لكن للأسف وحسب ما نلاحظ أن إعلان الحرية والتغيير غير مهتمة بقضايا الحرب السلام وهذا ما يفهم على أنهم ربما لم يتحركوا حول التسليم وقد يعللون ذلك بأنهم غير منتخبين” بيد أن من الناحية القانونية وبناء على القانون المعاهدات السودان ملزم بتسليم البشير على العدالة الدولية.
عرضة للحصار الدولي
مسألة رفض العسكر في تسليم البشير يعود على عدم حيادية هؤلاء العسكر في القضايا الوطنية بل التصريح الذي جاء من المجلس العسكري جاء مستعجل وسابق ان أوانه كما أن المجلس ليس الجهة المنوط بالتصريح حول ذلك.
وإذا حاول الحكومة الانتقالية المضي على ذلك الطريق الذي يمضي به الآن مجلس العسكري ربما يعرض البلاد إلى حصار دولي من جديد؛ لان الجرائم الذي ارتكبها البشير متعلقة بالحقوق الخاص كما أنه متعلق بالنظام العام الدولي.
وتطالب المحكمة الجنائية الدولية بالقبض علي الرئيس السوداني عمر البشير وعدد من معاونيه في تهم تتعلق بإرتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وتهم إبادة جماعية في إقليم دارفور.